يوم12 يناير الماضي كتبت في هذه القضية القومية.. واليوم وبعد مرور نحو3 أشهر أكتب للمرة الثانية.. لماذا؟! أحكي للقارئ المحترم.. منذ أيام قليلة قرأت خبرا في الصحف يقول إن تعليمات قد صدرت( لا أعرف من هي الجهة التي أصدرت التعليمات) ببدء إعداد وتجهيز قصر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة المعروف باسم قصر الاتحادية أو قصر العروبة ليكون مقرا لرئيس الجمهورية الجديد المنتظر انتخابه! تعجبت كثيرا من هذا الخبر, وتساءلت: هل من المعقول أن يحدث ذلك بعد ثورة25 يناير؟ هل من المنطق والعقل والمصلحةأن يعود هذا القصر إلي رئاسة الجمهورية أم يجب أن يعود كفندق تاريخي يستخدم في الغرض الذي أنشئ من أجله قبل نحو أكثر من100 سنة؟ هل من المعقول أن يستولي رئيس الجمهورية الجديد علي فندق تاريخي يضم400 غرفة و55 جناحا وقاعات ضخمة ويهدر أو يضيع علي الدولة استخدامه كفندق رائع يدر دخلا للدولة هي أحوج ما تكون إليه لمصلحة الشعب والسياحة والاقتصاد؟ لا يمكن أن يكون ذلك معقولا أو مقبولا! يجب أن يعود القصر ليصبح فندق هليوبوليس بالاس من جديد.. أو كما كان وأن يدخل ضمن قائمة فنادق مصر التاريخية التي نطالب بتطويرها( مقال الخميس الماضي) والتي تمتلكها شركة ايجوث إحدي الشركات التابعة للشركة القابضة للسياحة والفنادق والسينما بوزارة قطاع الأعمال. لقد ناشدت الدكتور كمال الجنزوري والمجلس العسكري والدولة بشكل عام لحسم هذه القضية! أعود إلي أصل الحكاية حتي يتعرف عليها القارئ الذي لم يتابع مقالنا السابق(12 يناير الماضي). وأصل الحكاية, إن قصر الاتحادية أو رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة أصله فندق وكان يسمي هليوبوليس بالاس وكانت الصحف العالمية تكتب عنه أنه من أفخم فنادق العالم وأنه تم افتتاحه عام1910 تحت اسم جراند أوتيل وكانت تديره شركة فرنسية وهو من تصميم مهندس بلجيكي إيرنست خاسبار وعلي الطراز المعماري الإسلامي في أغلبه وكان قد جري تأميمه ونقل تبعيته إلي شركة إيجوث التي تمتلك فنادق الدولة, وفي السبعينيات تم تخصيصه مقرا لاتحاد الجمهوريات العربية حتي جاء الرئيس السابق حسني مبارك وأصدر قرارا جمهوريا مع بداية توليه حكم مصر بتحويله إلي مقر لرئاسة الجمهورية. وهذا الفندق هليوبوليس بالاس الذي استقبل كثيرا من نجوم وملوك ورؤساء العالم ولقبه البعض بأنه تاج محل في الصحراء نسبة إلي تاج محل الهند بغرفه وتصميماته وديكوراته وقاعاته الضخمة واخشابه ورخامه الإيطالي كان يجذب السياح الأغنياء من العالم لفخامته الشديدة لدرجة أن خبراء السياحة أطلقوا عليه لقب ديناصور الفنادق لأنه لا يستطيع فندق آخر منافسته. لقد ذاع صيت هذا الفندق في العالم لدرجة أن الصحف الانجليزية كانت تنشر الإعلانات للراغبين في السفر والسياحة إلي مصر عن هذا الفندق بشكل مميز جدا مثل الإعلان المرفق مع هذا المكان, وهذا الإعلان نموذج لما نشر في عام1928 حيث يشرح الإعلان الدعوة لقضاء الشتاء في مصر من15 ديسمبر1928 إلي15 أبريل1929 بأفخم فندق في العالم مع إشارة إلي الخدمات والفخامة والمنظر الرائع والمطبخ الفرنسي وملاعب التنس والجولف والبار الأمريكي وكل ذلك كما يقول الإعلان بفندق هليوبوليس بالاس. هل يمكن أن يهون علينا هذا الفندق مرة ثانية بعد ثورة25 يناير؟ هل بعد كل هذه الروعة وهذا الفندق التاريخي الذي يتعدي عمره100 سنة ويعتبر من القصور التاريخية, يسمح الشعب المصري بأن يظل الفندق مقرا للحكم بعد ثورة25 يناير رغم وجود قصور بديلة؟ يجب أن يعود هذا القصر إلي الغرض الذي انشئ من أجله فندقا لمصلحة الشعب والسياحة والاقتصاد. ما أكثر قصور رئاسة الجمهورية التي تصلح مقرا لرئيس الجمهورية القادم إلا هذا القصر. لقد ناشدنا في مقالنا السابق(12 يناير الماضي) الدكتور كمال الجنزوري رئيس مجلس الوزراء بأن يتدخل لإعادة هذا القصر ليستخدم كفندق وكان ذلك قبل انتخاب البرلمان, واليوم نكرر النداء للدكتور الجنزوري وللبرلمان وللمجلس العسكري, ونرجو ألا يكون ما قرأناه منذ أيام ببدء إعداد القصر كمقر لرئاسة الجمهورية صحيحا وأن يتم التراجع عن ذلك فورا! فكيف بالله عليكم يتم الاستيلاء علي هذا الفندق مرة أخري؟ فمن يجرؤ علي هذا القرار الآن؟ قبل أن يأتي رئيس الجمهورية الجديد فربما تتغير الأوضاع ونجد صعوبة في تنفيذ مثل هذا القرار! من يدري؟! إنني أتصور أن علينا بعد ثورة25 يناير أن نحدد مقرا واحدا لحكم مصر ولا نترك جميع قصور مصر مفتوحة كاستراحات أمام الرئيس الجديد يتصرف فيها كيفما يشاء, هناك قصور تاريخية يجب أن تفتح للسياحة وتدر دخلا لمصر مثل عابدين والقبة ورأس التين مثل دول العالم المتقدم( قصر باكينجهام في لندن) وهناك قصور تاريخية تابعة لوزارة الأثار يجب أن يتم تنظيم زيارات لهذه القصور. القصر الوحيد( هليوبوليس بالاس) يجب وبدون تردد أن يعود فندقا مرة أخري.. من يجرؤ علي القرار الآن؟ من يمنع استخدام فندق هليوبوليس بالاس مقرا للحكم مرة أخري؟ نحن في الانتظار! وربما يكون من المنطقي اليوم أيضا أن نتحدث عن مبني آخر بالقاهرة وهو مبني الحزب الوطني المطل علي ميدان التحرير, فقد سبق أن طالبنا بتحويله إلي فندق تابع للدولة إذا كان يصلح لذلك معماريا أو يتم هدمه وبناء فندق آخر في هذا الموقع المهم, فالسياحة المصرية في حاجة شديدة إليه مع الاحتفاظ إن أمكن ببعض معالمه أو جزء منه للأجيال القادمة شاهدا علي ثورة25 يناير. لقد قرأت في الأيام الأخيرة أن وزارة الآثار تطالب بضم المبني للمتحف المصري وأن الأرض كانت ملكيتها للمتحف.. وهنا نقول إن القضية ليست صراعا أو ليست ملكية أحد أو غيره للأرض.. أي ليست المسألة صراعا بين أهل السياحة وأهل الآثار, فلا أتصور بعد بناء المتحف المصري الكبير في الهرم ونظرا لصعوبة موقع المتحف القديم في قلب العاصمة أن يتم ضم هذا الموقع أو المبني إليه سواء كمبني أو كحديقة تنضم للمتحف, بل أتصور أن الأكثر فائدة هو أن يكون فندقا وربما يتفضل الدكتور كمال الجنزوري رئيس مجلس الوزراء بتشكيل لجنة من الخبراء لحسم هذه القضية بما يحقق المصلحة العامة. أعرف أن رئيس مجلس الوزراء تشغله قضايا أخري عاجلة, لكن ربما يكون التذكير بمثل هذه القضايا أيضا يشكل أهمية حتي لا يضيع الوقت دون فائدة.. نحن في سباق مع الزمن من أجل إصلاح أحوال البلد اقتصاديا, وهذا صميم ما نتحدث فيه أو نهدف إليه. مرة أخيرة من يجرؤ علي القرار؟ من يعيد قصر رئاسة الجمهورية الاتحادية بمصر الجديدة ليكون من جديد فندق هليوبوليس بالاتس؟ ومن يقرر تحويل مقر الحزب الوطني إلي فندق آخر تحتاجه السياسة المصرية في هذا الموقع النادر؟ نحن في الانتظار!! [email protected]