قبل أن نبدأ البكاء علي الاطلال جملة تحذيرية وضعها مؤلف كتابالأقصي ينهار أعلي غلاف كتابه, ليطلق صرخة استغاثة من الهجمة الشرسة التي يتعرض لها المسجد الأقصي هذه الأيام. والتي يراها تتعدي مجرد كونها نزعة استعمارية يمكن أن ترتدع وينتهي أمرها إلي زوال, كما حدث مع الامبراطوريات الاستعمارية خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. فهي لا تستند فقط إلي غطرسة القوة العسكرية والسياسية والاقتصادية التي استجمعتها الصهيونية العالمية عبر أكثر من قرن وتحالفها مع الماسونية الصهيونية, بل إنهاء تستند إلي رصيد هائل من المزاعم العقائدية والتصورات الدينية الخاطئة. ويري الكاتب أن خطورة الموقف تكمن في اقتران الإيمان الراسخ بالقوة الغاشمة, فالإيمان بعقيدة أو فكرة حتي لو كانت خاطئة يدفع صاحبها إلي تنفيذها بلا رحمة متي اتيحت له الفرصة أو امتلك القوة التي تمكنه من ذلك. وهذا ما أدركه اليهود وقاموا بتنفيذه بدأب وإصرار من خلال الحركة الصهيونية وهي التسمية التي أطلقها الكاتب الألماني اليهودي ناتان بيرنبارم لأول مرة عام1893 نسبة إلي حبل صهيون بالقدس. وتلقف هذه التسمية يهودي آخر هو الصحفي النمساوي تيودور هرتزل فوضع حجر الأساس الأول في بناء الحركة الصهيونية في كتابه الدولة اليهودية الصادر عام1894, ومنذ ذلك التاريخ ولدت الحركة الصهيونية العالمية وعقدت مؤتمرها الأول في مدينة بال بسويسرا في أغسطس1897 حيث قرروا العمل علي إقامة دولة لليهود في فلسطين واتخذوا عدة قرارات سرية كان منها بروتوكولات حكماء صهيون وهي عبارة عن مخطط صهيوني للسيطرة علي العالم. ويستعرض الكاتب أبعاد الهجمة الصهيونية الشرسة التي تهدف إلي تدمير المسجد الأقصي وبناء هيكلهم المزعوم هيكل سليمان حيث تسعي جماعات يهودية متطرفة إلي وضع هذه الأفكار موضع التنفيذ. بل إنهم اعدوا بالفعل الخرائط والرسوم الهندسية ومجسما معماريا للهيكل. وجهزوا مواد البناء بما فيها ستة آلاف حجر للبناء وقاموا بترقيمهم تمهيدا لبناء الهيكل. واحتفظوا بها في أماكن سرية لتكون جاهزة في الوقت المناسب. بل أعدوا أثوابا من الحرير الطبيعي ليرتديها الحاخامات في الهيكل. وقد وصل التعصب إلي درجة قيام جماعة أمناء الهيكل الصهيونية بوضع حجر الأساس للهيكل قرب مدخل المسجد الأقصي. وفي سبتمبر1998 عقد2000 من الحاخامات مؤتمرا ناقشوا فيه أفضل السبل للتسريع بهدم المسجد الأقصي وقبة الصخرة ومن ثم بناء الهيكل علي أنقاضها. كما كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عام1999 عن مقترح لمركز دراسات إسرائيل ببناء موقع يهودي ملاصق للحائط الجنوبي لحرم المسجد الأقصي, وطالبت بأن يأخذ هذا المقترح في الاعتبار خلال التفاوض مع الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في أثناء مباحثات كامب ديفيد الثانية. وأشار الكاتب إلي أن هناك ست حركات يمينية متطرفة داخل إسرائيل اسست صندوقا لجمع التبرعات لإقامة الهيكل وتنسق تلك الحركات عملها مع مثيلاتها خارج البلاد. ولم يقتصر الأمر علي ذلك فقد توالت محاولات نسف المسجد الأقصي كان أبرزها كشف حراس المسجد ثلاث قنابل يدوية كانت مخبأه في إحدي ثمار القرع أمام باب الأسباط عام.1984 ويدخل في نطاق التمهيد لنسف الأقصي محاولات الجماعات المتطرفة تجنيد ضباط يخدمون في سلاح الجو لكي يقوموا بقصف المسجد الأقصي في أثناء تحليقهم بطائراتهم. هذا فضلا عن محاولة احراق الأقصي علي يد سلطات الاحتلال عام.1969 كما بدأ اليهود في عمل حفريات تحت الأقصي بعد احتلالهم القدس مباشرة عام1967 بحجة جمع الآثار اليهودية في المنطقة وهي مستمرة حتي يومنا هذا وتزداد توسعا. كما يأتي إعلان إسرائيل بضم الحرم الإبراهيمي ومحيط مسجد بلال بن رباح لقائمة المواقع التراثية اليهودية عام2010 ليكشف عن مخطط إسرائيلي لابتلاع القدس بكاملها وتهويدها وليس فقط هدم الأقصي. ودعا الكاتب إلي تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني إلي مقاطعة إسرائيل وكل من يدعمها من الصهاينة حتي تتراجع عن مخططاتها التخريبية وإنشاء صندوق لتوفير الدعم المالي للحيلولة دون شراء إسرائيل للعقارات والأراضي المجاورة للأقصي بالتحايل والإنفاق علي مشاريع صيانة الأقصي وترميمه. تأليف: عبد المقصود محمد صادر عن دار سطور الجديدة