ما كان يجب أن تشتعل الأزمة بين الحكومة والبرلمان, للدرجة التي يتخذ فيها البرلمان قرارا بتعليق جلساته لمدة أسبوع, احتجاجا علي عدم استقالة الحكومة, وعدم اتخاذ المجلس العسكري قرارا بإقالتها بعد أن رفض البرلمان بيان الحكومة بأغلبية كبيرة, وما كان يجب في هذا التوقيت الحرج, أن تصل الأمور الي ما وصلت إليه من صراع ومعاندة بين رئيس البرلمان الدكتور الكتاتني ورئيس الحكومة الدكتور الجنزوري, علي حساب إنجاز مهام الثورة وتحقيق مطالب الشعب. ولاشك أن حل المشكلة ليس بتعليق الجلسات, وانما بالتفاهم والتوافق, لان تعليق الجلسات يعطل مصالح الناس ويعوق المسيرة الديمقراطية, وحل المشكلة كان يجب أن يكون بعقد اجتماع ثلاثي بين المشير طنطاوي والدكتور الجنزوري والدكتور الكتاتني للوصول الي اتفاق لحل الأزمة واقناع الحكومة لتقديم بيان آخر أو الوصول الي حل يحقق المصلحة العامة في وقت يتطلب التعاون في المرحلة الراهنة بدلا من الصدام الذي يدفع ثمنه الجميع, في الوقت الذي لا نريد فيه أن يكون المجلس طاغيا أو مطيعا وانما مجلس يبتعد عن المصالح الحزبية ويحقق المصلحة العامة بالدرجة الأولي. وقد شن نواب المجلس هجوما حادا علي الحكومة واتهموها بتعمد إحراج البرلمان أمام الرأي العام حتي يفقد المواطنون الثقة في النواب, لدرجة أن البعض هدد بإغلاق أبواب البرلمان والاعتصام بميدان التحرير, لحين استقالة الجنزوري, وقد أكد الدكتور الكتاتني أن البرلمان مستقل في قراراته ولا يقبل أن يملي عليه أحد ارادته, ويرفض أن تديره الحكومة كما كان قبل الثورة, ويرفض التهديد بحل المجلس, في إشارة الي ما ذكره الجنزوري بوجود قرار لدي المحكمة الدستورية العليا بحل المجلس. وقد نفي الدكتور الجنزوري ما ذكره الدكتور الكتاتني في حديث لقناة الجزيرة من أن الجنزوري هدد خلال اجتماعه به منذ شهر ونصف في حضور الفريق سامي عنان بوجود قرار الحل في درج المحكمة الدستورية, وأكد الدكتور الجنزوري في لقائه بمجلس إدارة اتحاد العمال وبحضور وزيري القوي العاملة والمالية, أن ما تردد بهذا الصدد كلام لا يقبله أي منطق أو عقل, وأنه ينأي بنفسه عن هذا الكلام لأنه لم يحدث علي الاطلاق, وقال إن ما حدث في اللقاء الذي ضمه مع الدكتور الكتاتني والفريق سامي عنان, كان مجرد عتاب من مسئول لآخر, وقال إنه قال إن المصلحة العامة للوطن في هذه المرحلة التاريخية تستوجب الوفاق بين الحكومة والبرلمان للخروج من الأزمة التي تعيشها البلاد. وردا علي مطالبة رئيس البرلمان للحكومة بالاستقالة, قال الجنزوري إن الحكومة لن تستقيل وما يحكم بيننا هو الإعلان الدستوري, الذي لا يعطي الحق للبرلمان في سحب الثقة, وقال إنه لا يعرف سببا لهذا الأمر, خاصة أن الحكومة تبذل الكثير من الجهد للخروج بالبلاد من الأزمة الراهنة بعد أن نجحت في تخفيض حجم الانفاق الحكومي بمقدار52 مليار جنيه خلال الشهور الخمسة الماضية, وأعتقد أن الدكتور الجنزوري علي حق في استمرار أداء الحكومة, فنحن في مرحلة لا يجوز فيها الخلاف والاختلاف بين الحكومة ومجلس الشعب لدرجة أن يسود العناد بين المؤسستين وتقف المؤسستان القضائية ومؤسسة الرئاسة دون الوصول الي حل للخلاف الذي يسد الطريق أمام الخروج من المرحلة الانتقالية بسلام, ومن غير المعقول أن نصل قبل نهاية الطريق بعدة أيام, وتتعقد الأمور ولا نصل الي وضع الدستور أو الانتخابات الرئاسية, ونجد أنفسنا في حاجة الي ثورة جديدة لإنقاذ الثورة.