تهفو قلوب الصائمين إلي المساجد في رمضان، لكسب الطاعات والتقرب إلي الله عز وجل بالذكر والدعاء وقراءة القرآن، ويحرص الجميع علي حضور الدروس الدينية، سواء بعد صلاة العصر أو بين صلاة التراويح. وقد استعدت وزارة الأوقاف، بخطة دعوية لتهيئة المساجد لاستقبال رمضان، من خلال الدروس الدينية اليومية، وملتقي للفكر الإسلامي يعقد يوميا بمركز شباب الجزيرة، وسلسلة من الندوات الدينية في المساجد الكبرى بالقاهرة والمحافظات، لنشر الوسطية وتصحيح المفاهيم، ومواجهة الانحراف الفكري وتوعية الشباب. علماء الدين من جانبهم طالبوا الأئمة والدعاة وخطباء المساجد، بالتركيز علي فقه الواقع، وتناول القضايا التي تهم الشباب والمرأة المسلمة والأسرة، وأن يحرص الأئمة علي التواصل مع جميع الفئات، وأن تبتعد الدروس الدينية عن تناول أي قضايا سياسية أو حزبية، لأن المساجد للدعوة والذكر والعبادة، وليست للدعاية السياسية أو الحزبية، ورفض علماء الدين فكرة توحيد الدروس الدينية في جميع المساجد، لأن ما يناسب فئة من الناس، قد لا يناسب غيرها، والداعية عليه أن يحدد الموضوعات التي تناسب رواد المسجد. خطة الأوقاف ويستعرض الشيخ محمد عبد الرازق رئيس القطاع الديني بالوزارة، الخطة الدعوية للأوقاف في رمضان، قائلا: إن المساجد ستتحول الى مراكز للتنوير وتصحيح المفاهيم، وهناك توجيهات للأئمة، بالتحضير الجيد لرمضان، وتوجيه العمال لنظافة المساجد، وكذلك هناك خطة للدروس الدينية، بعد صلاة العصر وبين التراويح، وذلك لتوعية رواد المساجد وحثهم علي الاجتهاد في العبادة، والحفاظ علي الطاعات والتقرب إلي الله عز وجل، بقراءة القرآن الكريم وصلة الأرحام ورعاية الأيتام، وتم توجيه الأئمة بضرورة أن تكون المساجد للذكر والعبادة، ومنع الدخلاء علي الدعوة من التسلل للمنابر أو إلقاء أي دروس دينية. وأشار عبد الرازق إلي أن الوزارة قررت عقد ملتقي الفكر الإسلامي، بالتنسيق مع وزارة الشباب وإتحاد الإذاعة والتليفزيون، وسوف يكون الملتقي في صورة جديدة هذا العام، وسيعقد يوميا في مركز شباب الجزيرة، بحضور نخبة من العلماء والمفكرين والكتاب والمثقفين، للحوار مع الشباب، في مختلف القضايا، وسوف ينقل التليفزيون فعاليات الملتقي علي الهواء مباشرة، موضحا أنه بالتوازي مع الملتقي، ستكون هناك ندوات وملتقيات فكرية بالمساجد الكبرى، في القاهرة والمحافظات، وذلك بالإضافة للقوافل الدعوية، التي توجهها الوزارة أسبوعيا، لتصحيح المفاهيم ومواجهة التشدد. ضوابط للاعتكاف وأوضح عبد الرازق أن الوزارة حددت ضوابط الاعتكاف، بأن يكون بالمسجد الجامع لا بالزوايا ولا بالمصليات، وأن يكون تحت إشراف إمام من أئمة الأوقاف، أو واعظ من وعاظ الأزهر، أو خطيب مصرح له من الوزارة تصريحاً جديداً لم يسبق إلغاؤه، وأن يكون المكان مناسباً من الناحية الصحية، وأن يكون المعتكفون من أبناء المنطقة المحيطة بالمسجد جغرافياً، المعروفين لإدارة المسجد، وأن تكون إدارة الأوقاف التابع لها المسجد مسئولة عن إدارة شئون الاعتكاف، مشددا علي أن الوزارة لن تسمح بمخالفة الضوابط السابقة، وذلك حتى تتمكن الإدارات المختلفة من اعتماد المساجد المناسبة والتصريح لها بالاعتكاف، وإعلان أسمائها في موعد أقصاه يوم 5 من رمضان المقبل. وأكد عبد الرازق أن جميع المساجد والزوايا التي لها إمام أو خطيب أو قارئ معتمد من الأوقاف، ستكون مفتوحة لصلاة التراويح، بلا قيد ولا شرط طوال رمضان، وأن الأكاذيب التي يروجها البعض من أن دخول المسجد لصلاة التراويح، سيكون بالبطاقة هو محض كذب وافتراء، موضحا أن وزير الأوقاف، وجه بالتوسع في حلقات القرآن الكريم، أمام شيوخ المقارئ وأعضائها المعتمدين، وكلف القطاع الديني بالتواصل مع المديريات، لتلقي طلبات الراغبين من هؤلاء الشيوخ المعتمدين، في عمل حلقات قرآن كريم أو حلقات تحفيظ في شهر رمضان. قضايا الشباب وحول رؤية علماء الدين لتفعيل دور المساجد في رمضان يقول الدكتور الأحمدي أبو النور وزير الأوقاف الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء، إن الدروس الدينية في رمضان تؤدي دورا كبيرا في نشر الوسطية والاعتدال وتصحيح المفاهيم، ولذلك لابد أن يركز الدعاة والأئمة في التحضير لهذه الدروس، وأن يكون هناك موضوع جديد في كل يوم، يتناول إحدى القضايا التي تهم رواد المسجد، ولابد من التركيز علي الشباب، وتوعيتهم، وأن يتحدث الإمام عن مكارم الأخلاق، والتسامح والعطف علي الفقراء والمحتاجين، وصلة الأرحام ورعاية الأيتام، وأيضا لابد من تناول القضايا الخاصة بالأسرة المسلمة في رمضان، وخطورة الإسراف، وضرورة الاعتدال في النفقات، لأن البعض يتخيل أن رمضان هو شهر الطعام، ولذلك لابد أن يوضح الدعاة أن رمضان هو شهر الطاعات والتقرب إلي الله عز وجل، وهذا يكون بالعبادة والذكر وصلاة الجماعة في المسجد، لأن هناك الكثير من الظواهر السلبية تحدث في رمضان، منها قضاء الوقت أمام المسلسلات والبرامج وغير ذلك، ومسئولية الإمام هنا تتمثل في التركيز علي هذه القضايا، بهدف أن يركز الناس في الطاعة والعبادة. التركيز على المعاملات وفي سياق متصل يؤكد الدكتور حامد أبو طالب عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن الدروس الدينية في شهر رمضان لها أهمية كبري، وذلك لأن المساجد في هذا الشهر الكريم، تشهد إقبالا كبيرا من جميع الفئات، ولذلك لابد أن يستغل الأئمة هذه المناسبة الكريمة، في حث الناس علي الطاعة، وتصحيح المفاهيم ونشر الثقافة الإسلامية بين الصائمين، والتركيز علي المعاملات والأخلاق، لأن الناس تذهبون للمساجد للصلاة وقراءة القرآن والذكر، وبعد الخروج من المسجد قد تصدر بعض التصرفات من الصائم، قد تفقده هذه التصرفات الصيام، ولا يكون له من صيامه إلا الجوع والعطش، فبجانب التركيز علي حث الناس علي العبادة وقراءة القرآن، لابد من تناول القيم والأخلاق التي حملتها لنا الشريعة الإسلامية. مراعاة الواقع من جانبه طالب الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر بأسيوط، الأئمة والدعاة بضرورة البعد عن تناول القضايا السياسية والحزبية، لأن تناول مثل هذه الموضوعات في الدروس الدينية في المساجد، يحدث خلافا بين المصلين بعضهم بعضا، وبينهم وبين إمام المسجد نفسه، ولذلك لابد أن يبتعد الإمام عن الدعاية السياسية أو الحزبية.