ناولنى يدك. ينتشلنى من حفرة عميقة. أنت حلم. تطلع فى وجهى قليلا بعينيه الصافيتين ثم صفعني. تزلزل كيانى وانهمرت دموع غزيرة لم تسقط من قبل. تحسست آثار أصابعه الأربع على وجهي. آثار عميقة ملموسة غائرة. إن هذا ليس حلما، بل كابوس مريع. هو لم يضربنى قط. لم يضربنى أحد أبدا. ما تركت لأحد فرصة أن يفعلها. أحيا بجوار الحائط. أترفع عن كل ما قد يسبب مشاحنة أو خصاما. أتسامح حد ترك حقوقى لدى البعض. حفرتُ نفقاً كى أعبر الحياة منه وحيداً. أعيش مسالماً حد الاستسلام. أكابوسٌ أنت متنكر فى صورة الأحبة؟. ضمنى إلى صدره فى حنوٍ بالغٍ، فأطلقتْ روحى سراح الغيث منهمرا، بلل جلبابه. حيرتني. لم أسمع أبدا بكابوس حنون. يسع صدرُهُ أحزاني. يبكينى رقة وعطفا وهويً. ملامحه اختلطت على، فمن أبى جبينه اللامع. ومن شيخى عيناه الصادقتان العميقتان. ومن جدي-الذى لم أره- لونه الأسمر، ومن خفير قريتنا شاربه الفوضوي. أتحسس ما حولى بكفي. لعلى أعرف أين أنا. تمهل يا هذا لست أعميً، لكن عينى لم تكشف اللثام عن مكاني. قطعة صلبة ملساء من خشبٍ، أعرفها, إنها مقعدى المفضل، يقظ أنا وفى العمل ودليلى مقعد. أتربع فوقه وأداعب أزرار لوحة المفاتيح. أشحذ منها بعض الحروف والمعاني. يسراى تتحسس ما حولها، تجدُ جسما ليناً غائرا. ما هذا؟ أظنها وسادتي. أقربها من أنفي. أتشممها. رائحة عرقي. لست فى مكتبى بل أنا فى مهدي. أى هذيان هذا؟ يمينى تخبرنى أن المكان هو العمل، وشمالى تقول إنى نائم. وكنت منذ برهةٍ على وشك السقوط فى حفرة مظلمة، هويت نحوها. مكثت فيها إلى أن انتشلنى الغامض منها. صفعنى فشعرت. واحتضننى فبكيت. فلتكن المواجهة سبيل المعرفة. أين أنا يا رجل؟ ومن أنت؟. ألقيت السؤال واتخذت كل أوضاع الدفاع الممكنة. متوقعا صفعة جديدة. أو عناقا أخيرا، يقتلنى بسيف الحنان. السؤال مذلة، والإجابات كلها زيف. إذا أردت أن تعرف حقا فقل لى من أنت؟. أنا؟. أوشكت أن أقول له اسمي، لكن ما فائدة الأسماء فى مكان وزمان لا أعرفهما؟ ما قيمتها للتعريف بى فى المجهول ومعه. بل إن اسمى وحده قد لا يعنى شيئا لأحدٍ، هو دال على لمن يعرفنى ليس أكثر. ما أتفه الأسماء فى البقعة الواسعة. طال الوقت مع عبثية الأفكار التى راودتني. والرجل يتطلع إليّ باسما. كلما نظرته أو طافت عينى بوجهه رأيته بوجه جديد وذات العينين. إذا كنت تجهل نفسك فهل تود معرفة غيرك؟ اعرف من أنت تعرف أين تكون. وطوانا الظلام واختبأت الحروف.