ضمنت تصريحات عدد من كبار المسؤلين الامنيين والسياسيين الألمان بعد إعتداءات بروكسل قاسما مشتركا وهو تأكيدهم وبعد عبارات التضامن والعزاء للشعب البلجيكي، انه لا يوجد ما يسمى بالأمن المطلق، فخطر الإرهاب قائم وبقوة فى المانيا ايضا رغم كل الإستعدادات الأمنية، بل واعاد بعض هؤلاء المسؤلين تكرار عبارة " المانيا محظوظة" حتى الأن لفشل الأرهابيين فى تنفيذ إعتداء بهذا الحجم فوق اراضيها إما بسبب أخطاء وقعوا فيها او بسبب إحباط الأجهزة الأمنية لهذه المخططات قبل وقوعها والتى تقدر ب13 إعتداء على الأقل كما صرح من قبل رئيس جهاز حماية الدستور الالمانى هانز جيورج ماسن. وكان اخر هذه الإعتدءات التى تم إحباطها مخطط لخلية من الجهاديين المنتمين لداعش لتنفيذ تفجير فى العاصمة برلين يقودها جزائرى دخل البلاد كلاجيء سورى وتضم ايضا جهاديين على علاقة بخلايا بروكسل النائمة كما اكد الإدعاء العام فى برلين فى الشهر الماضي. ويؤكد خبيرا الإرهاب جيدو شتاينبرج وميشائيل لودرز أن تنظيم داعش يستهدف المانيا وبالتحديد عاصمتها برلين حيث ان تنفيذ إعتداء فى قلب اوروبا السياسى سيمثل ضربة قاسمة بعد إعتداء بروكسل فضلا عن أن تنفيذ إعتداء فى برلين الشهيرة بتعددها الثقافى وجاليتها العربية والتركية والإسلامية سيحقق الإنقسام المطلوب فى المجتمع الألمانى وربما يدفع عددا كبيرا من الشباب المسلم للتطرف كرد فعل للعداء المتزايد ضد المسلمين فى المجتمع الالماني. ولذلك ورغم كل الإستعدادات الأمنية التى تم اتخاذها بدأ خبراء الإرهاب الألمان بعد تفجيرات بروكسل فى تحديث فورى لتقارير المتابعة الامنية لاخطر المتطرفين المتشددين الإسلاميين المتواجدين حاليا فى المانياوالمقدر عددهم بحوالى اربعمائة شخص يصنفهم الأمن الداخلى الألمانى بالخطرين الذين يمكن أن ينفذوا إعتداءات إرهابية منهم 65 فى برلين وحدها. واغلبهم من العائدين من سوريا والعراق بعد مشاركتهم فى صفوف تنظيم داعش. فهؤلاء الإرهابيون الذين نشأوا فى المجتمع الألمانى ويحملون جنسيته ويتحدثون لغته يمثلون الخطر الأكبر على امن المانيا كما كشفت إعتدءات بروكسل وقبلها باريس، ويليهم الجهاديون الذين قد يتسللون ضمن وفود اللاجئين. غير ان هناك عقبات بيروقراطية خطيرة تعرقل الجهود الاوروبية المشتركة لمحاربة الإرهابيين على الاراضى الأوروبية كما يقول فولفجانج بوسباخ السياسى البارز فى حزب ميركل المسيحى الديموقراطى والمسئول عن ملف الأمن الداخلي. ويشير بوسباخ إلى فشل التنسيق الأمنى والإستخباراتى الأوروبى المشترك فى إحباط اعتداءات باريسوبروكسل. ويقول ان المانيا نجحت بصعوبة فى تحقيق هذا التنسيق الأمنى بين اجهزة استخباراتها المختلفة فى ست عشرة ولاية المانية واصبح الآن لديها مركز لمكافحة الأرهاب فى برلين ينسق كل المعلومات وطنيا. غير ان هذا التنسيق ضعيف على المستوى الأوروبى وخاصة تبادل المعلومات حول الجهاديين "الخطرين" بل انه لا يوجد حتى تعريف اوروبى موحد لهذا التصنيف، والمشكلة هى فى رفض الأجهزة الأمنية والاستخبارات فى دول الإتحاد اى تقليص لصلاحيتها حتى لو كان ذلك فى صالح اوروبا الموحدة. مشكلة اخرى تتمثل فى قوانين حماية البيانات الشخصية وهى مشددة فى المانيا مثلا بحيث توجد معارضة قوية من الرأى العام لتخزين البيانات الشخصية الخاصة بالإتصالات او السفر او التعاملات المصرفية وحتى نشر الكاميرات فى المناطق العامة والشوارع فى حين ان كل هذه البيانات حيوية فى تتبع هؤلاء الخطرين الذين يهددون قيم الحرية فى اوروبا اكثر مما يهددها تخزين وتبادل هذه البيانات الشخصية للمواطنين. واخيرا يشير بوسباخ إلى ان دول الشنجن تخلت عن مراقبة حدودها الداخلية مقابل تأمين كامل لحدود اوروبا الخارجية ولكن هذا لم يحدث وكشفت ازمة اللاجئين عن هشاشة نظامنا الأمنى على الحدود الخارجية. ويحذر بوسباخ من ان الوقت قد يكون متأخرا الأن بعد ان دخلت ألمانيا أعداد هائلة من اللاجئين بدون هوية شخصية ولا نعرف عنهم شيئا كما يقول. واشعلت تصريحات بوسباخ جدلا سياسيا من جديد حول وقف العمل بإتفاقية شنجن ومراقبة الحدود الألمانية مع دول الجوار من جديد.