تتنوع التعديات على أملاك الدولة وأصولها الثابتة خاصة الأراضى ، فهناك تعديات على أراض سكنية وزراعية وبحيرات ومنشآت تابعة للدولة من المافيا وعصابات الأراضى واغتصاب حيازات تحت غطاء قانونى بمساعدة مسئولين تنفيذيين ونافذين بالدولة وأخرى بمعاونة موظفين فاسدين بهيئات ومؤسسات الدولة بتزوير أوراق ومستندات رسمية وعلى رأسها الشهر العقارى وهيئة المساحة لتمهيد الطرق غير المشروعة أمام عصابات الأراضى الاستيلاء على مساحات كبيرة بأوراق مزورة تضفى عليها الشرعية القانونية وبموجبها تحصل على أحكام قضائية لمصلتحها وتتحول أراضى الدولة لسوق من السماسرة للمضاربة عليها بين المافيا لنهبها فى ظل غياب مبدأ عقاب الفاسدين . وفى كثير من الأحيان عجزت الأجهزة الرقابية عن ملاحقة المافيا لانتشارها ومساندتها من الفاسدين بالأجهزة الحكومية .. والإسكندرية نظراً لارتفاع أسعار الأراضى بها تعد نموذجاً صارخاً فى التعديات على أراضيها أو تخصيصها من الفاسدين بالأمر المباشر للمافيا بأسعار لا تمثل 1% من قيمتها الحقيقية ،وقد رصدت »تحقيقات الأهرام« تعديات على أملاك أميرية وأوقاف وإصلاح زراعى وأخرى على كورنيش المدينة وكلها معلومة وأمام أعين المسئولين فمنهم من تصدى لها وآخرون تركوها وألقوا باللوم على بعض الأجهزة المنوط بها إزالة التعديات، ولكن لايزال الأمل يراود بعض الشرفاء فى استرداد حقوق الدولة المنهوبة من الأراضى خاصة بعد تعيين المهندس محمد عبدالظاهر محافظاً للثغر. بلطجة بالنفوذ بداية يؤكد المستشار حسنى السلامونى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس نادى قضاة مجلس الدولة بالإسكندرية ،أن المحافظة خصصت لنادى مجلس الدولة نحو 1500متر بمنطقة سابا باشا بطريق الكورنيش الخاصة بالنوادى البحرية ، وتم سداد مبلغ 125ألف جنيه »القسط الأول« ولكننا فوجئنا بأن نادى نقابة المهندسين يستولى على الأرض المخصصة لنا ، وكذلك أرض كل من ناديي الصيادلة وأعضاء هيئة التدريس التي تصل مساحتها الى 3 آلاف متر ، وقام نادى مجلس الدولة بتحريك دعوى قضائية فصدر الحكم لمصلحتنا وتسلمنا الأرض ،ولكن نادى المهندسين يقف عائقاً فى بناء نادينا حيث أنه يقوم حالياً بإرسال إنذارات للجهات المتعاقدة معنا لتنفيذ الإنشاءات ومنها كلية الهندسة يبلغها بإن الأرض عليها نزاع قضائى لوقف التعامل وتحذير المهندسين المتعاملين معنا بشطبهم من النقابة ، كما يقوم نادى المهندسين باستغلال الأرض المخصصة له و المستولى عليها عنوةً من الصيادلة وأعضاء التدريس فى أنشطة تجارية مخالفة لشروط التخصيص ، كما أنهم لم يسددوا مستحقات الدولة التى وصلت لأكثر من 140مليون جنيه مديونيات مقابل حق انتفاع ، وقد صدر حكم مؤخراً لمصلحة الصيادلة بتنفيذ قرار إزالة تعديات المهندسين ، فلا توجد حجة أخرى الآن لدى المحافظة فى تنفيذ قرار الإزالة ، مؤكداً أن المهندس محمد عبدالظاهر محافظ الإسكندرية خلال الأسبوع الماضى أزال التعديات على طريق الكورنيش التى كانت تحجب الرؤية وفى انتظار إزالة التعديات على أراضى الغير ، والأندية المستولى على أرضها متخوفة لكون المحافظ عضواً فى نقابة المهندسين ، مشيراً إلى أنه لو تم تحصيل مستحقات المحافظة من نادى المهندسين والأندية الأخرى فسُتحل مشكلة العشوائيات فى الثغر. الأوقاف مباحة أما المحامى طارق محمود أمين ائتلاف دعم »صندوق تحيا مصر« الذى تصدى قانونياً لمحاولات كثيرة لعصابات الاستيلاء على أراضى الدولة، فيؤكد أن التعديات على أملاك الدولة وأصولها الثابتة تصل قيمتها إلى مئات المليارات من الجنيهات وللأسف الشديد أن90% من التعديات يتم بمعاونة فاسدين بأجهزة الدولة وعلى رأسها قيادات بهيئة التنمية الزراعية والشهر العقارى والمساحة يعاونون مافيا الأراضى فى الاستيلاء على مساحات كبيرة تقع داخل كردونات المدن ، ضارباً مثالاً أنه بعد إحباط استيلاء عصابات الأراضى على أكثر من 180 فداناً »بأرض كارفور« يصل ثمنها إلى 12 مليار جنيه بأوراق مزورة كشفتها صحيفة »الأهرام« وأبطلت المخطط وتم تحويل المزورين للنيابة والقبض على الموظفين الفاسدين وحبسهم ، وبعدها قامت هيئة التنمية الزراعية بالتعاون مع المركز الوطنى لاستخدامات أراضى الدولة وبعض المسئولين بمجلس الوزراء ببيع 150 فداناً فى شهر مارس الماضى لخمسة أشخاص من القاهرة والجيزة بسعر المتر 50 جنيهاً - أى 32 مليوناً - بينما وصل سعر المتر فى المزاد الذى أقامته الإسكندرية منذ ثلاثة أعوام إلى 15ألف جنيه ، وكذلك كشفت »الأهرام« عن المخطط فقام مجلس الوزراء والهيئة العامة للتخطيط العمرانى بوزارة الإسكان ومحافظة الإسكندرية بإعداد تخطيط على مساحة 355 فداناً خلف كارفور لإنشاء 18 مشروعاً عليها حيث حددت المحافظة الحد الأدنى لسعر المتر المرفق 13,5ألف جنيه وبالفعل تم الإعلان عن مطور رئيسى فى مناقصة علنية لهذه المشروعات التى كانت ستدر دخلاً يقدر بنحو 17 مليار جنيه عن طريق كبار بعض المستثمرين الخليجيين ، ولكن بعد رحيل المسيرى الذى كان متبنياً المشروع توقف ، والطامة الكبرى حالياً معاودة مافيا الأراضى الكرة من جديد لاغتصاب مساحة 150 فداناً بعقود من التنمية الزراعية بسعر المتر أيضاً 50 جنيها وقد سددوا مبلغ 810آلاف جنيه لهيئة المساحة لاستخراج كشف تحديد مساحى لتسجيل الأرض فى الشهر العقارى، ومسئولو الإسكندرية لا يعيرون اهتماماً وجهاز حماية أملاك الدولة يقبع فى غيبوبة بقصد أو دون قصد . وأكد طارق محمود أن الكارثة أيضاً تكمن فى أن مجموعة كونوا شركة خاصة لاستصلاح الأراضى ويشرعون فى الاستيلاء على مساحة 6آلاف و700 فدان ببحيرة مريوط عند مصرف حارس تقع ما بين محافظتى الإسكندريةوالبحيرة لردمها وبيعها ، حيث أنهم ذهبوا لهيئة المساحة مطالبين بالانتقال على الطبيعة لتحديد موقع القطعة وتبعيتها ، ولكن هيئة المساحة طلبت من الشركة موافقة المحافظتين وبالفعل حصلت على موافقة محافظة البحيرة التى تؤكد أن الأرض ملكها وحسب السجلات تتبعها إدارياً وتريد بيعها، ولكن هيئة الثروة السمكية بالإسكندرية التى تشرف عليها رفضت الموافقة على طلبهم وحررت لهم محاضر فى قسم شرطة محرم بك وتمت إحالتهم للنيابة عندما شرعوا فى الردم ويحاولون منذ أسبوع الاستيلاء على المساحة بمساعدة الفاسدين بدمنهور مع أن القوانين تمنع تجفيف البحيرات أو ردمها ، وأشار إلى أن الإدارة المركزية للمساحة بغرب الدلتا أيضاً فى 18 مايو عام 2013 قامت بالرفع المساحى لمساحة 3آلاف و600 فدان طبقاً للعقد رقم 35800/1920 الخاص بوزارة الأوقاف بتفتيش المنتزه بالإسكندرية بأحواض البرنس واللومانية والهلالية وبالفعل تم تطبيق نحو 2900فدان تتبع الأوقاف وتعذر تطبيق مسطح نحو 446 فداناً بناحية السيوف والمندرة والرمل - والتى قدرت قيمتها بنحو 40 مليار جنيه لكونها أراضٍي سكنية فى أرقى مواقع الإسكندرية - لعدم وجود بيانات مساحية كافية لرفع المسطح تعمد الفاسدون بهيئة الأوقاف عدم مد المساحة بالعقود والمستندات لزوم البيزنس لبيعها لحساب منعدمى الضمير ، وبعد الرفع المساحى امتنعوا عن تسديد مصاريف الرفع حتى تكون الأرض معرضةً للاغتصاب لمن يدفع أكثر للفاسدين وأصبحت أراضى الدولة مباحة للعصابات والفاسدين بأجهزة الدولة المتنوعة دون رادع أو وازع من الضمير . رأس الفساد وتؤكد الدكتورة هدى مصطفى رئيس جهاز شئون البيئة بالإسكندرية ،أن شركة لاستصلاح الأراضى يمتلكها أحد الأفراد من البحيرة أحضرت معدات فى شهر مايو الماضى وشرعت فى ردم »حوض 5« أنقى مياه البحيرة وأسماكها الذى تصل مساحته إلى 6700فدان بناءً على تصريح من مديرية الإصلاح الزراعى بمحافظة البحيرة التى خصصت له المساحة بالرغم أن القائمين على الإصلاح الزراعى يعلمون جيداً أنه ليس لهم ولاية على البحيرة وأيضاً القانون يمنع أى جهة مهما كانت أن تخصص أو تبيع أراضى بالبحيرات ، وقد تصدينا ومعنا الثروة السمكية والصيادون بالبحيرة وأبلغنا المنطقة الشمالية العسكرية والشرطة والمسطحات المائية وتم القبض على صاحب الشركة ومن معه وتحويلهم لنيابة محرم بك . وأشارت إلى أنها أبلغت الدكتور خالد فهمى وزير البيئة لمخاطبة وزير الزراعة واستصلاح الأراضى ليكون على علم بما يقوم به الاصلاح الزراعى بالبحيرة من تجاوزات غريبة ، مؤضحة أن صاحب الشركة المشكوك فى أمرها معه أوراق قديمة يرجع تاريخها لعام 1972 ، ولحبك عمليات النصب قام صاحب الشركة بتحرير محضر للثروة السمكية !! وتطالب الدكتورة هدى مصطفى بتطبيق مبدأ العقاب على الموظف الحكومى الفاسد لمنع تكرار ذلك متعهدةً بأن أحداً مهما كان لا يستطيع ردم شبر واحد من مياه البحيرة . ويؤكد محمد الفار نقيب صيادى البحيرة أن صاحب الشركة يحاول التنكيل بالصيادين وتهديدهم وقد حرروا محاضر ضده ، و أن الثروة السمكية فوضت أحد الصيادين كبار السن بمراقبة الحوض وإبلاغهم عن أي حالات تعد ، فقامت شركة الاستصلاح بتحرير محضر ضد الصياد اتهمته بتكسير وسرقة مكتب خاص بالشركة وبالفعل تم القبض عليه وحبسه ! بيزنس الكبار ويؤكد شاكر النجار رئيس لجنة الاستثمار بمجلس محلى الإسكندرية السابق ، أن الاستيلاء والتعديات على أراضى الدولة له وجوه وطرق متعددة فانه تحت مسمى الاستثمارحدثت تجاوزات ومخالفات جسيمة لا يمكن أن تحدث فى دولة يحكمها القانون ، فقد خصص مسئولون فى الإسكندرية آلاف الأفدنة بأسعار زهيدة لمافيا الأراضى وذلك فى الفترة ما بين أعوام 97 وحتى 2005 ضارباً مثالاً بمنطقة أم زغيو ومرغم حيث كانت تحدد لجان التسعير سعر المتر بمبلغ 350 جنيهاً ولكن المحافظ الأسبق كان يمنحه بعشرين جنيهاً للمقربين برغم اعتراض اللجان المختصة ، موضحاً أن »الاهرام » تناولت تجاوزات المسئولين فى تخصيص أراضى غرب المدينة ، فأمر الرئيس عبدالفتاح السيسى بناءً على ما تم نشره بتكليف الجهات الرقابية التى أكدت صحة الوقائع وصدق الرئيس على توصيات الرقابة الإدارية وكلف مجلس الوزراء بحصر هذه المساحات لاسترداد حق الدولة المنهوب فى تخصيص الأراضى . وأكد شاكر النجار أن أراضى غرب الإسكندرية تشهد تعديات كثيرة ، حيث أن المسطح المائى للملاحات بمنطقة أم زغيو يشهد تعديات من تجار الأخشاب ومافيا الأراضى وصلت إلى 20 حالة تستولى على أكثر من 500 فدان حسب تقرير جهاز حماية أملاك الدولة .