15 كان صباح الثلاثاء 9 أكتوبر «اليوم الرابع للحرب» يوما له مذاق خاص داخل غرفة العمليات الرئيسية للقوات المسلحة « المركز رقم 10» بعد أن وصلت الإشارة الأخيرة من اللواء حسن أبو سعدة قائد الفرقة الثانية مشاة «اندحر الهجوم المضاد واستسلم قائده العقيد عساف ياجورى وهو موجود حاليا فى ضيافتى بمقر قيادة الفرقة يتناول قدحا من الشاى الساخن مع بعض قطع من البسكويت». مساء نفس اليوم «الثلاثاء» كلفنى اللواء عز الدين مختار المتحدث العسكرى الرسمى بأن أكون جاهزا لحضور جلسة استجواب عساف ياجورى بعد أن تم نقله إلى أحد مقار المخابرات الحربية بالقاهرة وكان من حسن حظى أن الذى سيتولى مهمة الاستجواب صديق عزيز عملت معه عدة سنوات فى فرع المعلومات بالمخابرات الحربية وهو المقدم فاروق لبيب. وأنقل عن دفتر الذكريات كيف كان عساف ياجورى مختلفا تماما عن معظم الأسرى الإسرائيليين حيث لم يكن مرواغا ومجهدا مثل أغلبهم وإنما بادر بالإفصاح عن نفسه وعن مهمته قبل أن يسأله أحد قائلا: « أنا العقيد عساف ياجورى قائد اللواء المدرع رقم 190.. كنت مكلفا بمهمة اختراق رأس الجسر المصرى فى القطاع الأوسط بهدف الوصول إلى الضفة الشرقية للقناة فى مواجهة مدينة الإسماعيلية لإقامة رأس جسر إسرائيلى على ضفة القناة فى هذا القطاع». واستمر عساف ياجورى فى الكلام بغير توقف ولم يكن له سوى مطلب واحد كرره أكثر من مرة وهو أن نحسن معاملته كقائد كبير وأنه ممتن لحسن المعاملة حتى الآن.. وروى عساف فى اعترافاته كل ما كان يدور فى ذهن وتفكير الإسرائيليين من خطط وبدائل لمواجهة نجاح القوات المصرية فى عبور قناة السويس.. وكان التساؤل الذى يسيطر على ذهنه ويحاول أن يبحث عن إجابة له هو: أريد أن أعرف أين كان يختبيء قانصو الدبابات وأى نوعية من الرجال أولئك الذين يملكون شجاعة التصدى للدبابات فى أرض مكشوفة. وعندما كان لى حظ مرافقته بعد أيام من انتهاء الاستجواب وتمكينه من زيارة المعبد اليهودى فى وسط القاهرة والالتقاء بالطائفة اليهودية أثناء «صلاة السبت» وزيارة عدد من الأسر اليهودية فى بيوتهم والتجول بحرية فى الصاغة وخان الخليلى والأهرامات والقلعة والمتحف المصرى فإنه قال بكل شجاعة: «إننى وغيرى من الإسرائيليين ضحية صراع إعلامى ونفسى رهيب لأن مصر التى رأيتها وشعبها الذى تعاملت معه يعكس رقيا وحضارة تفوق الخيال وبهذا سقط تساؤلى الأول بعد وقوعى فى الأسر عن مفاجأة قدرة رجال المشاة على التصدى للدبابات. .. وغدا نواصل الحديث [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله