ما كشفه محافظ البنك المركزي في أحد اجتماعات المجموعة الوزارية الاقتصادية من أن معدل نمو الودائع في 2012/2011من المتوقع أن يكون أقل من معدلاته في السنوات السابقة, وأنه وفقا للتقديرات المبدئية للبنك المركزي, هناك90 مليار جنيه ودائع جديدة في الجهاز المصرفي منها15 مليار جنيه لتمويل احتياجات القطاع الخاص, و75 مليارا لتمويل احتياجات الحكومة... وبالتالي فإن الفجوة التمويلية تتجاوز مبلغ ال75 مليار جنيه.. الارقام السابقة التي كشف عنها محافظ البنك المركزي تثير تساؤلا اساسيا عن تأثيرات انخفاض معدل نمو الودائع بالجهاز المصرفي علي الائتمان الممنوح للقطاع الخاص, وبالتالي علي معدلات النمو والبطالة.. ففي حين أكد الدكتور محمود عبد الفضيل عضو مجلس إدارة البنك المركزي أن الانخفاض طبيعي, ويتناسب مع دورة الانكماش التي تمر بها مصر.. فقد كشف المراقبون عن حقائق مختلفة أخري تتعلق بحصول القطاع الخاص علي ائتمان يصل إلي نصف ما كان يحصل عليه في السنوات السابقة 15 مليارا هذه السنة مقابل30 كان يحصل عليها وبالتالي تأثير ذلك علي الاقتصاد والبورصة والنمو والتشغيل, كما كشف المراقبون عن التهام عجز الموازنة لنحو08% من الزيادة في الودائع في2012/2011 من خلال طرح أذون خزانة وشراء البنوك لها, وتغطية باقي العجز من خلال الاقتراض الخارجي, وهو وضع وصفه المراقبون( بالمأساوي)... ويطرح ذلك تساؤلا عن مستقبل الاقتصاد المصري في ظل الأرقام السابقة. تقدم الدكتورة فايقة الرفاعي وكيل محافظ البنك المركزي السابقة تحليلا حول تأثيرات انخفاض معدل نمو الودائع ونموها بما قيمته90 مليار جنيه فقط يستخدم منه15 لسد احتياجات القطاع الخاص و75 لاحتياجات الحكومة والقطاع العام... فتقول.. معدل نمو الودائع هو محدد مهم من محددات التوسع في السيولة اللازمة لتمويل قطاع الأعمال الخاص, وقطاع الأعمال العام والقطاع الحكومي... وتظهر الأرقام أنه سيتم توجيه57 مليار جنيه من إجمالي الودائع للائتمان للقطاع الحكومي والعام.. موزعة بين5 مليارات لقطاع الاعمال و70 مليارا للحكومة, ومن المنتظر أن يوجه الائتمان الحكومي لسداد عجز الموازنة... وإذا أخذنا في الاعتبار أن ذلك العجز سيصل إلي144 مليار جنيه, فمعني ذلك أن هناك عجزا سيقي بدون تمويل يصل إلي75 مليار جنيه, وإذا وصلنا إلي القطاع الخاص الذي سيوجه له ائتمان في حدود15 مليار جنيه الباقية من ال90 مليارا, فمعني ذلك أن المبلغ الموجه للقطاع الخاص ضئيل جدا, خاصة إذا علمنا أن ال15 مليارا للقطاع الخاص والعائلي الاستهلاكي والأخير يخلق طلب علي الانتاج, وهو ما يعني التأثير علي العمليات الانتاجية نتيجة نقص الائتمان للقطاع الخاص, والطلب علي الانتاج لنقص الائتمان الاستهلاكي. فعلي سبيل المثال تشير الأرقام إلي أنه في العام المالي 2008-2009زاد الائتمان الموجه للقطاع الخاص والعائلي ب18.5 مليار جنيه, وفي عام2010/2009 زاد الائتمان لهما ب30 مليار جنيه, وفي يونيو2010 إلي يونيو2011 زاد الائتمان ب4 مليارات جنيه فقط لاسباب خاصة.. وتضيف أن مقارنة الزيادة في الائتمان للقطاع الخاص والعائلي معا علي سبيل المثال في2010/2009 الذي زاد فيه الائتمان ب30 مليارا مع الائتمان في2012/2011 الذي زاد فقط بنحو15 مليار جنيه يعني أن هناك إنخفاضا للنصف؟! وهو ما يعني أن الموجه للقطاع الخاص من الائتمان قد انخفض لنحو النصف مقارنة ب2010/2009 ومع ذلك يغطي الائتمان الذي سيوجه للحكومة أقل من نصف العجز, حيث سيعطي لها ائتمانا ب70 مليارا والعجز في حدود144 مليارا بخلاف5 لقطاع الأعمال. والسؤال الآن ما هو تأثير انخفاض الائتمان للقطاع الخاص للنصف.. تأثير ذلك والكلام علي لسان الدكتورة فايقة الرفاعي هو انخفاض معدل النمو المتولد عن القطاع الخاص لأنك اعطيت له نصف الائتمان الذي يحتاجه, وتشير الرفاعي لملحوظة مهمة أخري تتعلق بتمويل القطاع الحكومي.. الذي سيذهب لتغطية العجز من خلال أذون الخزانة التي تطرحها الحكومة... ولكن لابد من التنبه هنا إلي أن العجز الذي يتم تغطيته هو عجز استهلاكي لأن ثلاثة أرباع ذلك العجز( دعم) ويعني ذلك أنني أخذت07% من الودائع واتحتها كائتمان استهلاكي موجه لدعم السلع من خلال دعم الموازنة... وأنا هنا لا أتيح ائتمانا لتمويل استثمارات, وبالتالي تكون النتيجة نقص السيولة لدي البنوك تماما. واستخدام السيولة بهذه الصورة لن يتيح أو لن يسمح باتاحة التمويل اللازم لسوق المال, وصناديق الاستثمار الخاصة التابعة للبنوك, والتي تعمل في البورصة إذن سيكون هناك لدي نقص في معدل النمو المتولد من القطاع الخاص ونقص في السيولة لدي الصناديق الخاصة التي توجه أموالها للبورصة, ونقص في تمويل الاستثمارات الخاصة, وهو ما يؤدي لمزيد من البطالة, وعدم الاستقرار.. إن الحقائق السابقة تعني أنني أخذت75% من الزيادة في الودائع لتمويل عجز استهلاكي في الموازنة, ورغم استخدام معظم زيادة الودائع فإن هناك عجزا سيبقي ب75 مليارا لذلك احتاج للاقتراض لتمويل هذا العجز. فالعجز في الموازنة سيمتص الزيادة في الودائع محليا والقروض أيضا من الخارج, وهو ما يقتضي إصلاح الموازنة, وهذا أمر لا يمكن إغفاله أو غض النظر عنه لأنه يعني إصلاح الاقتصاد المصري. إن توجيه الزيادة في الودائع لتمويل عجز الموازنة يعني التضييق الائتماني علي القطاع الخاص, مولد النمو والصناديق في البورصة, ويبقي التساؤل عن كيفية سداد عجز الموازنة الذي يلتهم الزيادة في الودائع.