كتبت: رشا جلال: دائما ما تبحث لنفسها عن مكان دون كلل وتحاول ان تثبت لنفسها وللعالم انها قادرة علي تحمل المسئولية, وتسعي دائما لرفع الظلم عن كاهلها بغض النظر عن ضعفها الجسماني او صعوبة الحياة التي تواجهها سواء كانت صعوبات سياسية او اجتماعية. تلك هي المرأة في كل بقاع الأرض وخاصة في دول العالم الثالث. وقد ضربت لنا فوزية كوفي63 عاما- اكبر مثل علي ذلك, وهي عضوة في البرلمان الأفغاني ونائبة لرئيسه وواحدة من كبار المدافعين عن حقوق المرأة الأفغانية, وعلي الرغم من انها تعيش في اسوأ دولة علي وجه الأرض يمكن ان تحيا بها إمرأة وذلك وفقا لأحدث إستطلاع للرأي عن افغانستان إلا انها أبت ان يمنعها مثل هذا العائق الذي ليس بالسهل علي الإطلاق من تحقيق طموحاتها السياسية في بلد لا تعرف ثقافته دورا للمرأة خارج المنزل, فدورها مهمش في المجتمع والسياسة وحتي في المنزل, تلك هي ثقافة المجتمع الذي تعيش فيه كوفي والتي تطور طموحها ليس فقط بدخولها البرلمان الأفغاني بالإضافة الي بزوغ نجمها كناشطة حقوقية إلا أنها أطلت برأسها بقوة لتعلن عن دخولها السباق الرئاسي المقرر في4102 سعيا منها لخلافة الرئيس الأفغاني الحالي حامد كرزاي. وعلي الرغم من ان كوفي علي يقين تام من انها ستواجه انتقادات عديدة بل ربما تصل الي تهديدات بالقتل كما حدث من قبل وهددتها شبكة حقاني المتحالفة مع طالبان- للتخلي عن مشاركتها في الإنتخابات, إلا ان كل تلك التهديدات لم تمنعها من اعلان رغبتها في المشاركة في ذلك السباق المليئ بالألغام. والواقع أن روح التمرد ليست بجديدة علي شخصية كوفي, فمنذ طفولتها وهي طموحة حيث كانت الوحيدة بين شقيقاتها السبع التي ناضلت واجبرت اهلها علي ان يسمحوا لها بالتعليم, حتي اكملت دراستها للعلوم السياسية لتلتحق في النهاية بمنظمة الأممالمتحدة للطفولة اليونيسف. وقد بدأت عملها السياسي في عام1002 بعد سقوط حكم طالبان متبنية حملة عودة البنات للتعليم. وفي عام5002 تم انتخابها كعضوة بالبرلمان الافغاني عن مقاطعة بدغشان شمال شرق البلاد. ولا تعتبر كوفي النموذج الوحيد علي تحدي الافغانيات لظروف حياتهن ومحاولتهن تحقيق الذات, فهناك العديد من الأمثلة المشابهة من بينها جولالي نور صافي العضوة في مجلس السلام الأفغاني الذي قام الرئيس كرازي بتأسيسه منذ عامين من أطياف مختلفة في أفغانستان ليكون المسئول عن التفاوض للوصول الي اتفاق مع طالبان لإنهاء الحرب التي دخلت عامها الحادي عشر. فقد خرجت صافي عن صمتها وتحدثت الي العديد من وسائل الإعلام لتعلن عن غضبها بسبب تهميش دور العضوات في المجلس من المشاورات الذي ينحصر فقط في إطار تكميلي, فعلي الرغم من اشتراكها في ورش العمل واجتماعات السلام إلا انها لا تشارك في القرارات الرئيسية. وذلك في الوقت الذي تسعي فيه كوفي ومثيلاتها لتحقيق ذاتها وإثبات وجودها بل والوقوف بالتساوي مع الرجل, إلا انها تعاني العديد من المشاكل داخل هذا المجتمع المتزمت, ولذلك فإنها تتبني ضمن برنامجها السياسي السابق والحالي وضع المرأة الأفغانية داخل السجون بالإضافة الي مكافحة العنف الأسري الذي تتعرض له. ومن اهم وابرز مخاوفها أن تتخلي إدارة كرزاي عن بعض قوانينها حيث أيد مؤخرا توصية من رجال الدين بالفصل بين الجنسين في أماكن العمل, وضرب الأزواج للزوجات في ظل ظروف معينة مما ادي الي ظهور مشكلة اكبر وهي تعرض السيدات للسجن. فقد اكدت منظمة هيومن رايتس ووتش ان هناك اكثر من004 سيدة وفتاة تتعرض للسجن بسبب جرائم اخلاقية تشمل الفرار من الضرب او زواج القصر, فهؤلاء السيدات يتعرضن للظلم مرتين حيث تسلب حقوقهن من المجتمع مرة ومن القانون مرة اخري. وتؤكد الكثير من السيدات ان بعد قضائها فترة العقوبة تخرج لتواجه خطر التعرض للقتل من قبل افراد اسرتها, لتدخل في حلقة جهنمية لا تستطيع الخروج منها. وعلي الرغم من كل هذه السلبيات فإن وضع المرأة قد تحسن كثيرا منذ الإطاحة بنظام طالبان, إلا ان القضايا الاجتماعية مازالت تشكل مصدرا كبيرا للظلم للمرأة الأفغانية.فهل تنجح كوفي في اصلاح ما أفسدته التيارات الدينية المتشددة؟