رمية المركز الثانى التى حصد بها بطل مصر ايهاب عبد الرحمن فضية بطولة العالم لرمى الرمح، كتبت سطورا جديدة فى مسيرة الرياضة المصرية .. وكشفت عن مرحلة غير مسبوقة فى تاريخ الابداع والتألق، فمن ناحية أكدت انه من رحم المعاناة .. تولد الانجازات، ومن ناحية اخرى اشارت الى انه وللمرة الاولى فى تاريخنا القديم والمعاصر نعرف ما يسمى «صناعة الابطال». انجاز عبد الرحمن ابن الشرقية ولاعب النادى الاهلى فى مسابقات عروس الدورات الاوليمبية، لم يكن وليد الصدفة بل احاطت به عوامل كثيرة من الاعداد والمجهود الشاق والعناد والاصرار على التفوق، فعلى الرغم من الظروف الشخصية الصعبة التى مر بها، وكشف عنها البطل الجديد من خلال حذائه الممزق فى دورة الالعاب الاوليمبية بلندن ورفض الاتحاد شراء واحد بديل له، وايضا اقامته فى شقة متواضعة بلا شبابيك فى عزبة الهجانة، الا انه كان مصرا على اثبات وجوده وسط الكبار، والانطلاق نحو منصة التتويج. البداية كانت بالحصول على المركز الثانى فى بطولة العالم للناشئين عام 2007، ثم عاد بعد ست سنوات ليحقق المركز السابع فى بطولة العالم الماضية بموسكو، ثم توج بالميدالية الذهبية فى بطولة كأس العالم للقارات التى أقيمت فى الدوحة سبتمبر 2014 عندما حققت رميته مسافة 85.44 متر، وجاء بعد ذلك ليدهش العالم فى الدورى الماسى «جولة شنجهاي» بالصين عندما حقق رمية تاريخية فى مسابقات رمى الرمح بمسافة قدرها 89.21 متر. كما كان بطل مصر ووصيف العالم من أوائل المتأهلين إلى أولمبياد البرازيل 2016 ، بعدما حققت رميته مسافة 83,14 متر فى الدورى الماسى الذى أقيم بالعاصمة القطرية الدوحة فى شهر مايو الماضى ثم كان إنجازه الأعظم فى بطولة العالم فى بكين برمية رمح بلغت مسافتها 88.89 متر، ليحقق لمصر أول ميدالية فى بطولة العالم منذ انطلاق منافساتها عام 1983 فى فنلندا. وتزداد اهمية انجاز عبد الرحمن انه جاء ليؤكد نجاح مصر من خلال وزارة الرياضة ممثلة فى الوزير خالد عبد العزيز واللجنة الاوليمبية برئاسة المهندس هشام حطب فى التطبيق الفعلى لمقولة ما يسمى «صناعة الابطال» فللمرة الاولى تبدأ ملامح هذه الخطة ليس فقط فى عروس الدورات الاوليمبية بل ايضا فى السباحة من خلال البطلين احمد اكرم رابع العالم وفريدة عثمان وصعود كل الى منهما الى دورة الالعاب , مما يشير بقوة الى ان الحديث عن المنافسة على ميداليات فى ريو دى جانيرو ليس من قبيل التوقعات او الامنيات فقط. ويؤكد د.وليد عطا الله رئيس اتحاد العاب القوى هذا الكلام بقوله ان انجاز بطل رمى الرمح يشير الى انه يسير بخطى حثيثية نحو تحقيق ميدالية اوليمبية لاول مرة فى تاريخ مصر مشيرا الى ان عبد الرحمن يمتلك من الاصرار والعزيمة والقدرات ما يمكنه من الدخول وسط الثلاثة الاوائل. واضاف ان الاتحاد يوفر كافة الامكانيات والدعم من خلال وزارة الرياضة واللجنة الاوليمبية للاعب . حتى يحقق طموحات الشعب المصرى وانه يمثل نواة لاجيال قادمة فى اللعبة قادرة على تمثيل مصر فى المحافل الدولية . وتكتسب ميدالية عبد الرحمن فى بطولة العالم اهمية اخرى لانه بات مرشحا بقوة لدخول تاريخ العاب القوى من اوسع ابوابه فى الاوليمبياد فى حالة حصوله على ميدالية ذهبية فى ريو دى جانيرو لانه اذا كانت مصر على مدار تاريخها الاوليمبى حصلت على 26 ميدالية منها سبع ذهبيات وتسع فضيات والباقى من البرونز فانها لم تتذوق ذلك على الاطلاق فى هذه اللعبة ممما يجعله على ابواب اللحاق بالعظماء من امثال خضر التونى بطل رفع الاثقال الذى انحنى له الزعيم النازى هتلر احتراما بعد تألقه فى دورة برلين 1936 ولا يزال يمثل رمزا للرياضة المصرية فى العالم كله. الفنلندى بييرونن :عبدالرحمن لديه موهبة طبيعية فى الرمي قال الفنلندى بييرونن مدرب ايهاب عبدالرحمن انه كان يستطيع ان يتخطى حاجز ال90 مترا اذا خضع لتدريب افضل. ان الذراع التى يستعملها للقيام بالرمى هى من افضل ما شاهدت. انه طويل القامة وقوى من الناحية البدنية ولديه موهبة طبيعية للرمي. يستطيع ان يركض بسرعة اكبر، وان يصبح اقوى وفى حالة بدنية افضل ما يؤهله لانه يكون من الافضل فى اختصاصه. واشار لم تطل تجربته الاولى فى كوتران طويلا، فعدم اجادته للغة الانجليزية وعدم تأقلمه مع الاجواء الصقيعية بالاضافة الى اصابة فى ظهره جعلته يعود الى مصر بعد اسبوعين فقط. ويعترف بقوله «لم يكن يفهم ما كانوا يقوله الناس فى فنلندا». لكنه ذهل بعد ان اجرى التمارين هناك برفقة بطل العالم عام 2007 الفنلندى تيرو بيتكاماكى ونجح فى تعلم الكثير من المدرب الفنلندى بيتيرى بييرونن (مدربه حاليا)، كما انه بدأ بتعلم اللغة الانجليزية بعد عودته الى الديار. ثم عاد الى كوتران ووطد علاقته مع بييرونن فواصل عملية تطوير مستواه باشرافه. قال البطل المصرى ايهاب عبد الرحمن عقب فوزه بفضية بطولة العالم لرمى الرمح «انا سعيد جدا وفخور بهذه النتيجة التى اهديها الى كافة الشعب المصري». واضاف «المنافسة كانت قوية جدا وخضت المنافسات وتفكيرى مشتت بسبب مشاكل صحية لوالدتى كما اعانى من اصابة طفيفة فى ظهرى اثرت بعض الشيء على ادائى خلال المسابقة». وكشف «لدى قيامى بمحاولتى الثالثة شعرت بألم مفاجئ فى ظهري». وختم «على العموم انا راض من النتيجة خصوصا فى ظل المنافسة القوية بين افضل رماة العالم اليوم، لكنى واثق من قدرتى على تحسين مستواى من الان وحتى دورة الالعاب الاولمبية العام المقبل فى ريو دى جانيرو». وكشف عن الصعوبات التى واجهها خلال استعداده لبطولة العالم «اصابة والدتى فى ظهرها جعلتنى اقوم بزيارتها يوميا فى القاهرة فى رحلة تستمر 3 ساعات، لقد كانت عاجزة عن المشى وقد آلمنى هذا الامر كثيرا. آمل ان تكون ميداليتى حافزا لها لتخطى المشاكل التى تواجهها». وتابع «كما اعانى حاليا من آلام طفيفة فى اسفل الظهر، وقد عاودتنى لدى قيامى بالمحاولة الثالثة».