يشهد المجتمع في الوقت الراهن حالة من فوضي البيانات والمعلومات, في ظل حراك سياسي لم تشهده البلاد من قبل واوضاع اقتصادية يغلب عليها الضعف. فهناك من يدعون قيامهم باستطلاعات للرأي لخدمة احد مرشحي الرئاسة, وغالبا ما تستهدف تضليل الرأي العام, وهناك من يخرجون علينا ببيانات واحصاءات حول الاحتياطي النقدي الذي بدأ في التراجع وبقوة, ولكن في كل مرة هناك رقم مختلف, وتراجع في الصادرات ونمو في الواردات واختلاف في ارقام الحصيلة!!. ولاشك ان كل هذا التضارب من شأنه ان يؤثر علي اي قرار يمكن اتخاذه, لذلك كان لقاؤنا مع اللواء ابو بكر الجندي رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء ضروري للتعرف منه علي اسباب هذه الفوضي . تشهد الساحة الاقتصادية في الوقت الحالي حالة من الفوضي في استطلاعات الرأي فماذا انتم فاعلون لمواجهة هذه الظاهرة باعتباركم الجهاز المسئول الاول عن البيانات في مصر, وهل تقدمون بالفعل خدمات في سباق الرئاسة الحالي؟ الجهاز يقدم خدماته من خلال فحص بيانات المرشحين للانتخابات وفحص بيانات المواطنين التي يتم الادلاء بها في توكيلات الشهر العقاري لصالح مرشحي الرئاسية وغيرها من الخدمات, اما تنظيم فوضي استطلاعات الرأي فانه يحتاج لوجود كيانات معروفة لعمل تلك الاستطلاعات علي غرار مركز معلومات مجلس الوزراء وهو الجهة الوحيدة المسموح بها بذلك في الدولة, بالاضافة الي الاستطلاعات الاخري والتي تتسم بالمصداقية في مجال الاعمال والتي يقوم بها مركز الدراسات السياسية بالاهرام في اطار بروتوكول تعاون مع جهاز الاحصاء, اما باقي الجهات فانها تحتاج لاصدار تصاريح من رئيس جهاز الاحصاء ومن وزارة الداخلية وكذلك المحافظة التابع لها الجهة البحثية التي تريد اجراء بحث ميداني او استطلاع للرأي. ومن ناحية اخري يعمل الجهاز علي السيطرة علي الاستطلاعات التي تجريها بعض الجهات الخارجية عبر الانترنت والتليفونات مع المواطنين مباشرة. وعن مراكز الاستطلاعات الخاصة يؤكد ابو بكر ان اول مركز خاص للاستطلاعات سوف يبدأ خلال فترة قصيرة اعماله برئاسة الدكتور ماجد عثمان حول انتخابات الرئاسة من اهم مطالب ثورة25 يناير تحقيق العدالة الاجتماعية وزيادة الاجور, كما يشمل برنامج الاصلاح تحقيق التوازن بين الاجور والاسعار فهل التهمت الاسعار الزيادات في الاجور خلال العام الاخير؟ حدثت زيادة في الاجور في الجهاز الاداري بالدولة بنسبة10% وفي معدل التضخم في الاسعار بنسبة9 ر9%, ومن ثم فان المعادلة متوازنة بين الاجور والاسعار. اما الزيادة في الجهات الاخري بنسب قد تصل الي25% فقد حدثت في جهات محددة بفعل ضغوط الاضرابات والاحتجاجات الفئوية. وتؤكد بيانات الجهاز ان50% من الغذاء يتم استيراده من الخارج في الوقت الذي تحدث فيه قفزات في الاسعار العالمية اضافة الي الاحتكارات في الاسواق وعدم سيطرة الدولة علي الاسواق مما يؤدي الي ارتفاع الاسعار بصورة تلتهم الزيادات في الاجور, وحتي اسعار السلع في المجمعات الاستهلاكية فلايمكن القطع بانها اسعار رخيصة تناسب امكانيات المستهلك محدود الدخل. هل تعكس بيانات الجهاز عدم العدالة في توزيع الدخل وهي قضية مهمة تستأثر باهتمام الحكومة الحالية؟ من واقع بيانات بحث الدخل والانفاق الاخير لعام2010-2011 فان متوسط الانفاق السنوي لاسر البحث وعددها27 الف اسرة بلغ حوالي22 الف جنيه بالاسعار الثابته بنسبة زيادة7 ر9% عن متوسط انفاق الاسرة بالاسعار الثابتة عام2008-2009 وتزيد النسبة في محافظات الحضر بنحو20% عن المتوسط العام للجمهورية, وتقل في الريف عن المتوسط العام بنحو16%, ويبلغ اعلي متوسط للانفاق في اربع محافظات وهي القاهرة والاسكندرية وبورسعيد والسويس حيث يزيد عن المتوسط بنسبة48% اما اقل المحافظات في متوسط الانفاق فهي ريف الوجه القبلي الذي يقل عن مستوي الجمهورية بنسبة25% مما يعكس ضعف المستوي المعيشي, ووفقا للبحث تصل نسبة انفاق الاسر المصرية علي الاطعمة والمشروبات40% من قيمة انفاق الاسر مقابل20% في الدول المتقدمة, حيث يعكس ارتفاع النسبة تدني المستوي المعيشي للمواطنين وتصل نسبة الانفاق علي المسكن ومستلزماته18% وعلي الخدمات الصحية8% والثقافة والترفيه2 ر2% والاتصالات5 ر2%. للدعم الغذائي والتعليم والفقر مؤشرات اخري تعكس عدم العدالة الاجتماعية, فكيف يتضح ذلك من خلال احصاءات بحث الدخل والانفاق والاستهلاك؟ تشير البيانات الي ان65% من اسر عينة البحث 27 الف اسرة مغطاة تموينيا وتصل نسبة تغطية الاسر بالبطاقات التموينية الي72% في الريف مقابل56% من اسر الحضر, وطبقا للبحث فان نسبة الاسر الاكثر ثراء والاكثر انفاقا في المجتمع المغطاه بالبطاقات التموينية تصل الي62% مما يشير الي ان الدعم لايصل لمستحقيه. اما متوسط انفاق الطالب علي التعليم فيصل الي762 جنيه في السنة علي مستوي الجمهورية. اما عن مؤشرات الفقر الاخري فتشير البيانات الي ان نسبة السكان تحت خط الفقر الوطني بلغت2 ر25% في عام2010-2011 مقابل7 ر16% في عام99-2000 وتصل نسبة الفقراء تحت خط الفقر في ريف الوجه القبلي الي51% من السكان, وفي حضر الوجه القبلي تصل النسبة الي30% وفي ريف الحدود الي33% وفي ريف الوجه البحري الي17% وحضر الوجه البحري والمحافظات الحضرية الي10% وفي حضر الحدود30% مما يعكس تفاوت نسب الفقر وارتفاعها الكبير في الريف عن الحضر. حدثت العديد من الازمات في فترة ما بعد الثورة مثل ازمة البنزين والسولار وارتفاع نسبة البطالة فما هو دور جهاز الاحصاء في مواجهة تلك الازمات؟ لقد رصد الجهاز الزيادة في معدلات البطالة بنسبة33% خلال الشهور الاخيرة كما عكست ازمة البنزين والسولار تناقصا في بعض الكميات رصدها الجهاز ورصد كذلك الخلل في الدعم بين انواع البنزين المختلفة مثل بنزين92 وبنزين95 وقد رصد الجهاز الخسائر منذ الايام الاولي للثورة وحتي الان حيث انخفضت ايرادات السياحة من يناير الي ديسمبر2011 بحوالي2 ر3 مليار دولار بنسبة33% وانخفض دخل الصناعة بنسبة11% والتشييد والبناء بنسبة30% نتيجة توقف اعمال التشييد والبناء وشهد قطاع الزراعة ثباتا نسبيا. ومن اهم القطاعات الواعدة التي سجلت تحسنا قناة السويس والتي حقت زيادة في عائداتها بنسبة7% وزادت الصادرات بنسبة5% كما زادت تحويلات المصريين العاملين بالخارج من9 مليارات الي12 مليار دولار في العام المالي الاخير وحقق الناتج القومي الاجمالي معدل نمو8 ر1%, وقد تم وضع البيانات السابقة تحت يد صانعي القرار لمواجهة ازمة البطالة وتصاعد المطالب الفئوية واعادة النظر في سياسات دعم الوقود وبخاصة البنزين92 و95 الذي يمثل دعما للفئات الاكثر ثراء في المجتمع,. كيف يمكن منع التضارب في البيانات والاحصاءات بين الاجهزة الحكومية والجهات المنتجة للاحصاء في مصر؟ ينظم الاحصاء في مصر القانون الذي صدر في عام1914 والذي يحتاج الي تعديل بعض بنوده حتي يصبح مظلة لحماية احصاءات الجهاز من الجهات التي تستخدم بياناته دون الاشارة لمصدرها وكذلك حماية اي جهة احصائية من استخدام الجهات الاخري لبياناتها لاجراء تحليلات قد تخرج بنتائج متضاربة, وطالبنا مؤخرا بضرورة تشكيل مجلس اعلي للاحصاء في مصر لتنظيم النشر ومنع التضارب في البيانات,