إسلام عزامتعد الازمة الاقتصادية التى تعانيها كندا حاليا جراء انخفاض سعر الدولار الكندى أمام مثيله الامريكى هى اخطر ما يواجه حكومة الليبراليين الجديدة تحت قيادة رئيس الوزراء الشاب جاستن ترودو، خاصة مع قرب انتهاء ما يطلق عليه الكنديون شهر العسل الحكومى وهى التسمية المجازية التى تطلق على الأشهر الستة الاولى لأى حكومة منتخبة جديدة، والتى عادة ما تكون مرحلة احتفالات وترحيب بالحكومة الجديدة مليئة بالتفاؤل والأمل لتحقيق الوعود الانتخابية. وقد وصل الأمر مداه الأسبوع الماضى عندما سجل الدولار الكندى 69,71 سنت أمريكي فى سابقة هى الأولى من نوعها منذ عام 2003 أن يشكل الدولار الكندى انخفاضا لأقل من 70 سنتا امام الدولار الأمريكى. على كل حال فقد ارتفع هذا الأسبوع سعر الدولار الكندى إلى 70,67 سنت أمريكي، لكنه وبالرغم من ذلك يظل فى أدنى مستوياته. وطبقا لتحليلات خبراء الاقتصاد فإن الدولار الكندى فقد 16,18% من قيمته العام الماضى (2015)، فى حين انه فى اقل من شهر واحد من العام الجديد (2016) فقد 3,52% من قيمته، مما يشكل مؤشر خطر لما تحمله الايام القادمة اقتصاديا لكندا. فطبقا لوكالة الإحصاء الكندية ارتفع معدل التضخم فى كندا إلى 1,6% فى عام 2015 . مما أدى إلى ارتفاع الأسعار فى كافة المكونات الرئيسية التى تخضع لمراقبة الوكالة ويتم من خلالها تحديد معدل التضخم. وبلغ الارتفاع الأعلى فى أسعار الأغذية بنسبة 3,7%، حيث زادت أسعار الخضر الطازجة بنسبة 13,3%. ويعود سبب تراجع الدولار الكندى أمام نظيره الأمريكى لاستمرار التراجع فى أسعار النفط الخام عالميا بالطبع، بالاضافة إلى قوة العملة الامريكية، فكندا تعد بلدا منتجا للنفط الخام بل ان صادراتها منه هى اهم اعمدة الدخل العام الكندى، حيث تعد مقاطعة البرتا الكندية هى مخزن النفط الكندى الذى يتم تصديره للخارج وتأتى الولاياتالمتحدةالأمريكية على رأس أكثر البلدان استيرادا للنفط الكندى. التغير فى أسعار النفط وسياسة إغراق السوق التى تنتهجها بعض دول الخليج العربى ربما يضع الحكومة الكندية وحكومات المقاطعات فى مآزق متعددة أمام ناخبيهم. فالمتضرر الرئيسى من ذلك هو المستهلك الكندى الذى بات عليه ان يدفع سعرا أعلى لكل ما هو مستورد من خارج كندا، لا سيما المواد الغذائية وكذا الخضر والفاكهة الطازجة التى تأتى جميعها من خارج كندا. وطبقا لتقرير معهد الغذاء بجامعة جويلف بأنتاريو فإن الأسرة الكندية الواحدة انفقت 325 دولارا إضافيا على المواد الغذائية خلال الشهر الحالى، وهو الرقم الذى يمكن ان يصل إلى 345 دولارا خلال الأشهر القادمة. كذلك فإن قطاع الرياضة الكندى يعد من أكثر المتضررين من إنخفاض قيمة العملة، حيث يتم التعاقد مع نجوم كرة السلة والهوكى والبيسبول، وهى اللعبات الأكثر شعبية فى كندا بالدولار الأمريكى وعادة ما تتجاوز هذه التعاقدات ملايين الدولارات. لكن على مستوى اخر فإن بعض القطاعات فى كندا استفادت من تراجع العملة المحلية وكان أولها قطاع تربية الأبقار، حيث بلغت قيمة صادرات كندا من لحوم الأبقار إلى الولاياتالمتحدة فقط خلال العام الماضى نحو 1٫5 مليار دولار. وكذلك قطاع المناجم، فتراجع الدولار الكندى يعوض على الشركات العاملة فى هذا القطاع بعضاً من خسائرها الناجمة عن تراجع الأسعار. فعلى سبيل المثال بيع النحاس والفحم بأسعار أمريكية يتيح للشركات أن تغطى نفقات التشغيل بالأسعار الكندية. والأمر المدهش أن تراجع العملة الكندية ساهم فى ازدهار صناعة السينما فى كندا، حيث تم رصد إقبال متزايد من استديوهات الانتاج الأمريكية على نقل بعض انشطتها السينمائية لمدن كندية مثل فانكوفر وتورونتو وكالغارى. بعد ان كان ارتفاع سعر الدولار الكندى يشكل عقبة أمام انتقال هذه الاستديوهات الى كندا. بوادر الأزمة الا قتصادية يضع تحديات عديدة أمام الحكومة الفيدرالية الكندية التى وعدت بزيادة الامتيازات لأبناء الطبقة الوسطى الكندية ولأصحاب الدخول المنخفضة، وفى نفس الوقت تشكل اجراءات دعم ومساعدة اللاجئين السوريين لكندا والذين بلغ عددهم اكثر من عشرة الاف لاجئ، عبئا إضافيا على ميزانية الحكومة وكذا حكومات المقاطعات المختلفة وخاصة أونتاريو، التى يرغب معظم اللاجئين الجدد بالاستقرار فيها . وربما لهذه الاسباب تأخر وزير المالية الجديد فى اعلان خطته للميزانية للعام وهو الأمر الذى مازال الكنديون فى إنتظاره.