بعد ساعات قليلة من التوصل لاتفاق تاريخى بين إيران والغرب حول برنامجها النووي، سعى الرئيس الأمريكى باراك أوباما إلى طمأنة دول الخليج حول اتفاق "خطة العمل المشتركة" حيث أجرى اتصالين هاتفين مع العاهل السعودى الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولى عهد أبوظبى نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بالإمارات لإطلاعهما على فحوى الاتفاق. وأكد البيت الأبيض فى بيان أن أوباما أشار إلى التزام الولاياتالمتحدة بالعمل مع شركائها فى الخليج لمواجهة أنشطة إيران التى تزعزع الاستقرار فى المنطقة ومن أجل تعزيز الاستقرار ودعم "بناء قدرات شركائنا فى المنطقة". وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن الرئيس الأمريكى أطلع الملك سلمان، خلال الاتصال، على فحوى الاتفاق النووى ، وأبدى حرص الولاياتالمتحدة على السلام والاستقرار فى المنطقة ، وأجابه خادم الحرمين الشريفين بأن السعودية تؤيد أى اتفاق يضمن منع إيران من الحصول على السلاح النووي، ويشمل فى الوقت ذاته على آلية تفتيش جميع المواقع. كما أجرى الرئيس الأمريكى اتصالا بولى عهد أبوظبى أطلعه خلاله على الاتفاق والضمانات التى يحققها ، فيما أعرب آل نهيان عن أمله فى أن يؤدى هذا الاتفاق إلى وقف الطموحات النووية العسكرية ويعزز الآمال بخلو المنطقة من أسلحة الدمار الشامل وإرساء ركائز الأمن والاستقرار فى المنطقة والعالم. ويعتزم أوباما إرسال وزير دفاعه آشتون كارتر الأسبوع المقبل إلى الشرق الأوسط فى مهمة شاقة لطمأنة الحلفاء وفى مقدمتهم إسرائيل بأن الاتفاق النووى مع إيران لن يقوض التزام أمريكا تجاه أمنهم ، وقال مسئولون بوزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" إن كارتر سيتوجه إلى أماكن أخرى داخل المنطقة لكنه امتنع عن تقديم تفاصيل. وفى غضون ذلك، من المقرر أن يسلم البيت الأبيض وثائق الاتفاق النووى إلى الكونجرس الأمريكى لمراجعتها خلال ساعات ، على أن يكون أمام الكونجرس 60 يوما لمراجعة الاتفاق. وستجرى مناقشات فى جلسات الاستماع العلنية بالكونجرس التى تبدأ الأسبوع المقبل، وطلب النواب أيضا بعض الجلسات المغلقة للاستماع لبعض الشخصيات الرسمية حول الجوانب التقنية للاتفاق. وتباينت ردود الأفعال داخل الكونجرس حول الاتفاق النووى ، حيث أعرب بوب كوركر رئيس لجنة العلاقات الخارجية فى مجلس الشيوخ عن شكوكه فى أن يمنع الاتفاق حصول إيران على سلاح نووي، فيما رأى إيد رويس رئيس لجنة الشئون الخارجية المسئول عن إدارة المناقشات فى مجلس النواب أن "من الصعب تسويقه" ، بينما دعت الديمقراطية دايان فينشاتين رئيسة لجنة المخابرات السابقة بالشيوخ أعضاء الكونجرس إلى دراسة الاتفاق بدقة قبل إصدار أحكام عليه. وفى نفس السياق، قال السيناتور الديمقراطى روبرت مينينديز، أحد مهندسى العقوبات الصارمة ضد طهران: "أخشى أن تكون الخطوط الحمراء التى رسمناها تحولت إلى خطوط خضراء، وأن تكون إيران مطالبة بالحد من برنامجها النووى وليس تفكيكه بينما الأسرة الدولية مطالبة برفع العقوبات". كما شن السيناتور الجمهورى ليندسى جراهام المرشح بدوره للسباق الرئاسى هجوما على أوباما وجون كيرى وزير خارجيته ، وقال :"أخذنا أكبر دولة راعية للإرهاب فى العالم ومنحناها المال لتزيد أنشطتها الإرهابية"، على حد قوله. وتزامن ذلك مع استعدادات مجلس الأمن الدولى للتصويت على الأرجح الأسبوع المقبل على قرار بالموافقة على الاتفاق النووى الإيرانى وإلغاء العقوبات المستهدفة مع الاحتفاظ بحظر الأسلحة وحظر تكنولوجيا الصواريخ الباليستية ، علما بأنه إذا لم يعتمد مثل هذا القرار فى غضون 30 يوما من استلام المجلس للشكوى من المخالفة فسيتم عندها إعادة فرض العقوبات الواردة فى جميع قرارات الأممالمتحدة السابقة ما لم يقرر المجلس خلاف ذلك. ومن جانبها، أعلنت سامنتا باور السفيرة الأمريكية لدى الأممالمتحدة أن بلادها ستقدم خلال أيام باسم مجموعة "5+1" والاتحاد الأوروبى إلى شركائها فى مجلس الأمن الدولى مشروع قرار يقر الاتفاق النووى ، وقال :"سينص القرار على إجراءات مهمة من بينها استبدال الآلية الحالية للعقوبات التى يفرضها مجلس الأمن بقيود جديدة ملزمة تقررت فى فيينا". وفى باريس، أعلن لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسى أنه ينوى زيارة إيران قريبا بناء على دعوة من طهران ، وشدد فابيوس على "الآفاق المهمة" التى تفتح للشركات الفرنسية بعودة إيران إلى الأسرة الدولية بعد الاتفاق، إلا أنه نفى دعم باريس لهذا الاتفاق لأسباب تجارية أو لا. كما يستعد سيجمار جابرييل وزير الاقتصاد الألمانى للتوجه إلى إيران الأحد المقبل للاستفادة سريعا من الفرص التجارية الجديدة السانحة بعد الاتفاق النووى التاريخى ، ويعتزم اصطحاب وفد صغير خلال زيارته التى تستغرق 3 أيام. وفى طهران، أعلن الرئيس الإيرانى حسن روحانى أن الاتفاق النووى يعد انتصارا سياسيا ، مضيفا أن إيران لن تعتبر خطرا عالميا بعد الآن ، فيما صرح محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيرانى بأن بلاده ستتخذ إجراءات والقوى الكبرى ستفعل ذلك، مشيرا إلى أنه من المقرر تطبيق النص خلال 4 أشهر. وأكد ظريف أن السلام يهدد وجود النظام الإسرائيلى الذى يستفيد من الصراعات للتغطية على جرائمها والسياسات اللاإنسانية والوحشية التى تتبعها تجاه دول المنطقة ، مبديا استعداد طهران للتعاون مع الدول العربية فى التصدى للتحديات المشتركة.