تمر اليوم الذكري الثالثة لرحيل المفكر والكاتب الصحفي الكبير سيد أبو دومة نائب رئيس تحرير الأهرام ورئيس القسم الديني الأسبق, ويعد أحد رواد الصحافة الدينية في مصر والعالم الإسلامي. يتميز بدماثة وكان الخلق والتواضع الشديد والإخلاص للدعوة الإسلامية والبحث عما هو جديد ومفيد للإسلام والمسلمين. والمؤكد أنه عند الحديث عن مسيرة صفحة الفكر الديني بالأهرام لابد أن نتوقف طويلا أمام اسم سيد أبو دومة الذي منح عمره كاملا لهذه الصفحة ممن ينتفعون بعملهم الصالح وبدعاء القراء, وقدم لها الكثير, وشهدت علي يديه طفرة غير مسبوقة في مناقشة القضايا الإسلامية بطرح العديد من القضايا للنقاش في تحقيقات صحفية حول الأزهر والأوقاف وحوارات مع شخصيات إسلامية وعربية مؤثرة, واهتم بالمشاكل التي يتعرض لها أبناء الجاليات المصرية في الخارج, وكذلك تطرق الي قضايا المرأة التي نالت نصيبا وافرا من كتاباته, سواء مدافعا عن حقوقها التي أقرها لها الإسلام, أو مطالبا اياها بأداء حقوق الأبناء والمجتمع. وجعل من عموده الشهير تأملات عابد والذي ارتبط باسمه منبرا للوعظ والإرشاد وتصحيح السلوكيات الخاطئة وإصلاح القلوب الحاقدة والحث علي اكتساب الحسنات بالسلوكيات اليومية المعتادة, فلم يتوقف عن إثارة قضايا كثيرة وإن كانت طبيعتها مختلفة عن ذي قبل, فكان يركز علي جوانب الشخصية المسلمة كما يجب أن تكون, ووجدناه حينا يخاطب قراءه بمنهج الصوفية ويتحدث عن الحب الإلهي وفضائل الذكر والدعاء ومكاشفات الأوراد, وتارة يخاطبهم في فقه العبادة وثالثة في موضوعات الحياة اليومية. وكان رحمه الله نموذجا للمسلم المستنير الذي يتخذ الوسطية منهجا في معالجة كل الأمور التي تظهر علي الساحة, كما كان رحمه الله تعالي أبا ومعلما للعديد من الأجيال التي تربت علي يديه وتعلمت الصحافة الدينية من خلال رؤيته التي كان يقدمها لكل من يعمل معه, ومازالت حتي اليوم كتابات أستاذنا الكبير سيد أبو دومة يستفيد منها كبار الكتاب والباحثون فهو بحق كان رائدا للصحافة الدينية بعلمه وفكره المستنير. وكان رحمة الله عليه يحرص علي تقليد تعود عليه, وتعود معه قراؤه علي ذلك, ألا وهو فتح باب مكتبه لمقابلة هؤلاء القراء سواء كانوا طالبين للتعارف والمناقشة حول ما يكتبه, أو طالبين مساعدته في مشكلة اجتماعية, أو الحصول علي رأي شرعي, وكان طبيعيا أن يزدحم بهم بهو الأهرام طالبين السماح لهم بالصعود لمكتبه في الدور السادس إلي أن شاء الله أن يتوقف التواصل الدنيوي عند هذا الحد ولعله سبحانه وتعالي يكتب له تواصلا أخرويا أفضل وأعلي شأنا. ونحن اذ نتذكر اليوم كاتبنا وأستاذنا الراحل سيد أبو دمة الذي, ندعو له بالرحمة والمغفرة, سائلين المولي تبارك وتعالي أن يجعل له نصيبا من حديث رسولنا الكريم اذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية, وعلم ينتفع به, ولد صالح يدعو له نحسبه كذلك ولا نزكيه علي الله فقد كان من أهل الخير وعمار المساجد, وله من الأبناء ثلاثة أحدهم الزميل حازم أبو دومة المحرر بالقسم السياسي بجريدة الأهرام, وله من التلاميذ من الصحفيين بالأهرام من تعلموا علي يديه وقادوا مسيرة الفكر الديني بجريدة الأهرام من بعده سائرين علي دربه منتفعين بعلمه, فجزاه الله عنا خير الجزاء.