إن ما يعنيه الاقتصاد المصري يتلخص في سبيين قلة العمل والإنتاج ونستورد أكثر مما نصدره حيث بلغ إجمالي الورادات في 6 شهور فقط من يناير حتى يونيو الماضي 271 مليار جنيه والصادرات بلغت 84 مليار جنيه ، وذلك طبقا لما جاء في تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. والغريب أنه رغم ما تعنيه الدولة من ظروف خارجية ضاغطة لترجيع مصر اقتصاديا فيما يشبه المؤامرة مثلما ما ظهر مؤخراً من رورد أفعال دولية مجحفة ومتصيدة لحادث سقوط الطائرة الروسية بشرم الشيخ .
رغم الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي بشأن تداول الدولار وتخفيض الجنيه المصري في محاولة لوقف نزيف الاحتياطي النقدي إلا أن تقرير التجارة الخارجية أظهر مفأجاة خطيرة أننا نفعل بأيدينا أكثر بما يفعله المتآمرين بالخارج باستيراد 300 سلعة استفزازية إي غير ضرورية لبلد يعاني مشكلة اقتصادية مالية استهلكت مليار دولار من هذا الاحتياطي في 6 شهور من يناير ليونيو في سلع غير ترفيهية ويمكن الإستغناء عنها بتفضيل المنتجات المصرية، أو التقليل من إستيرادها في الوقت الراهن مراعاة لما تعانيه الدولة ، و دوراً واجباً علي رجال الأعمال المستوردين بعدم تفضيل مصلحتهم في التكسب والربح وتحميل الدولة ما لا تطيق ويسبب خللا في الميزان التجاري لصالح الدول المصدرة مع مصر ، وعجزا في الموازنة العامة غير متحملا واهدارا للرصيد الأجنبي للدولة .
ولتدليل علي فداحة هذا الجرم في حق الوطن الذي ينشد مساندة القريب لا البعيد ، أن التقرير كشف أن هذه السلع الاستفزازية تضمنت استيراد مستحضرات تجميل بنحو 1.1 مليار جنيه علي رأسها صابون 34مليون جنيه ، وفواكه ب 1.7 مليار جنيه منها 1.5 مليار تفاح فقط ، بالإضافة الي 1.3 مليار جنيه أحشاء حيوانات وخضروات منها جمبري وقريدس واكباد بقيمة 311 مليون ، وشملت الواردات عصائر بقيمة مليار جنيه ، وتليفون محمول بنحو 1.1 مليار جنيه وإكسسورات موبايل بقيمة 569 مليون جنيه ، وأجهزة تابلت وآبياد 162 مليون جنيه، وبقيمة 1.2 قمصان نوم ، وأكواب 12.5 مليون جنيه ، وحبوب عصافير 16.2 مليون جنيه ، وبفره سجائر 9 ملايين جنيه ، ومايوهات 17 مليون وحقائب 33.6 وأزرار أكمام 20 مليون ، وسكوتر 180 مليون ، وتغذية حيوانات 567 مليون ، لبان 8 ملايين ، أدوات رسم وطباشير وأقلام رصاص 37.3 مليون جنيه .
إن قرار وقف استيراد هذه السلع الاستفزازية ليس كافياً بل يجب حظر استيراد ما هو له مثيل محلي والتي لا يمثل حظر استيرادها أعباء إضافية علي محدودي الدخل حيث أن الشريحة المستفيدة من هذه السلع محدودة خاصة أن السوق يعاني من حالة ركود وحظرها تأثيره سيكون بسيطاً ، بالإضافة الي الضرر الذي يسببه إستيراد السلع الغير إستراتيجية علي الاقتصاد وإمتصاص موارد الدولة من النقد الأجنبي وعقبة أمام الاستثمار وإستيراد مستلزمات الإنتاج وتدوير عجلة العمل والإنتاج ، خاصة بعد إنخفاض موارد الدولة الرئيسية منها مثلاً قطاع السياحة يتراوح بين 3 أو 4 مليارات دولار بعدما كان قبل ثورة يناير 15 مليار دولار سنوياً، وتحويلات العاملين بالخارج 2 مليار دولار فقط بعد أن كانت 19 مليار دولار ، ولتعويض فارق ترشيد الواردات مع الصادرات الذي يبلغ 40 مليار دولار يجب علي الحكومة الاتجاه الي الصناعات المتناهية الصغر الحرفية بالتمويل وتوزيع الإنتاج وتسويقه داخلياً وخارجيا التي ربما تكون طوق النجاة أمام الشباب المتعطل عن العمل فلا أحب كلمة بطالة ، والنهوض مرة أخري بالصناعات الإستراتيجية الكبري التي كانت مصدراً للتفاخر ، كما أن رفع الجمارك علي السلع الاستفزازية أحد آليات تحقيق العدالة الاجتماعية لما سيوفره من إيرادات تستغل للإنفاق علي التعليم والصحة .. فجميع المصريين ليس أمامهم إلا العمل والإنتاج حتى تستعيد مصر قرارها والسبيل الأوحد لتغيير الحال للأفضل ، وأن يكون ترشيد الاستيراد ليس من الترفع وإنما من باب الاستحالة. [email protected] لمزيد من مقالات محمد مصطفى حافظ