مازالت القوى الثورية لم تتحد على هدف واحد كما كان الحال في يناير 2011, بل لم نر بعد اجماعا على كلمة واحدة كما كان من المتوقع حتى تتحقق الأهداف, والدليل على ذلك مليونية "حماية الثورة أو تقرير المصير". خرجت القوى في العديد من المحافظات لتقول كلمات متفرقة وربما الشيء الوحيد التي اتفقت عليه هو أن الثورة مستمرة حتى تتحقق الأهداف. وبالطبع لكل قوة رؤية وأهداف، فيوم الجمعة الماضي رأينا العديد من المنصات المعبرة عن كل تيار والعجيب أنها أكثر "الجمعات" التي رأينا فيها منصات. كان اللافت للنظر أنصار حازم أبو اسماعيل المرشح الرئاسي السابق الذين كانوا ينددون بما حدث لشيخهم. نجد أيضا أن الكثير من أنصار حزب الحرية والعدالة جاءوا في العديد من الحافلات من المحافظات المختلفة، جاءوا خصيصا للدعاية لمرشحهم الاحتياطي. كان هناك من يؤيد الدستور أولا قبل الإنتخابات الرئاسية وهناك من كان يهتف بلا للدستور تحت حكم العسكر. تبارت المنصات في محاولة كل منها إثبات أنها الأعلى صوتا، دون الاتفاق على هتاف واحد إلا في القليل من المرات ولدقائق محدودة. وكأن الهدف من المجيء إلى الميدان لم يكن لحماية ثورة الشعب وإنما حماية المكتسبات التي حصلت عليها التيارات المختلفة. لن تتحقق الأهداف الحقيقية إلا بتوحيد القوى والأفكار. مع الأسف لم تلتزم التيارات الدينية بما تم الاتفاق عليه من الامتناع عن الشعارات المؤيدة لهذا المرشح أو ذاك، بل رفع اللافتات المعبرة عن ذلك التيار أو الحزب أو ذاك. عجبا فبدلا من الاجماع على التفكير سويا لمعرفة كيفية الخروج من الفخاخ العديدة على طريق تحقيق الثورة لأهدافها، نجد أنفسنا أمام الكثير من الطلبات والهتافات بل التهديدات أيضا. هذه الإنقسامات جميعها وهذه التهديدات من أي تيار كان لن تجدي ولن تصل بنا إلى إتفاق. ولن يتم فرض أي شيء مهما كان على الشعب المصري. فهذا الشعب يعرف طريقه جيدا ولن يجدي معه الصياح أو محاولة السخرية منه. فلهؤلاء ولغيرهم، هاهو الحجاج بن يوسف الثقفى يقول عن المصريين فى وصيته لطارق بن عمرو: لو ولاك أمير المؤمنين أمر مصر فعليك بالعدل فهم قتلة الظلمة وهادمى الأمم وما أتى عليهم قادم بخير إلا إلتقموه كما تلتقم الأم رضيعها وما أتى عليهم قادم بشر إلا أكلوه كما تأكل النار أجف الحطب وهم أهل قوة وصبر و جلدة وحمل ولايغرنك صبرهم ولا تستضعف قوتهم فهم إن قاموا لنصرة رجل ما تركوه إلا والتاج على رأسه وإن قاموا على رجل ما تركوه إلا وقد قطعوا رأسه فاتقى غضبهم ولا تشعل ناراً لا يطفئها إلا خالقهم فانتصر بهم فهم خير أجناد الارض وأتقى فيهم ثلاثاً: نسائهم فلا تقربهم بسوء وإلا أكلوك كما تأكل الأسود فرائسها، أرضهم وإلا حاربتك صخور جبالها، دينهم وإلا أحرقوا عليك دنياك. وهم صخرة فى جبل كبرياء الله تتحطم عليها أحلام أعدائهم وأعداء الله اللهم احفظ هذ البلد ... واللهم افرغ علينا صبرا ...