فى الوقت الذى تخوض فيه الدولة حربا شرسة ضد الارهاب، والعمل على تحقيق الأستحقاق الاخير من خريطة المستقبل بانتخاب أعضاء مجلس النواب، ومسابقة الزمن فى طرح المشروعات العملاقة فى مجال التنمية الاقتصادية الشاملة لتوفير فرص عمل للشباب والحفاظ على الأمن القومى المصرى والعربى، ومع فرحة المصريين باطلاق إشارة تشغيل قناة السويس الجديدةأمام الملاحة الدولية، نجد إعلاء الأصوات فى وسائل الاعلام المختلفة تطالب بتعديل الدستور، والرجوع للخلف بحجة وجود عيوب فى نصوصه وصفوها بالجسيمة، والاخلال بمبدأ الفصل بين السلطات وبتقييد سلطات رئيس الجمهورية ، فضلا عن وجود خطر على السلطة القضائية وعدم وجود معايير لاختيار رئيس مجلس الوزراء .
ولكن أقول لهؤلاء لا محل لطلب تعديل الدستور فى الفترة الإنتقالية لأسباب عديدة هكذا يقول عبد المنعم العليمى عضو مجلس الشعب الاسبق " مستقل" ، أولا: الدستور قائم على الفصل بين سلطات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية وفقاً لاحكام الباب الخامس منه وهذه الاحكام تماثل ما ورد بالباب الخامس عن نظام الحكم بدستور1971 وتطابق الدساتير السابقة الصادرة أعوام 1923، 1956، 1964م. ثانيا: الاختصاصات المحددة لرئيس الجمهورية وردت بالفصل الثانى من الباب الخامس بالدستور، أن رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورئيس السلطة التنفيذية، وله أن يفوض بعض اختصاصاته لرئيس مجلس الوزراء أو لنوابه أو للوزراءأو للمحافظين، وله دعوة الحكومة للإجتماع للتشاور فى الأمور المهمة، ويضع بالأشتراك مع مجلس الوزراء السياسة العامة للدولة ويعين الموظفين المدنيين والعسكريين والممثلين السياسيين ويعفيهم من مناصبهم ، وله العفو عن العقوبة أو تخفيضها، وله أن يدعو الناخبين للاستفتاء فى المسائل التى تتصل بمصالح البلاد العليا، ويدعو مجلس النواب للانعقاد للدور العادى ولغيرالعادى، وله الحق فى اقتراح القوانين وحق إصدارها والاعتراض عليها، وله أن يصدر قرارا بوقف جلسات مجلس النواب، وأن يطلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور،وهذه الاختصاصات سبق أن أقرها دستور عام 1971 المعمول به قبل ثورة25 يناير، كما نص الدستور تشكيل مجلس الوزراء بموافقة مجلس النواب ، وفى حالة وجود خلاف بينهما عد المجلس منحلا، وأعفاء الحكومة من أداء عملها بموافقة أغلبية المجلس. وإبرام المعاهدات ويصدق عليها بعد موافقة المجلس،ورئيس الجمهورية هو القائد الاعلى للقوات المسلحة ، ولا يعلن الحرب ولا يرسل القوات المسلحة فى مهمة الى خارج حدود الدولة إلا بموافقة المجلس بأغلبية ثلثى الاعضاء. ويعلن رئيس الجمهورية حالة الطوارىء بعد أخذ رأى مجلس الوزراء وعرضه على مجلس النواب خلال الأيام السبعة التالية، ويجوز للمجلس سحب الثقة من الرئيس عند مخالفة أحكام الدستور . ثالثا: حظرت الدساتير السابقة وأحكام المحكمة الدستورية العليا عند تفسير أحكام مواد الدستور مادة - مادة وقد نصت المادة 227 منه على أن يشكل الدستور بديباجته وجميع نصوصه نسيجا مترابطاً وكلا لا يتجزأ ، وتتكامل أحكامه فى وحدة عضوية متماسكة . رابعا: المادة 224 منه نصت على أن كل ما قررته القوانين واللوائح من أحكام قبل صدور الدستور فى 18 من يناير 2014 م يبقى نافذاً، ولا يجوز تعديلها ولا إلغاؤها إلا وفقا للقواعد والإجراءات المقررة فى الدستور، وتلتزم الدولة بإصدار القوانين المنفذة لاحكام هذا الدستور . خامسا: لا يجوز من الناحية الإجرائية طلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور إلا بعد تشكيل مجلس النواب الذى بدأ فى اجراءات انتخاب أعضائه عملا بأحكام المادة 226 من الدستور. سادسا: معايير اختيار رئيس مجلس الوزراء نصت عليها المادة 164 من الدستور، على أن يكون مصرياً من أبوين مصريين، والا يحمل هو أو زوجته جنسية دولة أخرى، وأن يكون متمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية وأن يكون أدى الخدمة العسكرية أو أعفى منها، والا تقل سنه عن خمس وثلاثين سنة ميلادية فى تاريخ التكليف – وأضيف أن تتوافر فيه المعايير الأخرى لتحمله المسئولية عند شغل هذا المنصب المرموق. سابعا: النص بالمادتين 239 ، 241 بالاحكام الانتقالية بتنظيم قواعد ندب القضاة وأعضاء الجهات والهيئات القضائية، وبطلب إصدار قانون العدالة الانتقالية فى أول دور انعقاد لمجلس النواب، لا يخل بالتشريعات الدستورية الواردة بالباب الخامس من الدستور وبمبدأ الفصل بين السلطات. ثامنا: ما اثير حول الفقرة الثالثة من المادة 38 من الدستور أن تكون الضرائب على دخول الافراد تصاعدية متعددة الشرائح فنصت قبلها احكام الفقرتين الاولى والثانية من ذات المادة على أن يهدف النظام الضريبى وغيره من التكاليف العامة الى تنمية موارد الدولة وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية، ولا يكون إنشاء الضرائب العامة او تعديلها او إلغاؤها إلا بقانون، ولا يجوز الإعفاء منها إلا فى الاحوال المبينة فى القانون، ولا يجوز تكليف أحد بأداء غير ذلك من الضرائب أو الرسوم إلا فى حدود القانون ومن خلال ذلك العرض يبين لنا أن هناك توازنا فى الاختصاصات بين الرئيس ومجلس النواب وبعدم وجود قيد على سلطات الرئيس، ولا محل لطلب التعديل فى الدستور فى المرحلة الانتقالية التى استمرت خمسة أعوام منذ قيام ثورة 25 يناير وحتى الآن.