أبعث بهذه الرسالة عبر بريد الأهرام إلي المتكالبين علي منصب الكرسي الباباوي باستماتة, وقد نسوا اللحظة التي تمت فيها تلاوة صلوات الموتي عليهم في الدير عندما انخرطوا في سلك الرهبنة كنذر اختياري ليحيوا بعد ذلك في حياة الصلاة, والصوم, والزهد في المناصب, وعدم محبة المال, ورفض المديح, وحياة البذل, والفقر الاختياري, والمحبة بلا رياء, والشجاعة في المجاهرة بالحق, وفوق ذلك كله الطاعة الكاملة لتعاليم الكتاب المقدس, وقوانين الكنيسة, وأقول: حدث في عام 1969 أن تنيح (توفي) مطران الدقهلية في شيخوخة صالحة, وهو الأنبا تيموثاؤس, وفي ذلك الوقت كان البابا البطريرك هو الأنبا كيرلس السادس (1959 1971) البطريرك116, ونظرا لاتساع إيبارشية الدقهلية فقد قام بتقسيمها إلي إيبارشيتين هما إيبراشية المنصورة, وإيبارشية دمياط بغرض زيادة التركيز في العمل الرعوي, والاهتمام بكل نفس, واختار لكل إيبارشية منهما أحد الآباء الرهبان, كما هو معمول به في قوانين الكنسية, والأب الراهب الذي اختاره ليكون أسقفا علي دمياط كان يعمل في سكرتارية البابا, فما إن نما إلي علمه ذلك الاختيار, حتي قام واستقل سيارته ال فيت الخاصة به, وقادها بنفسه وهرب إلي دير السريان ورفض العودة, وأمام رغبته هذه احترم البابا كيرلس إرادته واختار أحد الآباء الرهبان الآخرين من دير القديس أنبا مقار من تلاميذ الأب متي المسكين وأقامه أسقفا علي دمياط في 21 ديسمبر. 1969 وسعت الصحف والمجلات ورجال الإعلام إلي ذلك الراهب الذي هرب بإصرار من هذا المنصب, في الوقت الذي يسعي فيه الكثيرون إليه, فقال كلمته البليغة التالية: نفسي التي أعرف كل أسرارها, والتي أعرف طريقة تقويمها, وإذا لمتها لا تحزن مني, نفسي هذه أتعبتني في طريق الخلاص, فكم بالحري آلاف النفوس التي يمكن أن أكون مسئولا عنها؟. هذه كلمة سجلها راهب تقي وقديس في أواخر ستينيات القرن العشرين, إدراكا منه لخطورة المسئولية, وإصرارا علي التمسك بالحياة الرهبانية التي تكرس لها, فيا من تهرولون بدون قيادة الروح إلي المناصب الزائلة, وتتشاجرون علي الكراسي الرئاسية, ألا تدركون خطورة ما تقومون به من انقسام في الكنيسة, كما يقول القديس يوحنا ذهبي الفم: من يقوم بتقسيم الكنيسة أخطر ممن ينكر الإيمان, فالذي ينكر الإيمان يؤذي نفسه, أما من يتسبب في انقسام الكنيسة فيؤذي الكنيسة كلها, لا تخالفوا القوانين الكنسية, وجاهروا بكلمة الحق بشجاعة, ولا تنسوا القديس يوحنا المعمدان( النبي يحيي) الذي آثر أن يكون بلا رأس علي أن يحيا بلا ضمير. د. مينا بديع عبدالملك - أستاذ الرياضيات بهندسة الإسكندرية