مع الانتخابات الأولية الجارية حاليا فى الولاياتالمتحدة بدأت صورة السباق الانتخابى الرئاسى المنتظر فى نوفمبر المقبل تتضح أكثر فأكثر. تقدم «دونالد ترامب «كمرشح جمهورى و«هيلارى كلينتون» كمرشحة ديمقراطية !!. وإن كان تقدم الملياردير «دونالد ترامب» كمرشح جمهورى رغم عدم رضا قيادات الحزب بشكل عام صار أمرا مقلقا ومثيرا للجدل والنقاش الحاد والعديد من علامات الاستفهام والاستنكار حول الحزب الجمهورى ومؤتمره العام واختيار مرشحه فى الانتخابات الرئاسية. لم يعد سرا أن الحديث عن مصير المرشح الجمهورى «ترامب» لم يتوقف ولا يتوقع أحد بأنه سوف يتوقف فى الأيام والأسابيع القليلة المقبلة. فقضية المرشح الملياردير «دونالد ترامب» أو بتعبير آخر مسألة كونه مرشح الحزب الجمهورى (رغم ما حققه من انتصارات فى الانتخابات الأولية) لم تحسم بعد!. الحزب ذاته حسب ما تم الحديث عنه سرا وعلنا بين «أهل واشنطن» لا يقبل ولا يريد أن يتقبل (كما يبدو) تفوق «ترامب» وتقدمه فى السباق الانتخابى ومن هنا تطرح التساؤلات ويحتد النقاش حول سيناريوهات المرحلة المقبلة بالنسبة للحزب الجمهورى وترشيحه للانتخابات الرئاسية. ولا شك ان هناك اجتهادات مختلفة فيما يخص معالجة أمر «ترامب» والوقوف مع المرشحين الآخرين «تيد كروز» أو»ماركو روبيو» تحديدا بضخ أموال هائلة فى محاولة لكسب الجولات المتبقية من الانتخابات الأولوية فى الأيام القادمة.نعم يوجد شبه اجماع لدى «المؤسسة الجمهورية» (أهل القرار بالحزب) أن «ترامب» لا يجب أن يكون «مرشح الحزب». ولذا المتوقع من الآن فصاعدا أن تشهد الساحة الانتخابية ألعابا وألاعيب سياسية مليئة بالمفاجأت والصفقات والمؤامرات من أجل تغيير المشهد القائم أو محاولة «تحسينه» أو «التقليل من اكتساح ترامب».بعض القيادات السياسية والاعلامية للحزب الجمهورى ( مثل السناتور جون ماكين وأيضا بيل كريستول وجورج ويل..) لم يترددوا فى الانتقاد وبشدة لما أحدثه «ترامب» من انشقاق فى صفوف الحزب و»تقزيم» لتاريخ الجمهوريين فى البلاد و»تشويه» لمكانة الحزب وسمعته لدى أنصار الحزب ومؤيديه وأيضا لدى الشعب الأمريكى بشكل عام. كما يتوقع أن تشهد الأيام المقبلة المزيد من الهجوم الاعلامى والسياسى على «ترامب» من جانب الشخصيات العامة من الحزب الجمهورى . شبكة «فوكس نيوز» التليفزيونية الواسعة الانتشار وصحيفة «وول ستريت جورنال» ذات النفوذ الكبير والاثنتان عادة لهما خط جمهورى محافظ وجهتا انتقادات شديدة اللهجة ل«ترامب» وما آلت اليه العملية الانتخابية من تدن وانحطاط بسببه وأيضا بسبب تردد الحزب (حسب قولهم) فى طرح البديل أو الاطاحة ب«ترامب» واخراجه من حلبة المنافسة. والجدل المثار داخل صفوف الحزب وقياداته على وجه التحديد هو أمر لا مثيل له (كما شدد البعض من رموزه السياسيين) والأخطر أنه لا يمكن استقراء عواقبه. ولم يتردد أغلب المراقبين السياسيين فى وصف ما يحدث بأنه «حرب أهلية» تدور داخل الحزب لأن التسليم بترشيح «ترامب» أو حسب قول البعض تسليم توجه الحزب وتاريخه ل»ترامب» فيه مساس بمصداقية الحزب وسمعته ويعد هزيمة منكرة ..واعلان مبكر ب»انتصار هيلاري». وإن كانت «هيلاري» وهى تتقدم ك «المرشحة الديمقراطية» لا تجد بالتأكيد طريقا مفروشا بالورود بل انتقادات حادة من السناتور «بيرنى ساندرز» بخصوص تاريخها السياسى وحصولها على أموال لوبى «وول ستريت» لتنفيذ أهداف أصحاب المال والنفوذ. كما أن ما ذكره «ترامب» حول استخدام أدوات ووسائل التعذيب ( حتى لو كانت غير قانونية) فى استجواب المتهمين فى قضايا الارهاب أثار جدلا كبيرا . خصوصا أنه شدد على أن القيادات العسكرية عليها أن تنفذ أوامره فى هذا الصدد. رد الفعل السريع والحاسم الأتى من قيادات البنتاجون دفع «ترامب» للتراجع أو تصحيح وتوضيح ما قاله وما أثاره فى هذا الأمر الشائك. التراجعات المتكررة من جانب «ترامب» فى الأيام الأخيرة لفتت انتباه المراقبين وحثتهم أكثر لانتقاده والتساؤل حول جديته فى معالجة القضايا المطروحة. «ترامب» من جانبه فسر وبرر مواقفه المتقلبة ذاكرا «انها مرونة منه». ولا شك أن التعامل مع طرح القضايا بمنطق ومفهوم إثارة الخوف والغضب .. وأيضا اظهار عدم الثقة فى الحكومة وفى الأجهزة الرسمية وقدرتها أو فلنقل رغبتها فى مواجهة المشكلات والعمل على حلها كانت عوامل ساعدت على «اكتساح ترامب». إن تعاملاته مع العالم الخارجى وقضاياه يوصف هنا ب«كارثية» .. «أنها عار لنا جميعا». أغلب من كانوا مع الرئيس بوش الإبن أو «بوش الأب» حذروا من عواقب مجئ «ترامب» على علاقات أمريكا الخارجية وأصدروا بيانا عاما بهذا الشأن. لم يتم الاعلان بعد عن أسماء فريق مستشاريه أو مساعديه من خبراء الشئون الخارجية. «ترامب» ذكر اسم «ريتشارد هاس» رئيس مجلس العلاقات الخارجية. وسائل الإعلام الأمريكية ومنها الصحف الكبرى حرصت فى الفترة الأخيرة على تقديم تقارير موسعة عن ردود الأفعال العالمية فى دول تعد صديقة لأمريكا مثل بريطانيا وألمانيا واليابان والمكسيك فى حالة مجئ «ترامب» وأيضا عواقب تواجده على العلاقات الدولية بشكل عام. ربما تتضح الرؤية أكثر مع الانتخابات الأولية الجارية فى الأيام المقبلة الا أن «البديل» المرتقب أو المنتظر ل«ترامب» مازال حلما أو هاجسا يطارد قيادات الحزب. السؤال المطروح هل يمكن وقف تقدم «ترامب» أو «تلجيمه» بشكل أو آخر؟ .وأيضا فى المقابل هناك هاجس للجانب الآخر.. هل سيتم توجيه الاتهامات ل «كلينتون» بخصوص انتهاكها للقانون وذلك عن طريق استعمالها للبريد الالكترونى الخاص بها فى المراسلات الرسمية التى كانت يجب أن تكون سرية؟! وماذا اذا اشتد الجدل عن ما فعلته فى ليبيا وعن «خبرتها» فى التعامل مع ملفات الشرق الأوسط ومناطق أخري.