كيف أحمى طفلى من التعرض للإساءة الجنسية؟ وكيف أتصرف إذا تعرض للإساءة؟ أسئلة شائكة لا نتناولها كثيرا فى العلن، ويعتبرها البعض «قلة أدب» أو «بنفتح عين الأولاد».. ولكن فى الواقع يتعرض أولادنا لهذه المواقف أيا كانت الطبقة الاجتماعية، وتؤثر فى حياتهم مستقبلا، وهو ما دعا إلى عقد ندوة بعنوان «حماية الطفل مسئوليتك»، تحدثت فيها د.هالة حماد استشارى الطب النفسى للأطفال والمراهقين والعلاقات الأسرية، وهدفت الندوة إلى رفع وعى الآباء ومقدمى رعاية الطفل فى الحضانات والمدارس والمؤسسات الإيوائية بالأسلوب العلمى والعملى للتعامل والتصرف لدى حدوث إساءة جنسية للطفل، وكيفية توعيته لحمايته من التعرض لهذه التجربة القاسية، وهى ضمن سلسلة من الندوات بهدف نشر ثقافة جودة رعاية الطفل وتأهيل مقدم رعاية الطفل. من هو المسئ أو المعتدى على الطفل؟ قد يظهر لنا المسىء بأنه شخص طبيعى، برىء الملامح وذو صفات طيبة، فنحن لا نعرف خبايا النفس البشرية، وقد يكون من الأشخاص المقربين للطفل أو من العائلة، كما أنه يخطط لعملية الإساءة واستغلال الطفل جنسيا حيث إنه يبدأ بالتقرب للطفل من خلال الهدايا والحلوى، وإظهار اهتمام خاص به، وأحيانا قد يستغل المشاكل الأسرية التى يواجهها الطفل، وأن كل ما يحدث بين الطفل والمسئ هو سر خاص بهما فقط، لذلك فى أغلب الأحيان لا يعلم الطفل أن ما يحدث له هو إساءة جنسية، ويعتقد أنها طريقة للتعبير عن الحب والاهتمام به، وبرغم كون الطفل مرتبكا ومشوشا لأن فطرته تفرض عليه الشعور بعدم الارتياح، لكنه يعجز عن تفسير ما يحدث له خاصة إن كان الفاعل شخصا مقربا منه. كيف نحمى أطفالنا من الإساءة الجنسية؟ يكون الطفل عرضة للإساءة الجنسية من عمر خمس سنوات، لذلك تجب حمايته منذ سن مبكرة، من خلال التقرب إليهم ومشاركتهم الدائمة فى حياتهم اليومية، وتعزيز الثقة بنفسه من خلال مساعدته على اكتشاف ذاته ومهاراته، ومن المهم تعليم الطفل ليس من حق أحد المساس بجسمه أو لمسه، بالإضافة إلى تعليمه كيفية الدفاع عن نفسه. وهناك أطفال أكثر عرضة من غيرهم مثل المنبوذ، والمكروه وغير المسموع, لذلك الأطفال بلا مأوى أو المعاقون ذهنيا على سبيل المثال هم أكثر عرضة للإساءة الجنسية حيث يختار المسىء بعناية الطفل الذى سيقوم بالإساءة إليه لسهولة السيطرة عليه وتهديده بعدم الإفصاح عن الإساءة، كما أنه يشعره بأنه متورط معه فى الجريمة، وحتى إن أفصح فلن يجد من يصدقه لأنه فى نظر الناس «طفل بتاع مشاكل»، وللأسف الطفل الذى تعرض لإساءة جنسية من قبل أكثر عرضة للإساءة مرة أخرى ومن أشخاص مختلفين. كيف أتصرف فى حالة تعرض ابنى لإساءة جنسية؟ فى هذه الحالة يجب عدم توجيه أسئلة للطفل لأننا غير متخصصين وتركها لشخص متخصص لأنه يتطلب مهارة خاصة، وقد تمضى سنوات لكى يفصح الطفل عن تعرضه لإساءة خشية ألا يصدقه أحد، أو خوفا من المعتدى، لذلك يجب علينا عدم محاولة تكذيب الطفل وإشعاره دائما بالأمان. وأوضحت د.هالة أن الأمهات البديلات أهم كادر فى دور الرعاية حيث إن السنوات الأربع الأولى من حياة الإنسان هى الأهم مع ضرورة وجود شخص ثابت فى حياته يتعلق به ويكون مصدرا للأمان والاستقرار النفسى، لذلك أكدت أهمية الاهتمام بكادر الأمهات البديلات فى المؤسسات الإيوائية ودور الرعاية من خلال تدريبهن وتوفير رواتب مجزية وحسن اختيارهن من البداية. نموذج إنجليزى قابل للتطبيق أشارت د.هالة خلال ندوة جمعية وطنية لتنمية وتطوير دور الأيتام إلى نظام يتبع فى انجلترا لحماية الطفل وتأمل فى تطبيقه فى مصر لسلامة أطفالنا حيث توجد جهة مختصة يتم إبلاغها عن أى شكوى تجاه أى شخص يشتبه أنه أساء لطفل حتى وإن لم يتم إثباتها رسميا، وهذه الجهة تقوم بتسجيل الشكوى وتاريخها واسم الشخص المشتبه به ونوع الإساءة فى قاعدة بيانات مركزية، وفى حالة تكرار الشكوى تجاه ذات الشخص، يبدأ البحث والتحقيق معه. وإذا أراد أى شخص العمل فى وظيفة تتعلق بالأطفال، يتم تقديم تقرير من هذه الجهة لجهة العمل يثبت فيها أنه لم يقدم ضده أى شكوى، أما فى حالة وجود شكوى حتى وإن كانت بسيطة، يمكنه العمل فى أى مجال آخر بعيدا عن الأطفال نهائياً. وعن دور المجتمع تناشد الأهل بضرورة التحرر من الخوف ومن الفضيحة والإبلاغ عن أى مسىء للجهات الرسمية حيث تشير الإحصائيات إلى أن الشخص الذى يسئ للأطفال جنسيا يسىء ل 20 طفلا خلال متوسط عمره، وبالتالى بالإبلاغ قد نحمى 19 طفلا آخر مستقبلا. وتنبه د.هالة إلى ضرورة حذف كلمات من قاموسنا اليومى مثل «هسيبلك البيت وأمشى»، «مش عايزة أشوف وشك»، «هدبحك.. هالسعك»، لأنها تعزز لدى الطفل الشعور بأنه مرفوض أو منبوذ مما يقلل من ثقته بنفسه، ويشعره بأنه ليس له قيمة، كما أن بعضها يرهب الطفل ويشعره بعدم الأمان، لذلك علينا أن نكون حريصين فى التعبير عن رفضنا لتصرفاته وأفعاله وليس للطفل نفسه.