أكد الدكتور خالد حنفى وزير التموين والتجارة الداخلية، أن قناة السويس الجديدة والمشروعات التى ستقام على ضفتيها وفق المخطط العام لتنمية محور القناة سيضيفان قيمة اقتصادية جديدة لمصر تعادل ثلث الاقتصاد الحالى، وتوقع أن تصل عوائد مشروعات التنمية بعد افتتاح القناة الجديدة نحو 100 مليار دولار سنويا إذا ما تم استغلال الموقع الاستراتيجى لهذه المنطقة وفق أفضل النظم، وبنفس السرعة التى تتناسب مع عملية الحفر التى تجاوزت الأرقام القياسية وفق موسوعة «جينيس» العالمية. وأضاف الوزير، فى حوار خاص ل «الأهرام»، أن القناة الجديدة ستعمل على مضاعفة حركة نقل الحاويات والبضائع بشكل قوى، فى الوقت الذى تمر بها نحو 25% من تجارة الحاويات فى العالم. وأكد حنفى، الذى يعد خبيرا فى النقل واللوجستيات، أن منطقة القناة باتت تحت مجهر كافة الشركات العالمية ورؤوس الأموال التى تبحث عن معدلات ربح كبير، حيث تعد تلك المنطقة محورا مهما لانطلاق صناعات تصديرية لمختلف دول العالم. وحول تأثير القناة الجديدة على حركة التجارة العالمية وفرص الاستثمار التى يمكن أن تتيحها لمصر والعوائد الاقتصادية كانت لنا هذه السطور. كيف ترى تأثير قناة السويس الجديدة على حركة التجارة العالمية؟ تتنافس قناة السويس مع عدد من المعابر والمنافذ العالمية، والقناة قبل تطويرها كانت عبارة عن اتجاه واحد، وكانت تسمح بمرور قوافل التجارة فى اتجاة واحد فقط، وكان ذلك يؤدى إلى تعطيل فى الوقت، رغم أن القناة كان هدفها الأساسى توفير الوقت، ومع افتتاح القناة الجديدة ستزيد الطاقة القصوى للقناة ومعها ستتمكن من مضاعفة عدد السفن التى تمر بها، وبالتالى تحقق الهدف المنشود وهو مضاعفة عدد السفن واختصار الوقت. ومعظم حركة التجارة الدولية حاليا تتجه من الدول الآخذة فى النمو والصين إلى مختلف المناطق فى العالم وبالتالى من المفترض أن تمر عبر قناة السويس، وتصبح قناة السويس الجديدة مهمة لمستقبل التجارة الدولية فى العالم كلة خلال الفترة المقبلة. وسوف تتزايد حركة نقل الحاويات عبر القناة، حيث يمر بها الآن نحو 25% من حجم الحاويات العالمية ومن المتوقع أن تتضاعف هذه الحصة مع افتتاح القناة الجديدة. والهدف من قناة السويس الجديدة ليس زيادة حركة المرور والسفن فقط بل إن الهدف الأكبر هو تحويل مصر إلى محور ارتكاز عالمى وهى بالفعل كذلك، ومن المتوقع أن يصل عدد السفن التى تمر بالقناة إلى نحو 98 سفينة فى اليوم، وستنشأ على ضفاف قناة السويس صناعات لوجستية تعظم من العائد على القناة. وقناة السويس فى شكلها القديم لم تستغل الاستغلال الأمثل، وظلت مصر تعتبرها منذ حفرها على أنها طريق للمرور فقط ومع دخول القناة الجديدة والمشروعات التى ستقام بالمنطقة ستتضاعف عوائد القناة عشرات المرات بدلا من العائد الحالى الذى يدور حول 5 مليارات دولار. ولن تكون الفائدة على الاقتصاد المصرى من رسوم المرور فقط بل من الاستفادة من المشروعات والصناعات التى ستقام على ضفاف القناة، وبالإضافة إلى عبقرية مكان القناة، فهى تتمتع بوجود مساحات شاسعة حولها، فمعظم المواقع الجيدة على مستوى العالم لا توجد بها مساحات واسعة، وبالتالى مزجت المساحة بالموقع، مساحة تسمح بالتوسع وموقع استراتيجى ويدعم هذا بقوى عمالة تضيف ميزة تنافسية للمنطقة ممثلة فى الايدى العاملة الرخيصة. إلى أى مدى ستغير القناة الجديدة فى منظومة التجارة العالمية؟ التجارة العالمية بشكلها القديم الكلاسيكى كانت تقوم على فكرة نقل المنتج النهائى من الدول المصنعة الى الدول المستهلكة، لكن مع تطور الفكر التصنيعى والاتجاه الى فلسفة البحث عن المزايا التنافسية بالدول المختلفة للوصول بالمنتج الى افضل جودة وأقل سعر، وبالتالى اصبحت السيارة على سبيل المثال التى يطلق عليها إنها أمريكية يصنع منها نحو 70% خارج الولاياتالمتحدةالأمريكية، وأصبحت الريادة فى قدرة المنظمات والشركات العالمية فى البحث عن أفضل مناشئ للمنتجات وتمكنها من الانطلاق لباقى الأسواق العالمية، وتلبى منطقة قناة السويس تلك الطموحات، حيث ستمكن الشركات العالمية الباحثة عن المزايا التنافسية فى وجود ما تبحث عنه من خلال المناطق الصناعية واللوجستية المستهدف اقامتها بالمنطقة. هل حققت قناة السويس الجديدة تلك المعادلة الصعبة؟ حققت القناة الجديدة شرط سرعة النقل والشحن مع ازدواج عمليات المرور وكذلك شرط عبقرية المكان المتميز عالميا، وأصبح الوضع الجديد يبشر بقدرة اقتصادية جديدة وكبيرة تضيف إلى الاقتصاد المصرى. ومصر مؤهلة فى زمن قصير أن تنطلق، وسوف يقود هذا الانطلاق قناة السويس الجديدة بوصفها نقطة الارتكاز التى ستشجع على جذب استثمارات واعدة بالمنطقة. لكن علينا متطلبات لابد من عملها بعد مضاعفة سرعة المرور بالقناة، وبعد يوم 6 أغسطس المقبل لابد أن نهيئ المناخ الجاذب للاستثمار، وعلينا أن نقوم بالترويج للمخطط الشامل الذى تم إعداده لأننا نتحدث عن إضافة جديدة للاقتصاد تعادل نحو 30% من حجمه الحالى، بما يعادل نحو 100 مليار دولار إضافية سنويا وسوف تولد سنوياً وتدريجيا. وهنا نحن لا نتحدث عن نمو بل نتحدث عن تنمية، فقناة السويس تنقل ثقافة إدارة الاقتصاد المصرى من اقتصاد فقط معنى بالنمو إلى اقتصاد معنى بالتنمية والتنمية تحوى النمو فالتنمية تعنى تغيرا فى الهيكل والبنيان الاقتصادى، ولأول مرة فالاقتصاد المصرى بقناة السويس يضع البعد المكانى جنبا إلى إلى جنب مع البعد الزمنى والبعد القطاعى، فالخطط الزمنية كانت توضع فى الماضى على انها خطط زمنية أو قطاعية زراعة او صناعة أو غيرها، وكان يهمل دائما البعد المكانى وأدى ذلك إلى اهمال وتكدس تفرعت منه كافة مشكلات مصر، ونحن فى أقصى تقدير نعمل على 10% من مساحة مصر. وإذا أحسن استغلال المنطقة فنحن نتحدث عن الانتقال إلى طريق يزيد من سرعة الاقتصاد وأصبح من الضرورة وجود نظرة مختلفة والمذهل أن هذه النظرة جاءت سريعة جدا من وقت الإعلان عن القناة الجديدة، وبالتالى نحتاج إلى حركة قوية فى المنطقة تتماشى مع السرعة المذهلة التى تم بها المشروع. هل لدينا قدرة على استيعاب هذا الطموح الكبير؟ تقاس الطاقة الاستيعابية للاقتصاد بعدة أشياء، فمشروع قناة السويس يوسع الطاقة الاستيعابية للاقتصاد تجعله يستوعب استثمارات بأضعاف ما كان عليه وأقصد هنا المشروعين وهما قناة السويس الجديدة وكذلك تنمية محور القناة. وهناك طاقات عالمية كبيرة لابد أن نجذبها بشكل قوى إذا كنا نتحدث عن تنمية، فالاستثمار فى أى دولة يعتمد على الادخار لتمويله، وبالتالى لابد أن نفتح رافدا للاستثمار يعتمد على رافد ادخارى خارجى يمول المشروعات التى نطمح إليها. كيف يمكن لمصر الاستفادة من الاتفاقيات التجارية مع التكتلات الاقتصادية؟ مصر لديها موقع متميز وكذلك اتفاقيات تجارية تؤهلها للعبور لأكثر من 16 مليار نسمة، منها اتفاقيات التجارة العربية والتى ستتحول فيما بعد إلى اتحاد جمركى قريباً وكذلك اتفاقية التجارة الإفريقية والاتحاد الأوروبى، والمدقق لموقع مصر يجد أن مصر تقع فى منتصف دول هذه الاتفاقيات وبالتالى سوف تجد الشركات العالمية فرصة قوية لاختيار مصر كنقطة ومحور ارتكاز لها فى تلك المنطقة، كما أن مصر تتحرك فى هذا الاتجاه الآن فلديها بضاعة وطاقات إنتاجية لم تستغل بشكل جيد. وما تم فى عملية الحفر من سرعة ودقة لابد أن يكون درسا واضحا لما يجب أن تكون عليه الأمور فى مصر، فالمشروع تحدى كافة المعايير العالمية فى السرعة والجيولوجيا. اتوقع أن ترتفع استفادة مصر من الحاوية الواحدة التى تمر بالقناة إلى 3000 دولار بعد اتمام عمليات التنمية بالمنطقة وقد تزيد بدلا من مستويات 150 دولارا التى يتم تحصيلها حاليا. كيف تستفيد مصر من القناة الجديدة فى تعزيز حركة التجارة الداخلية؟ مصر لديها عجز مزمن فى الميزان التجارى، بمعنى أن الصادرات المصرية تعجز عن تمويل الاستيراد ووصل الفرق لنحو 50%، وبالتالى لن يستقيم الوضع بهذا الشكل، وقناة السويس قد تكون هى السبب والوسيلة لان تجعل من مصر منصة التصدير للعديد من الأسواق، ومن الممكن خلال سنوات قليلة جدا أن تبدأ بشائر القناة وثمارها للمصريين جميعا. وسوف نشعر بهذا التأثير مع عمليات التشغيل وفرص التوظيف بالمنطقة، وستتزايد المنفعة بعد دخول المشروعات الاستثمارية المختلفة لتلك المنطقة. ما هى رؤيتك لأنماط المشروعات فى تلك المنطقة بما يعظم من العوائد على الاقتصاد المصرى؟ من الحكمة أن يتم العمل على مستويين فى تلك المنطقة، الأول قصير الأجل وفق مشروعات يمكن أن تحول مصر بشكل أسرع إلى تمساح يستطيع الاستفادة من جذورة الافريقية، فمصر تقع فى موقع متميز بالنسبة للسوق العربية، فى الوقت الذى يعد معظم استهلاك هذه السوق قائماً على الاستيراد من خارج المنطقة العربية. ومصر بحكم الموقع القريب جدا يمكن أن تؤسس صناعات لخدمة هذه الأسواق، بالاضافة إلى الصناعات المحتلفة التى تجعل من مصر محورا للانطلاق للأسواق الخارجية، وبالتالى فنحن نحتاج إلى جرأة تعادل عملية الحفر فى التسويق والترويج. ومن يملك القدرة على المغامرة والمخاطرة، يستطيع أن يجنى الثمار فالدول التى تتحرك وتسابق استطاعت أن تحقق عوائد قوية، كما أن عمليات اللوجستيات موجودة فى كافة الأعمال لانها تتعلق بسلسة الإمداد، وهى داعمة للصناعة. واقترح أن يتم عمل مناطق صناعية متخصصة فى صناعات بعينها، تحقق التخصص والتطوير، وتتجه جميعها لإنتاج مكونات صناعية لمنتج واحد، وعلى ان يكون داخل كل منطقة عنقودية مركز أبحاث، بجانبه وحدة لدراسات السوق وكذلك وحدة ثالثة للتنمية والتدريب بحيث لا يدخل أى فرد إلى هذه المنطقة إلا بعد المرور على هذه الوحدة لتأهيله. وقد يكون هناك نوع من العناقيد المختلفة تنتج منتجات متنافسة مثل الأجهزة المنزلية إلا أنها مرتبطة بنفس الوحدات الثلاث السابقة. وستقوم الحكومة بتأسيس مراكز الأبحاث والتدريب بهدف مساندة هذه المشروعات وتعزيز قدراتها على المنافسة. وتحقق المناطق الصناعية القدرة على الإنتاج بجودة عالية تشجع المستثمرين على عمل مشروعات كبيرة تعتمد على المنتج النهائى هذه العناقيد الصناعية. ومصر مؤهلة للنمو، ونحن وفق قاموس التنمية الاقتصادية مؤهلون للانطلاق حاليا خلال الوقت الحالى وأكثر من أى وقت سابق. ومشروع مدينة التسوق مرتبط بقانون تنمية محور قناة السويس لأنه بحكم الموقع يعد جزء من هذا المشروع ، كما أن مشروع الغلال بدمياط والذى تم الانتهاء من عدد من إجراءات تدشينه مع المستثمرين وهو معروض على لجنة فى مجلس الوزراء برئاسة المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء، ومن المقرر أن يصدر بها قرار جمهورى باعتباره منطقة صناعية خاصة. كيف يؤثر التقارب الإيرانى الأمريكى على حركة التجارة فى قناة السويس؟ بعد إلغاء العقوبات والحظر الاقتصادى على إيران سوف تتحرك 100 مليار دولار جديدة فى المنطقة وسوف تشهد المنطقة رواجا تجاريا، خاصة وأنه سيتم فتح التعامل مع السوق الإيرانية من قبل بعض الكتل التجارية فى المنطقة، وسوف تشهد المنطقة رواجا وسوف يتحرك المنافسون أيضا مما سيرفع الطلب وكذلك حركة العبور فى قناة السويس. وستصبح المنطقة مؤهلة لحركة تجارة وإنتاج أكبر، وقد يحفز ذلك بعض الكتل على تأسيس مشروعات فى محور قناة السويس تستهدف مختلف الأسواق. هل ستؤثر القناة الجديدة فى تطوير منظومة الموانئ المصرية؟ لابد من أن يتم التعامل مع الموانئ على أنها بوابات اقتصادية فى الأساس، وهناك تحالفات مع بعض الموانى لتقديم منتجات تتكامل مع بعضها. ولابد أن يكون التسابق فى الميناء ليس لتقديم الخدمات للحاويات فقط بل لخدمة القطاعات الاقتصادية المختلفة، وهذا يحتاج إلى موانئ متخصصة. ما هى خططكم لتطوير سلال الإمداد للاستفادة من قناة السويس الجديدة؟ تم التعاقد على أول منطقة لوجستية فى محافظة الغربية على مساحة 82 فدانا، ونجهز حالياً نحو 96 فدانا فى محافظة البحيرة، وهناك نحو 5 مناطق لوجستية فى الدلتا والصعيد وتشمل أيضا تطوير منظومة النقل الداخلى. وتم الاتفاق مع شركتين عالميتين لعمل قوافل للنقل البرى يضم 1500 سيارة كبيرة وسوف يرتبط ذلك بسيارات صغيرة، وتم اختيار هذه المناطق، وسيرتبط هذا الأسطول بمركز رئيسى لتنظيم دخول السيارات فى الوقت المحدد وسوف يحصل السائقون على شهادات قيادة دولية حتى يسمح بعبور هذه السيارات إلى دول أخرى بالعمالة التى عليها وكذلك المنتجات والفواكه الطازجة. ونسعى لعمل أسواق متخصصة لمنتجات بعينها، فمثلا سيتم عمل سوق متخصصة لمواد البناء تضم كافة المنتجات وبها أيضا مكاتب صغيرة للتصميم تساعد المواطن فى اختيار التصميم بمبالغ رمزية، وكذلك هناك اتجاه لربط العمال بهذه الأسواق مثل أعمال النقاشة وغيرها وبالتالى يضمن المواطن الحصول على خدمات جيدة.