حالة من العمل والنشاط الدءوب تعيشها المجالس التخصصية منذ الإعلان عن تشكيلها العام الماضى كى تكون بمثابة المكتب الاستشارى والتنفيذى لمؤسسة الرئاسة لطرح الحلول غير النمطية وتنفيذ نماذج لمشروعات تسهم فى علاج بعض المشكلات الملحة بالمجتمع بالإضافة إلى المشاركة فى وضع القوانين ورسم السياسات العامة للدولة. وكما أوضح الدكتور طارق شوقى أمين عام المجالس التخصصية ورئيس مجلس التعليم والبحث العلمى خلال حواره مع الأهرام فإن إعلان تشكيل الأمانة العامة للمجالس منح قدرا كبيرا من الشرعية لتفعيل الأفكار والمقترحات التى وضعتها المجالس التخصصية خلال الشهور الماضية، ومنها مبادرة الرئيس نحو مجتمع مصرى يتعلم ويفكر ويبتكر والتى أطلقها فى عيد العلم حيث من المقرر فى الأول من يناير المقبل أن يتم تفعيل مشروع إتاحة المحتوى العلمى للشعب المصرى من خلال بوابة إلكترونية مجانا، يتضمن الحصول على كم هائل من المجلات والكتب العلمية عبر 11 دار نشر عالمية، كما من المقرر خلال الشهور المقبلة إطلاق 4 مشروعات مختلفة للمجالس فى مجالات التعليم والصحة والتكافل الاجتماعى وإعداد قادة المستقبل من الشباب، أغلب هذه المشاريع بتمويل من صندوق «تحيا مصر» ومن المأمول أن تسهم فى تعزيز حركة الإصلاح التى تقوم بها مؤسسات الدولة وإلى نص الحوار: ما أهم الخطوات التى تمت منذ صدور القرار الرئاسى بتشكيل الأمانة العامة للمجالس التخصصية حتى الآن؟ بشكل عام فإن تشكيل الأمانة هو من الأمور الإدارية التى استغرقت منا وقتا كبيرا ومازالت إلى الآن، فالعمل منقسم إلى جزءين، الأول إدارى داخلى يتضمن تسلم الأصول من المجالس القومية المتخصصة ونقل عدد من الموظفين للأمانة الحديثة وإعادة الهيكلة وتهيئة المبنى من حيث البنية التكنولوجية بما يسمح بإجراء كل الأعمال والأنشطة المنوط بها المجالس التخصصية. كما نعيد تقييم وإعداد الموظفين بحيث يلتحقون بالمكاتب الفنية للمجالس المختلفة، كما نقوم حاليا بإعداد مكتب إعلامى لإعداد الموضوعات التى سيتم طرحها للنقاش المجتمعى ومكتب لتلقى اقتراحات وأفكار المجتمع الخاصة بالمشروعات التى نتولى تنفيذها. كما نقوم أيضا بمراجعة الدراسات التى أصدرتها المجالس السابقة وبحث سبل الاستفادة منها. أما الجزء الثانى من عمل الأمانة، فيتعلق بالأمر الداخلى بين المجالس المختلفة. لماذا تغيرت أولويات عمل المجالس التخصصية؟ فى حقيقة الأمر فإن الأولوية فى المرحلة الراهنة للمشروعات التى تطرح حلولا مباشرة للمشكلات والقابلة للتنفيذ مباشرة، وفى ضوء أن هذا هو العام الأول للرئيس والشعب عانى على مدى السنوات الأربع الماضية على المستوى السياسى والاقتصادى والاجتماعى وبحاجة لمشروعات تبث فيه الأمل، لذلك فإن التطرق للسياسات طويلة المدى قد يكون من الأمور المؤجلة حاليا. فما نسعى له هو طرح مبادرات تعطى الثقة فى قدرة الدولة على التنفيذ وتوفير حلول مبتكرة للمشكلات الآنية. هذه المبادرات هى الشغل الشاغل لأعضاء مجلس التعليم والبحث العلمى والمجلس الاجتماعى أما المجلس الاقتصادى فجهوده موجهة لدراسة القوانين الداعمة للاقتصاد والاستثمار فى مصر. أثيرت أخيرا عدة انتقادات فى وسائل الإعلام لدور ومهام المجالس التخصصية والتى بدت فى أول إنشائها أنها ستعجل فى حل جميع المشكلات التى يعانى منها المجتمع فما ردك على هذه الانتقادات؟ للأسف فإن كل من ينتقدنا لا يعرف ظروف العمل الذى نقوم به فنحن لم نتمكن من تفعيل المشروعات التى تحدثنا عنها فى وسائل الإعلام إلا بعد تشكيل الأمانة العامة للمجالس التخصصية حيث أتاح لنا هذا الأمر عدة صلاحيات مثل إبرام العقود مع الهيئات المختلفة المحلية والدولية والتعاون المؤسسى مع الوزارات المختلفة ومؤسسات المجتمع المدنى والقطاع الخاص. أضف إلى ذلك أن كل جهودنا تتم بشكل فردى دون أى مساعدين سواء للأمور الإدارية أو الفنية، كما أن كل هذا الجهد نقوم به بصورة تطوعية وخارج الوقت الرسمى لأعمالنا. على الجانب الآخر فإن الوصول لحلول للمشكلات المجتمعية بمصر ليس من الأمور السهلة التى يمكن تحقيقها بسهولة. ما أهم المشروعات التى من المقرر تنفيذها؟ وما المدة الزمنية لهذه المشروعات؟ بالنسبة للمجلس التخصصى للتعليم والبحث العلمى فإننا نركز جهودنا لتنفيذ 3 مشاريع حيث ستتم خلال عام ونصف عام أو عامين، وهى مشروعات: إتاحة المحتوى العلمي، تدريب المعلمين ومشروع إعداد شباب القادة.على الجانب الآخر فإننا نعمل مع اللجان الوزارية المختلفة التى تتولى إعداد عدد من القوانين مثل قانون التعليم الموحد وقانون البحث العلمى للتأكد من أن القوانين الجديدة، تشمل المواد المطلوبة التى ستسهم فى إصلاح منظومة التعليم والبحث العلمي.أما المجلس الاقتصادى فيعمل حاليا على دراسة قانون الاستثمار الجديد، ويناقش مع الحكومة ملفات الموازنة العامة والعجز بميزانية الدولة.أما المجلس الاجتماعى فسيتولى تنفيذ عدة مشروعات مثل : أطفال بلامأوي-التخلص من الفيروس الكبدى سى -مصر بلا غارمات -مدينة رفح الجديدة ومشروع استصلاح المليون فدان كيف سيتم تمويل هذه المشروعات ؟ خطتنا قائمة على البحث عن جهات تمويل محلية ودولية تتولى التمويل بحيث لا نثقل كاهل الدولة بأعباء مالية جديدة وكذلك لتتاح لنا ديناميكية العمل المرن التى تتحلى به المجالس التخصصية والتى لا تكلف الدولة أى أموال، فجميعنا فى حقيقة الأمر نعمل بصورة تطوعية. وحاليا تم الاتفاق مع صندوق تحيا مصر على تمويل 4 من مشروعاتنا وهى : مشروع التخلص من الفيروس الكبدى سى و مشروع مصر بلا غارمات ومشروع تدريب المعلمين ومشروع قادة المستقبل من الشباب. وفى حقيقة الأمر فإن التنسيق الذى يتم بين الحكومة وصندوق تحيا مصر والأمانة يعطى انطباعا عاما بأن جميع مؤسسات الدولة متعاونة ولديها هدف مشترك نتكاتف جميعنا لتحقيقه. وماذا عن مشروع إعداد قادة المستقبل من الشباب؟ الناس تتحدث كثيرا عن أهمية إشراك الشباب فى مراحل إدارة الدولة وصنع القرار ولكن هناك سؤالا ملحا وهو هل الشباب مؤهل فعلا للعب هذا الدور؟ فى حقيقه الأمر فإنه ليس كل الشباب معد لهذا الأمر، وعلى ذلك فإن ما نتيحه من خلال المشروع الرئاسى لقادة المستقبل هو فتح مجال للتدريب وإصقال المهارات لمن يريد أن يطور من الشباب أن يكون معدا للعب دور قيادى فى المستقبل، حيث سيحصل هؤلاء الشباب على فرص تدريبية للعديد من المجالات مثل إدارة المشروعات والتفكير العلمى والمهارات الإدارية وأخلاقيات المهنية وحوكمة الإدارة والمفاهيم السياسية المختلفة ونظام عمل مؤسسات الدولة مثل المحاكم والوزارات والبرلمان ومؤسسة الرئاسة. هذه البرامج التدريبية سيعلن عنها خلال الشهور المقبلة، ونتوقع أن تسهم فى استحداث قاعدة من الشباب المؤهل إداريا وفكريا لمباشرة دور قيادى فى مختلف أركان الدولة. هؤلاء الشباب سيتم اختيارهم بعد سلسلة من الامتحانات وسيكون الشرط الوحيد أن تكون أعمارهم أقل من 30 عاما. وخلال عام من المتوقع أن ندرب 3 آلاف من الشباب والشابات وهو ما سيسهم فى توفير قاعدة بيانات من القيادات الشابة المدربة والقادرة على التنفيذ والتطوير فعليا. أخيرا يبدو مشروع إتاحة المحتوى العلمى لجميع فئات الشعب أمرا مبهما وغير مفهوم خاصة فى ظل انتشار الأمية وخاصة الأمية التكنولوجية بالمجتمع فما الذى دفعكم لتبنى هذا المشروع ؟ التغيرات الكبيرة فى الشعوب تأتى نتيجة الاستثمار فى البشر، ولعل أوضح مثال على ذلك تجربة محمد على فى إرسال البعثات العلمية للخارج والتى كان لها دور كبير فى إرساء نهضة علمية وثقافية مهمة لمصر خلال تلك الحقبة. وما نسعى لتحقيقه هو أن يتوافر للشعب المصرى فرصة للدخول مجانا على المجلات والكتب العلمية والمكتبات والمحاضرات الإلكترونية فى مجالات العلوم والهندسة والعلوم الإنسانية. هذا الكم الغزير من المعرفة والانفتاح على العالم قد يسهم فى تغيير مسارات حياة الناس ويشجع على تنمية ملكات الابتكار للشباب. وللتوضيح فإن المحتوى الذى سيتوافر للتسعين مليون مصرى مجانا هو نتاج جلسات من المفاوضات الطويلة وتوقيع الاتفاقيات مع 11 دار نشر علمية كبرى ،وسيتم إطلاق البوابة رسميا فى الأول من يناير المقبل وزائر لتلك البوابة من طالب المرحلة الإعدادية إلى الباحث المتخصص سيجد النوافذ التى تلبى احتياجاته ورغبته فى المعرفة والتعلم مجانا.