يعد الحبس الاحتياطي من أخطر اجراءات التحقيق الابتدائي، لأنه يعتبر اعتداء علي حرية المتهم دون حكم قضائي، لذا اتجهت العديد من التشريعات ومنها المصرية إلي محاولة التخفيف من هذه الخطورة رغبة في المواءمة بين مصلحة التحقيق وحماية مقتضيات قرينة الأصل في الإنسان وهي البراءة. أعد العميد دكتور بدر الديب رسالة هي الأولي من نوعها لنيل درجة الدكتوراه في بدائل الحبس الاحتياطي، تناولت دور الشرطة في تنفيذها في إطار من المقارنة بين القانون المصري وغيره من القوانين، وتضمنت بدائل من شأنها التحفيف علي المتهم لحين ثبوت التهمة عليه نظرا لوجود سلبيات تكتنف الحبس الاحتياطي وما يحيط به من مشكلات عميقة وخطورته علي المجتمع. وخلصت الدراسة إلي عدة توصيات ونتائج أهمها: إن الحبس الاحتياطي يجب النظر إليه أنه شر لابد منه، لأن البدائل قد ينظر إليها علي أنها استثناء لا يجوز اللجوء إليها إلا في حالات نادرة وهذه الفلسفة هي التي كانت تحكم العديد من التشريعات العربية. وتتفق القوانين المقارنة مع القانون المصري في وجود بدائل تقليدية للحبس الاحتياطي غير انها استطاعت تحديث بدائله، والتي كان أهمها الاعتماد علي المراقبة الالكترونية عن طريق الاسورة الالكترونية وغيرها وهو ما يميز التشريع الأجنبي عن نظيره العربي. إن البديل الالكتروني الذي نص عليه المشرع الفرنسي والأمريكي والإنجليزي لتنفيذ الحبس الاحتياطي يحول منزل المتهم إلي سجن خاص مراقب إلكترونيا مع السماح له بممارسة حياته الطبيعية، وشروطها هي نفس شروط الحبس الاحتياطي وتنقضي بانقضائه، ويحتاج النظام القضائي المصري إلي سرعة تطوير التشريعات بحيث يمكن استغلال التكنولوجيا الحديثة لضمان تنفيذ بدائل الحبس بشكل جيد، فأهداف الحبس الاحتياطي لا تتناسب من حيث الأهمية مع آثاره السيئة، كما أنه من الممكن تحقيق أهدافه عن طريق بدائله من عدم مبارحة المتهم مسكنه وتردده علي أقسام الشرطة في أوقات محددة والمنع من السفر وغيرها. ضرورة سرعة إعداد مشروع بقانون لتحديد المدة التي يخضع فيها المتهم لأحد تلك التدابير ومدي امكانية خصم تلك المدة من مدة عقوبته، وآخر يوجب خصم مدة التدبير البديل للحبس الاحتياطي من مدة العقوبة المحكوم بها علي المتهم مع إلزامه بألا يبارح مسكنه أو موطنه، وثالث اعتبار المراقبة الالكترونية أحد التدابير البديلة للحبس الاحتياطي، ورابع بقانون خاص بتنظيم استحقاق التعويض المادي عن الحبس الاحتياطي. بالإضافة إلي إجراء حوارات مع العاملين بالمؤسستين القضائية والشرطية لطرح البدائل الممكنة والمناسبة للأوضاع الاجتماعية والثقافية والدينية والسياسية للمجتمع، وتهيئة المجتمع لتقبل نظام الوضع تحت المراقبة الالكترونية وبيان فوائده، وأن يتم إضافة وظيفة لإدارة تنفيذ الأحكام لمتابعة تنفيذ بدائل الحبس الاحتياطي. يجب أن تكون خطورة الجاني المراد تطبيق إحدي البدائل عليه في أدني درجاتها وهو شرط أساس تنص عليه معظم التشريعات، وأنه لابد من موافقة المتهم قبل اتخاذ قرار إحدي البدائل وخاصة عدم مبارحة المسكن وهناك شروط وقواعد تضعها التشريعات العقابية لصحة هذا الرضاء، ففي إنجلترا وويلز يستلزم المشرع ضرورة حضور الجاني في الجلسة وموافقته كتابة علي تلك العقوبة قبل الحكم بها أما التشريع الفرنسي فقد وضع شرطا آخر لتلك الموافقة وهو أن تكون تلك الموافقة في حضور محام عن المتهم، وضرورة التوسع في استعمال بدائل الحبس الاحتياطي واستكمال المشرع الجنائي سيرته نحو التخلص من عيوب الحبس الاحتياطي والتوسع في التعويض عنه والأخذ بالتعويض المادي.