بعض الناس يفضل أن يكون حذاء في قدم ظالم, علي أن يكون راية في يد مصلح! يتوهم أن حذاء الظالم يعلو كل الرءوس, ورايات العدالة تمسح أحذية الطغاة! يبهر بالجبروت, ويهزأ من الرحمة! يستهويه العنف, ويسخر من القلوب الطيبة! عموده الفقري من الكاوتشكوك ينحني وينثني ولا يعرف أن يستقيم, الصلابة في رأيه حماقة والإستسلام حكمة, الهوان أمانة والكرامة خطر! يستسهل الركوع للقوة ويستصعب الوقوف أمامها.. آلهته مقاعد وأصنامه مناصب ومبادئه زلفي للكبير وتنمر للصغير! يبرر الخطايا ويفلسف الجرائم ويهلل للمذابح. ثم يكتشف بعد فوات الأوان أن دولة الظلم ساعة ودولة الحق إلي قيام الساعة, وأن الباطل هو غبار يعلو فوق الرءوس ثم لا يلبث أن يتساقط تحت الأقدام, ويسرع فيندم علي ما فعل, ويتوب مما أرتكب, ويحتج بأنه عندما يصبح الوحش سيد الغابة فعلي سكان الغابة جميعا أن يتحولوا إلي فئران, وأنه كان مضطرا مغلوبا علي أمره, لينجو من براثن وأنياب ملك الغابة المفترس.. صحيح أنه ليس في قدرة الجبان أن يقاوم الجبروت, وأن يصارع الطغاة, ولكن أضعف الإيمان ألا يصفق للظلم, وألا يزغرد للطغيان, وألا يهلل لمن يدوسون بأقدامهم علي رقاب الأبرياء! إن شجاعة الصمت أحيانا تخيف الظالم ولكن نفاق الضعفاء والمهزومين الخائفين الجبناء يفتح شهيته لظلم أكثر! لن يتصور أحد أننا عشنا فترة من العمر وأصحاب الأسماء الضخمة إذا اقتربوا من السياسة خلعوا عقولهم ووضعوها علي الباب, كما يخلع المصلون أحذيتهم عند أبواب المساجد! إذا لم تستطع أن تقول لظالم لا فاقفل فمك.. ولا تقل له ما أعدلك! [email protected] المزيد من أعمدة محمود المناوى