لعبة السياسة من خلف الكرسي الكبير ظل يتصيد الأخبار لتظل الكرة في شباكه أطول وقت ممكن، سمع الناس تهتف في الشوارع والميادين تندد بقاتلي الأبرياء وببائعي الوطن للغرباء, بعد أن عرف أن المجزرة البشرية في الشوارع قد قاربت علي الانتهاء، نزل مع الناس في أكثر الأماكن أمانا, صوَّر نفسه معهم وهتف وندد وشجب حاملا العلم بين أشلاء القتلي االمتناثرة في الشوارع، بعدها رجع لكرسيه بهندامه المتأنق.. انتفض عندما رأي قطرة دم التصقت بوجهه عن طريق الخطأ الطيور الجارحة تجمهرت طوابير من المجندين الجدد خلف الحافلات للرحيل إلي مكان التدريب، انطلقت حافلة إلي ما وراء التلال الرملية, لوح بعضهم للشمس التي لفحت وجوههم الغضة من خلف زجاج النوافذ، ودندن آخرون علي صوت مزمار أتي به أحدهم من قريته، بينما سرح الباقون إلي ما وراء الجبال والرمال, إلي وطن يبغون تقديم أرواحهم من أجله. فجأه توقفت مركبة مجهولة أمام حافلتهم، فاضطر السائق للتوقف.. عج المكان برجال ملثمين يحملون الرشاشات الآلية، قيدوا المجندين العزل علي الرمال الساخنه ,ثم علا صوت إطلاق نار كثيف. لاذ الملثمون بعد ذلك بالفرار إلي الجبال وقد تهللت أساريرهم وكأن الدماء التي أراقوها قد منحتهم الرغبة في الحياة. بعد ساعات وتحت الشمس الساخنه طافت الطيور الجارحة فوق المكان، لكنها عفَّت عن الاقتراب من أجساد الجنود.. فعكفت علي حراستهم بعين يقظة. حق غير مشروع أزيز القذيفة لا يزال صداه في أذنيه, يخبو شيئا فشيئا, جثث أصدقائه تسد عليه طريق العودة, الشمس تحدثه وحده, تغوص قدماه في الرمال الساخنة وهو يسمع صوت تصفيق يعلو بعلو الشمس, تفتح الستائر علي مسرحية أبطالها من ضباب كثيف, كهيئة جنود تحمل بطاقات تمنح الحق في الحياة, وتم صنع خنادق كبيرة حول المسرح ليحتطب الجنود بالناس ساقطي الحق بتلك البطاقة. يفيق علي صوت أزيز يمر بجواره, يشعر بسائل ساخن يغطيه فيبحث عن رأسه الملقي بجواره.