في مثل هذه الأيام كانت البيوت المصرية تستعد لاستقبال الحجاج العائدين من الأراضي المقدسة وكان هناك طقوس مميزه لهذا الاستقبال ففي بعض قرى صعيد مصر كان الأطفال والشباب يخرجون لاستقبال الحجاج بالمديح والأناشيد الدينية مرتدين ملابس بيضاء حاملين جريد النخيل . ورغم أن طقوس الاستقبال كانت تختلف من مكان لآخر إلا أن جداريات الحج كانت سمه مميزه تتفق عليها كافة البيوت المصرية فقد كان الأهل يحرصون على تزيين جدران المنازل لاستقبال الحجاج فكان الرسامين (وهم عادة خطاطين) يستخدم أعواد الغاب ذات الأطراف المدببة وفرشاة صغيرة مصنوعة من ليف النخيل لتصوير مناسك الحج فيقومون برسم الحاج وهو يطوف بالكعبة ويصلى في الروضة النبوية الشريفة، بالإضافة إلى صورة وسيلة المواصلات التي اصطحبته إلى الأراضي المقدسة مثل الطائرة أو الباخرة أو الجمل بجانب كتابة بعض الآيات القرآنية والعبارات التي تشير إلى فريضة الحج أو التهاني بالحج المبرور مثل : الآية 158 من سورة البقرة: · (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ). · لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك .. إن الحمد والنعمة لك والمُلك لا شريك لك" · حج مبرور وسعي مشكور وذنب مغفور ورغم كون جداريات الحج موروث فني مصري أصيل إلا أن أول رصد لها قام به باحثان غربيان هما الكاتب آفون نايل والمصورة آن باركر حيث قاما بجولة في محافظات مصر، رصدا فيها هذه الجداريات، ووضعوها في كتاب بعنوان "لوحات الحج.. الرحلة العظيمة في الفن الشعبي"، حيث نشرا صور الجداريات وحكاية كل منها. ولأن جداريات الحج من وجهه نظري تعد تسجيل فطرى لرحلة روحية مقدسة تشكل تناغم مبهر من التعايش بين الدين والفن الشعبي، فإنني أدعو وزارة الثقافة أن تعمل على تسجيل هذه الجداريات بوسائط حديثة مرئية لتحميها من الاندثار لأنها سجل فريد لفن شعبي شديد الخصوصية. لمزيد من مقالات نيفين عماره