القارة السمراء.. قارتنا.. حدودنا الجغرافية.. التى نعلم عنها أقل القليل فى الثقافة والفنون.. ينظر لها العالم على أنها القارة الأقل فقرا رغم غناها الإنسانى والثقافى وحتى الاقتصادى لكنها مستنزفة. أنارت فنون العالم ولا تزال هى فى الظلام. حقل الدراسات والتوثيق فى القارة لا يزال حديث العهد نسبة إلى ما حظيت به الثقافات الأخرى من الدراسة والتوثيق وعلى رأسها الثقافات الغربية. قد يبدو الأمر للبعض أنها لا تستحق الاهتمام حيث لا يوجد بها ما يكفى ولكن فى الواقع هى أرض خصبة لن ينتهى بها البحث أبدا. أول الأسباب التى تجعل المعلومات قليلة عن القارة هو قلة الاتصال بين بلدان القارة وبين أبناء القارة والعالم الخارجى. وهو ما يتداركه جيل الشباب الحالى فى بعض البلدان الإفريقية فيقومون بتنظيم مهرجانات وملتقيات عالمية حول المسرح الإفريقى. فليس أنسب من تبادل الفنون لتداول المعلومات والقيم الإنسانية التى تقربنا جميعًا بعيدًا عن سيطرة الإعلام العالمى الذى يقوم بتثبيت صور نمطية عن العالم. من بين تلك المهرجانات هو مهرجان »كامبالا« Kampala المسرحى العالمى، بالعاصمة الأوغندية، الذى نظم دورتان عامى 2014 و2015. صاحبة فكرة تنظيم هذا المهرجان وأحد منظميه الأساسيين هى الكاتبة الأوغندية الشابة «ديبورا آسيموى» Deborah Asiimweالتى درست المسرح فى جامعة »ماركيرى« بأوغندا ثم أكملت دراستها العليا بالولايات المتحدةالأمريكية وعملت أثناء تواجدها هناك بمؤسسة »سان دانس- شرق إفريقيا« Sundance Institute East Africa التابعة لمؤسسة »سان دانس« السينمائية التى أسسها الممثل الأمريكى »روبرت ريدفورد«. »آسيموى« استغلت خبراتها فى العمل مع تلك المؤسسة وعادت إلى مسقط رأسها لتنظيم المهرجان لأهل بلدها محاولة فتح نافذة لهم على مسرح شرق إفريقيا والعالم، بمشاركة المؤسسة، وبالتعاون مع منظمات ثقافية أوغندية فى التنظيم. استضاف المهرجان فى دورتيه عروض من جنوب إفريقيا، إثيوبيا، بوروندى، رواندا، كينيا، تنزانيا، أوغندا، السنغالأمريكا، العراق، بلجيكا، كوسوفو. يحتوى المهرجان على عروض مسرحية، قراءات مسرحية، ومناقشات حول المسرح فى إفريقيا وخلق سبل لإندماج مسرحيى شرق إفريقيا معًا ومع نظرائهم المسرحيين فى العالم. تقول الكاتبة والشاعرة الكينية المخضرمة »سيتاوا ناموالى« Sitawa Namwalie - التى قدمت قراءة لمسرحيتها الجديدة »مريم السوداء« Black Maria فى المهرجان- أنها قد تعلمت كثيرا عن المسرحيين فى شرق إفريقيا وهى التى كانت تظن أنها لديها علم كبير بما يحدث نظرًا لعمرها وخبرتها، وأنها قد اكتشفت أن مسرح كل من رواندا وبوروندى يقف على حافة الخطر سياسيًا حيث هما بلدان ينعمان بأقل قدر من الحرية السياسية، وأن مسرح كل من تنزانياوأوغندا ثرى بالفنون السردية ويمتاز بحكائين مهرة، كما أنها انبهرت بأن المسرح الإثيوبى هو الأكثر تنوعًا ويحصل على دعم من الدولة يتيح للعروض أن تستمر لمدة خمسة أعوام وهو غير متاح فى كينيا على الإطلاق. كنت قد رأيت نفس الانبهار من قبل عندما استضفنا الكاتب النيجيرى »فيمى أوشوفيسان« فى مؤتمر إفريقيا فى قلب مصر الذى نظمه المركز القومى للمسرح ديسمبر 2014، تحت رئاسة الدكتور عاصم نجاتى آنذاك وبعضويتى فى اللجنة التحضيرية.