رئيس جامعة بنها يستقبل وفدا من حزب حماة الوطن    عاجل - أسعار الذهب اليوم في مصر تحديث لحظي.. عيار 21 يسجل 3555 جنيها    تبدأ من 31 ألف جنيه.. أسعار محلات طُرحت للبيع بمدينة دمياط الجديدة    وزير الخارجية: مصر تتطلع لنجاح المساعي الدولية لاستحداث اتفاقية إطارية بشأن التعاون الضريبي الدولي    استشاري تكنولوجي: تفجير "البيجر" بلبنان نقلة نوعية بالحروب السيبرانية    عبد الرحيم علي عن تشكيل حكومة يمينية متطرفة بفرنسا: "ولادة متعثرة".. وإسناد الداخلية ل"برونو روتايو" مغازلة واضحة للجبهة الوطنية    مصطفى محمد يشارك في تعادل نانت مع أنجيه بالدوري الفرنسي    وفاة شاب متأثرا بجراحه في حادث مروري بدمياط    محافظ أسوان: نسبة حضور الطلاب 100% في أبو الريش.. والسوشيال ميديا تروج أكاذيب    وزير الصحة يعفي مدير مركز طبي النزهة الجديدة.. ويوجه بسرعة الانتهاء من أعمال الصيانة    رئيس جامعة أسيوط يستجيب لأسرة مواطن مصاب بورم في المخ    العرض الأردني أنتيجوني يخطف الأنظار في مهرجان مسرح بلا إنتاج    وزير الخارجية: الأزمة الحالية في غزة هي نتاج أعوام من الممارسات الإسرائيلية لتكريس احتلال غير شرعي    محافظ البحيرة تقيل مدير مشروع الرصف الإنتاجي: لن نسمح بأي شبهة فساد    مواجهة مثلث تدمير الشعوب.. دعوات لتعزيز الوعي وبناء الإنسان المصري    لتهنئته بمنصبه.. وزير العدل يستقبل وفد الكنيسة الأرثوذكسية    الوكرة يتقدم على الريان 2-0 فى الشوط الأول وحمدى فتحى يصنع.. فيديو    حوار| رانيا يوسف: أردت اقتحام منطقة جديدة بالغناء.. وأتمنى تقديم أعمال استعراضية    نتنياهو للكنيست: حوالى نصف المحتجزين أحياء حسب المعلومات المتوفرة لدينا    بالفيديو.. خالد الجندي يرد على منكرى "حياة النبي فى قبره" بمفأجاة من دار الإفتاء    لجنة الطفل بالأمم المتحدة تحذر من استمرار العدوان على صغار فلسطين    استبعاد مديري مدرستين بمنطقة بحر البقر في بورسعيد    مخاوف من احتمال ظهور وباء ثلاثي.. متى يجب تلقي لقاحات الإنفلونزا؟    حمدي فتحي يصنع.. الوكرة يسجل في شباك الريان بالدوري القطري (فيديو)    العربية للتصنيع تحتفل بأبناء العاملين والعاملات من المتفوقين بالثانوية العامة    دون مصطفى محمد.. تشكيل نانت الرسمي لمواجهة أنجيه في الدوري الفرنسي    "اليوم" يرصد انطلاق العام الدراسي الجديد في معظم مدارس الجمهورية    يسرا تحيي ذكرى وفاة هشام سليم: يفوت الوقت وأنت في قلوبنا    كريم الحسيني: «محمد رمضان أصابني بذبحة قلبية»    عاجل| مصر تحذر المواطنين من السفر إلى إقليم أرض الصومال    اعتماد نتائج أعمال شركات «النصر والعامرية للبترول والبتروكيماويات المصرية» خلال 2023-2024    "لما تتكلم عن الزمالك اتكلم باحترام".. نجم الأبيض السابق يوجه رسالة نارية لأحمد بلال    الجنايات تعاقب "ديلر العجوزة" بالسجن المؤبد    المقاولون العرب يضم الفلسطيني طارق أبوغنيمة    نور الشربيني تتوج بلقب بطولة باريس للإسكواش    وزارة العمل تنظم ندوة توعوية بقانون العمل في المنيا    مسؤول أمني إسرائيلي كبير: الوضع الحالي في الضفة الغربية يقترب من نقطة الغليان    سياسيون: «قمة المستقبل» تعكس جهود القيادة المصرية في تمكين الشباب    الرئيس السيسى يتابع خطط تطوير منظومة الكهرباء الوطنية وتحديث محطات التوليد وشبكات النقل والتوزيع ومراكز التحكم ورفع مستوى الخدمة المقدمة للمواطنين بشكل عام.. ويوجه بمواصلة جهود تحسين خدمات الكهرباء بالمحافظات    وجعت قلبنا كلنا يا حبيبي.. أول تعليق من زوجة إسماعيل الليثي على رحيل ابنها    الاحتلال الإسرائيلي يواصل تقليص المساعدات إلى غزة    الجامع الأزهر يتدبر معاني سورة الشرح بلغة الإشارة    البورصة تواصل ارتفاعها بمنتصف التعاملات مدفوعة بمشتريات عربية وأجنبية    ضبط فتاة زعمت تعدى 5 أشخاص عليها لزيادة نسب المشاهدات    التعليم العالي: بحوث الإلكترونيات يطور منظومة تصوير بانورامي ثلاثي الأبعاد    الصحة تنظم ورشة عمل لبحث تفعيل خدمات إضافية بقطاع الرعاية الأساسية    بداية جديدة لبناء الإنسان.. فحص 150 مواطنا بقافلة طبية بالأقصر    المنوفية تستعد لتدشين المبادرة الرئاسية "صحة وطن"    بالبالونات والشيكولاتة، مدرسة ابتدائية بالغربية تستقبل التلاميذ في أول أيام العام الدراسي (بث مباشر)    طالب يسأل والمحافظ يجيب في طابور الصباح.. «سأجعل مدارس بورسعيد كلها دولية»    متصلة تشتكي: ابني طلب يحط إيده على منطقة حساسة.. وداعية ينصح    نقل معبد أبو سمبل.. إعجوبة هندسية لا تُنسى    مدرب برشلونة يهاجم "فيفا" بسبب تراكم المباريات    بداية فصل الخريف: تقلبات جوية وتوقعات الطقس في مصر    انتظام الطلاب داخل مدارس المنيا في أول يوم دراسة    "كلامه منافي للشرع".. أول تعليق من على جمعة على تصريحات شيخ الطريقة الخليلية    اللهم آمين | دعاء فك الكرب وسعة الرزق    خالد جلال: الأهلي يتفوق بدنيًا على الزمالك والقمة لا تحكمها الحسابات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مِنْ بِئر الأكاذيب

يمتلئ فضاؤنا بأكاذيب من كل نوعٍ وفى كل اتجاهٍ .. بعضُها مفضوحٌ وبعضُها مَحْبُوكٌ .. أَسوأُها تلك الأكاذيب الأمنية المُسَرَّبة التى لم تَترك شريفاً ولا مُعارِضاً ولا رمزاً من رموز يناير إلا وشَوَّهَته .. لكن أحقَرَها على الإطلاق تلك التى تُلَوِّثُ الجيشَ وتُلصِقُ به من الجرائم ما يَعجَزُ عنه إبليسُ نفسه.
أثناء ما عُرِفَ بأحداث محمد محمود فى نوفمبر 2011، تَسَابَقَت الصُحف لنشر أحاديث مع أ.د/ أحمد معتز أستاذ الجراحة والأعصاب بكلية طب قصر العينى وعضو لجنة تحليل القنابل والغازات المستخدمة ضد ثوار محمد محمود (هكذا أُطلِقَ عليه) .. وكان خلاصة ما قاله (إن الجيش المصرى استخدم فى ميدان التحرير 90 ألف قنبلة كيماوية بمعدل 2000 قنبلة فى الساعة، والأنواعُ المُستخدَمة هي: غاز الخردل الذى أباد به صدام حسين قرية حلابجة، وغاز vx وهو لا يُستخدم إلا فى الحروب، وغاز cs وقد عُثر على قنبلتين لم تنفجرا مكتوبٌ عليهما صُنع فى مصنع حيفا بإسرائيل، وذخائر اليورانيوم المخصب، و قذائف الفوسفور والكلور التى تم تصنيعها فى بنسلفانيا بواسطة هيئة عسكرية أمريكية).
وقال إن كل ذلك تم بتعليماتٍ مِن طنطاوى الذى أسماه مُتهكماً (رئيس المجلس الكيماوي) .. وأضاف أنه قام بمعاينة الجثث بمشرحة زينهم ووجد أن الهجوم الكيماوى أدى إلى تنشيف الجلد وخروج العينين، وعندما حَلَلَّ المواد الكيماوية الموجودة على جثث الشهداء وجد فيها نسبة يورانيوم مخصب 1%.
وأشار إلى إن الجهات التى اشتركت فى تحليل القنابل هي: (المركز القومى للبحوث والمركز المصرى للدواء ومركز فحص الحرب الكيماوية فى ألمانيا ومصر)، وأن عدد المصابين 8000 تم علاجهم فى 12 مستشفى ولكنهم مُهدَدُون بالإصابة بالسرطان خلال 6 شهور. ثم فجّر مفاجأةً مدويةً بإعلانه أن عدد الشهداء ليس 34 كما جاء فى البيانات الرسمية وإنما 1004 شهداء، منهم 8 أطباء تمت مُداهمتُهم كيماوياً فى المستشفى الميداني، وقام المجلس العسكرى بإخفاء 960 جثة فى الصحراء بالتعاون مع كبير الأطباء الشرعيين بالإنابة. وأعلن أن تقرير اللجنة التى شكلتها المفوضية الأوروبية من 100 عالم متخصص (ذَكَرَ أسماء 16 منهم على سبيل المثال) قد أعدّت تقريرها الطبى الذى وَثَقّت فيه جرائم استخدام الأسلحة الكيماوية ضد المتظاهرين بالتحرير فى الفترة من 19 إلى 24 نوفمبر وسيتم تسليمه للمحكمة الجنائية الدولية.
قامت الائتلافات الثورية (التى أكادُ أُجزم أن أمن دولة مبارك قام بتوليدها بالآلاف لتمييع المسائل وخلط الغث بالسمين والإساءة للثورة) بترويج هذه التصريحات عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعى حيث كان الهجوم على الجيش والمجلس العسكرى هو الموضة السائدة ونوعاً من أنواع البطولة المجانية لثوار ما بعد الثورة. وعبثاً حاولتْ القواتُ المسلحةُ أن تُدافع عن سُمعتِها أمام شعبها، فأرسلت عدداً من علمائها لأحد البرامج التليفزيونية الذى استقبلهم على مضض، وقاموا بنفى هذه القصص جملةً وتفصيلاً طالبين مُناظرة الدكتور/ أحمد معتز، فأعلن سيادته امتناعه عن الوجود مع (القَتَلَة) فى الاستديوهات .. فتعاطف معه (الثوار) مبررين ذلك بالخشية عليه من بطش (العسكر).. خلال أسابيع أصبح معتز عَلَماً من أعلام المستشفى الميدانى وأصبح يُلقب بالعالم الجليل طبيب الثورة .. وتلقفت وسائلُ الإعلام الغربية هذه القصة وقامت بترويجها.
فى هذا التوقيت كنتُ أُقابل الكثيرين من الأصدقاء يرددون هذه الأقاويل أمامى فأقول لهم إن هذا مستحيلٌ، ليس فقط لأن ذلك ليس من أخلاقيات الجيش المصري، ولكن لاستحالة ذلك علمياً بحكم تخصصى الدقيق .. فلم يقتنع بكلامى أحدٌ، بل إن أحدَهم أفحمنى بأنه استنشق الغازات السامة شخصياً فى ميدان التحرير !!!.
ما سبق هو المعلوم من هذه القصة التى تم تتويجها بتلويث سمعة الجيش المصرى على موقع ويكيبيديا وغيره، وتأكيد قَتُلِه لآلاف المصريين فى ميدان التحرير بالأسلحة الكيماوية! .. نسى الجميعُ هذه القصة لِكثرة الأحداث بعدها .. ولكننى تَتَبعتُها لأن ما سَبَق يتناقض مع كل ما تَعَلَّمْتُه كضابطٍ مهندسٍ متخصصٍ .. واتضح أن نقابةَ الأطباء تَقَدَّمَتْ ببلاغٍ بعد ما فَشلتْ فى استدعاء مُعتز الذى لم تجد له فى سِجِلاّتها أى أثرٍ .. وبعد أسابيع وأثناء أحداث مجلس الوزراء تم القبضُ على أحمد معتز وأظهرت تحقيقات قضاة التحقيق المنتدبين من وزارة العدل أن أحمد معتز ليس أستاذاً فى كلية طب القصر العيني، بل هو ليس طبيباً أصلاً وإنما حاصلٌ على بكالوريوس التجارة وهو عاطلٌ ويضارب فى البورصة .. وكانت قمة المهزلة هى أن اسمه ليس أحمد معتز وإنما فتحى أحمد عبد الخالق !!!.
فى 24 أغسطس 2012 نُشر خبرٌ صغيرٌ جداً فى صفحةٍ داخليةٍ بإحدى الصحف يُفيد بأن محكمة جنح مستأنف قصر النيل قَضَتْ بحبس العاطل فتحى أحمد عبد الخالق لمدة عامين لأنه ادّعى كذباً أنه أستاذ مخ وأعصاب بطب القصر العينى ومارس علاج المصابين بالمستشفيات الميدانية وأشاع أخباراً كاذبةً.
لماذا أُعيد هذه القصة الآن؟ لأننى لاحظتُ فى الأسبوعين الماضيين أن بعض المواقع تُعيد نشر نصفِها الكاذب فقط بمناسبة الذكرى الرابعة لأحداثها .. مِن حقنا (بل وواجبنا) أن ننتقد تصرفاتِ أى مسئولٍ فى الدولة .. بَدءاً من السيسى وانتهاءً به .. مدنياً كان أم عسكرياً .. فالعسكريون ليسوا مُقَدَّسين .. ولكن الجيش مُقَدَّس .. النَيْلُ مِنْه خيانةٌ .. لا سيما إذا كان كَذِبَاً.
لمزيد من مقالات م يحيى حسين عبد الهادى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.