شنت أحزاب سياسية وقوي مجتمع مدني هجوما عنيفا علي الطريقة الديكتاتورية التي انتهجتها الأكثرية الإخوانية في مجلس الشعب, عند اتخاذ قرار تعليق جلسات المجلس اعتراضا علي عدم استقالة الحكومة. وهو القرار الذي رأي فقهاء قانونيون أنه يظهر إضطرابا برلمانيا لم يحدث في التاريخ النيابي المصري. لكن الدكتور محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة وصف قرار تعليق الجلسات بأنه أول المواقف المشرفة للبرلمان بهدف وضع الأمور في نصابها الصحيح. وشدد مرسي علي ضرورة إقالة الحكومة بالكامل التي وصفها بأنها تسير عكس اتجاه الثورة رافضا أي تعديل جزئي لها. وقال صبحي صالح القيادي بجماعة الإخوان المسلمين: إن حالة عدم الثقة الحالية بين البرلمان والحكومة تستلزم تشكيل حكومة جديدة لتسيير الأعمال, مشيرا إلي أنه ليس شرطا أن تكون هذه الحكومة من حزب الأغلبية. وكشف الدكتور عماد جاد عضو الهيئة العليا للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي عن أن الأزمة الحالية يمكن أن تتطور إلي تقديم الجنزوري استقالته وإعادة تشكيل الحكومة بعد إجراء تغييرات تشمل عدة وزراء. وأكد عصام سلطان نائب رئيس حزب الوسط وجود اتصالات مكثفة تجري حاليا بين المجلس العسكري والبرلمان لإجراء تعديل وزاري محدود خلال أيام. وأشار إلي أن مجلس الشعب سيواصل اتخاذ إجراءاته التصعيدية في حالة عدم إجراء تغيير وزاري. وأصدر حزب المصريين الأحرار بيانا وصف فيه قرار تعليق جلسات مجلس الشعب بأنه يعكس صراعا علي السلطة بين الإخوان والمجلس العسكري. وأكد أن170 نائبا في البرلمان رفضوا قرار تعليق الجلسات في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها مصر علي الصعيدين السياسي والاقتصادي. وشن الدكتور محمد أبو الغار هجوما علي طريقة الأكثرية الإخوانية في اتخاذ قرار تعليق جلسات مجلس الشعب الذي جري دون نقاش أو تصويت حقيقي للموضوع واتفاق مسبق بين نواب وقيادة حزب الحرية والعدالة وهو ما دفع أكثر من100 عضو من القوي المدنية والسلفية إلي الاعتصام بالمجلس لأكثر من3 ساعات. ووصف مجلس الشعب بأنه مجلس الكتاتني, قائلا: لم أجد فارقا بين مجلس فتحي سرور ومجلس سعد الكتاتني. ورأي عصام شعبان المتحدث الإعلامي باسم الحزب الشيوعي المصري أن القرار يأتي في إطار الصراع بين المجلس العسكري والإخوان المسلمين علي السلطة, ويكشف عن حقيقة توجه الطرفين نحو السيطرة الكاملة علي السلطة, وعدم اهتمام مجلس الشعب بقضايا الشعب. وانتقد عادل القلا رئيس حزب مصر العربي الاشتراكي الأكثرية البرلمانية, واتهمها بعدم الالتفات لمصالح الشعب وتعطيلها في وقت حرج وبالغ الحساسية, لافتا إلي أن القرار صدر بغير الطريق الصحيح وفي ظل اعتراض نواب علي الصدام مع المجلس العسكري, ورأي أن إجراء تعديل وزاري للحقائب التي كانت سببا في إحداث سلبية للشعب خلال الفترة الماضية سيكون كافيا. وأكد المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق عدم وجود نص في القانون الدستوري يسمح للبرلمان بالإضراب, مشيرا إلي أن لائحة مجلس الشعب التي شارك في إعدادها لا تجيز تعطيل الجلسات لأي سبب من الأسباب غير الحالات القهرية. وقال إن هذا الاضطراب البرلماني لم يحدث في تاريخ البرلمان المصري علي مدي تاريخه سواء في العهد الملكي أو حتي بعد إعلان الجمهورية. وأمن الدكتور السيد فودة أستاذ القانون بجامعة بنها علي رأي الجمل, مشيرا إلي أن اللائحة الداخلية لمجلس الشعب لا تمنح المجلس حق تعليق جلساته اعتراضا علي بيان الحكومة أو لعدم تنفيذ الأخيرة القوانين الصادرة عنه. وأكد الدكتور صبري السنوسي أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة أن الإعلان الدستوري يحصر صلاحيات مجلس الشعب في هذا الشأن, وفقا للمادة(33) في الرقابة علي أعمال السلطة التنفيذية, ومن ثم فلا يجوز للمجلس سحب الثقة من الحكومة, ليبقي أمر تعيين الحكومة أو إعفائها من مهامها في يد المجلس العسكري طبقا للمادة(60) من الإعلان أو رئيس الجمهورية بعد انتخابه. ورأي المستشار محمد عبدالمجيد إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة, أن العلاقة بين الحكومة ومجلس الشعب تبقي محكومة بإعمال الآليات الدستورية للرقابة المتبادلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية, مع خلو الإعلان من آلية دستورية رقابية تمكن البرلمان من سحب الثقة. لكن إسماعيل يري في الوقت نفسه أن مقتضيات الواقع تجعل من اللائق أدبيا أن تبادر الحكومة بتقديم استقالتها بعدما تم رفض بيانها المقترن بأداء غير مرض لفترة طويلة من وجهة نظر البرلمان. وقال بهاء الدين حسن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان إن الطريقة الديكتاتورية التي اتخذ بها القرار تذكرنا بأسوأ ممارسات الحزب الوطني المنحل, لافتا إلي أنه صدر دون استطلاع رأي النواب أو مناقشتهم, وهو ما سيؤثر علي مستقبل البرلمان وحيادية عملية إصدار القوانين. وأبدي نجاد البرعي رئيس المجموعة المتحدة للمحاماة والاستشارات القانونية( إحدي منظمات المجتمع المدني) استياءه من القرار غير الصائب, مشيرا إلي أن البرلمان سلطة تشريعية وليس من أعماله تعليق الجلسات أو الإضراب.