الشيخ صلاح نصار إمام الجامع الأزهر السابق هو كبير الأئمة وخطباء المساجد، فقد مارس الدعوة علي مدار50 عاما.. له مكانة كبيرة لدي جموع الأئمة.. عشق الخطابة والدعوة إلي الله عز وجل.. يعرفه رواد الجامع الأزهر بأسلوبه الجذاب الممتع، ونظرا لمكانته وعلمه فقد تم اختياره مشرفا علي الأروقة العلمية بالجامع الأزهر، كما يشارك في القوافل الدعوية المشتركة لعلماء الأزهر والأوقاف، ليكون نموذجا يحتذي به في العمل الدعوى. يؤكد أن الدخلاء علي الدعوة سبب الانحراف الفكري وتصحيح المفاهيم مسئولية الأزهريين، ويحكي لنا عن ذكرياته في رمضان، من حفظ القرآن والالتحاق بالأزهر، والعمل في مساجد الأوقاف، والنصائح التي يقدمها لشباب الأئمة، وكيف يمكن أن تكون المساجد بعيده عن الصراع السياسي والحزبي، لتكون منارة للعلم والدعوة ونشر الثقافة الإسلامية .. وإلي نص الحوار . في البداية نود أن نعرف ذكرياتك في رمضان ؟ ذكرياتي مع شهر رمضان تبدأ منذ سنوات الطفولة الأولي في قرية محلة موسي بمحافظة كفر الشيخ، وهذه القرية عشت فيها طفولتي، نظرا لأن والدي كان يعمل بوزارة الزراعة، وأسرتي في الأساس من ميت غمر بمحافظة الدقهلية، وقد تربيت علي القرآن الكريم وحب المساجد، وأرسلني والدي في سنوات الطفولة الأولي لحفظ القرآن في كتاب الشيخ عبد المعبود، ولأن الشيخ كان يعاملني معاملة ليس فيها شدة عند حفظ القرآن، فقد أرسلني والدي لكتاب الشيخ يونس في قرية روينة المجاورة لنا، وقد أتممت حفظ القرآن الكريم في سن الثانية عشرة، وفي رمضان كانت حلقات الذكر والتلاوة تعقد في مسجد القرية، وكانت هناك دروسا دينية بعد صلاة العصر وبين صلاة التراويح، وكنت أحرص علي حضور هذه الدروس والتواجد في المسجد، وقد أراد والدي أن ألتحق بالأزهر وكان يشجعني كثيرا، وبالفعل التحقت بالأزهر الشريف، وأذكر أنني وبعض الزملاء كنا نعقد حلقات ودروس دينية في مسجد القرية، وهنا بدأت أعشق الخطابة والدعوة، وأثناء الدراسة بالمرحلة الإعدادية بالأزهر، طلبت من إمام المسجد أن أخطب الجمعة، وكان ذلك في عام 1963، وكانت هذه الخطبة توافق يوم 2 رمضان، وقمت بتحضير موضوع الخطبة وكان عن « ثمرة الصيام «، وكنت أرتدي الزى الأزهري الذي أحضره لي والدي، وأديت الخطبة ونالت إعجاب الجميع، وأذكر هنا موقف يعتبر درس لجميع الدعاة، فقبل أن أخطب هذه الجمعة، ذهبت لجار لي وهو الشيخ زكي عبد الباري، وكان لديه مكتبة كبيرة، وقلت له إنني سوف أخطب الجمعة، فقال لي: هل استأذنت؟، فقلت له: نعم، فقال لي: استأذنت من؟، فقلت له استأذنت إمام المسجد، فقال لي: عليك أن تستأذن صاحب المنبر وهو الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم، وكان يقصد بهذا المعني أن من يقف علي المنبر، يحمل مسئولية كبري، لأنه يقف علي منبر الرسول الكريم، وليت الجميع يتعلم من هذا الموقف . لكن المؤكد أن إمامة الجامع الأزهر لها ذكريات خاصة، فهو أكبر وأعرق المساجد وقبلة المصلين وطلاب العلم ؟ بالتأكيد إمامة الجامع الأزهر له ذكريات خاصة، وقد انتقلت للجامع الأزهر في عام 2006، وذلك بترشيح من الإمام الأكبر الدكتور محمد سيد طنطاوي رحمه الله، والدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف في ذلك الوقت، والجامع الأزهر له مكانة وقيمة كبيرة، ولذلك كانت هناك الكثير من الندوات التي تعقد في رمضان بساحة المسجد، وكنت أستضيف كبار العلماء والدعاة لإلقاء الدروس والمحاضرات علي رواد المسجد، وفي بداية عملي بالجامع الأزهر، كانت صلاة التراويح 8 ركعات بجزء من القرآن، فكنت أصلي 20 ركعة بجزء، ولقي هذا الأمر قبول من رواد المسجد، والذكريات كثيرة في الجامع الأزهر منارة العلم وقبلة العلماء، وبعد خروجي للمعاش في عام 2012 ، كلفت بالإشراف علي الأروقة العلمية بالجامع الأزهر . ماذا تقول لشباب الأئمة والدعاة بعد كل هذه الخبرة في العمل الدعوي ؟ لابد أن يكون الإمام صادقا في قوله مخلصا في عمله، وهذا لابد أن يتحقق في الإمام حتى يكون له التأثير في رواد المسجد، لأن الإمام قدوة للناس، ولابد أن يقدم النموذج والمثل الأعلى في الالتزام بالصدق في القول والإخلاص في العمل، وهذا هو سر النجاح في العمل الدعوي، فمن أراد من الأئمة أن يكون مؤثرا في رواد المسجد، عليه أن ينفذ هذه النصائح، ولابد من الاجتهاد في طلب العمل والاستفادة من كبار علماء الأزهر، وأن يحرص الإمام علي القراءة والإطلاع بشكل مستمر، وعلي الإمام أن يركز في العمل الدعوة ويتواجد بشكل مستمر في المسجد، ويتواصل مع الناس، ويرد علي كل الاستفسارات التي تثار من جانبهم، وأن يتناول القضايا التي تهم الناس، ويبتعد عن الأمور التي تؤدي للخلاف والفرقة، لأن الداعية عليه أن يتعامل مع جميع فئات المجتمع، ويقدم الخطاب الدعوي بالحكمة والموعظة الحسنة، والدعاة عليهم أن يلتزموا بالوسطية وعدم استخدام المنابر لصالح تيار أو حزب، فالمساجد للدعوة والعبادة والذكر وليست للسياسة، ولا يجب أبدا أن تستغل المنابر في الدعاية السياسية أو الحزبية، ولذلك ننصح الأئمة والدعاة بالتركيز في العمل الدعوي، وتناول القضايا التي تهم الوطن، وتدعم الاستقرار والتعايش السلمي، وتظهر سماحة الإسلام وسعة أفقه، وضرورة البعد عن القضايا التي تؤدي للفرقة والخلاف . وكيف تري دور القوافل الدعوية في نشر الوسطية ومواجهة التشدد ؟ المؤكد أن القوافل الدعوية لها دور كبير في نشر الوسطية وتصحيح المفاهيم، ولدي تجربة طويلة مع القوافل الدعوية في المحافظات والمناطق النائية، وفي الفترة الأخيرة شاركت في القوافل المشتركة للعلماء الأزهر والأوقاف، وذلك بتكيف من وزير الأوقاف، وهذه القوافل تتم برعاية الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، ويقوم العلماء بدور كبير في تناول القضايا التي تهم الوطن والمواطن، ويكون هناك مردود ايجابي كبير، لأن علماء الأزهر والأوقاف خلال هذه القوافل، يتواجدون بين الناس في القرى والمناطق النائية، ويتم الرد علي كل القضايا التي تثار، وهنا نؤكد أن الفكر المتشدد ظهر نتيجة لتصرفات وفتاوى الدخلاء علي الدعوة، ولذلك فتصحيح المفاهيم ومواجهة الفكر المتشدد يقع علي عاتق علماء الأزهر، وهناك جهد متميز للغاية في هذا المجال، ودائما أقول للعلماء والدعاة أنهم في جهاد، وهذا دورهم في مواجهة غير المتخصصين والدخلاء علي الدعوة . هناك الكثير من الأفكار المغلوطة لدي الشباب، كيف يمكن مواجهة هذه الظاهرة التي تؤثر علي استقرار المجتمع؟ هناك مسئولية كبيرة تقع علي عاتق الدعاة والعلماء في تصحيح هذه المفاهيم، لكن لابد أن تقوم الأسرة بدورها في تربية الأبناء وفق المنهج الإسلامي، وهناك أيضا دور مطلوب من المؤسسات الثقافية والإعلامية، بهدف تشكيل وجدان الشباب وغرس القيم والأخلاق، وتقديم النماذج الطيبة لتكون قدوة للشباب، وهناك أيضا دور مهم للمدارس والجامعات، وهنا نقول أنه تم توقيع بروتوكول تعاون بين الأزهر والأوقاف ووزارة الشباب، وقد شارت في الكثير من قوافل الأزهر والأوقاف التي ذهبت لمراكز الشباب، وهنا جهود تبذل بالفعل من جانب العديد من المؤسسات في هذا الأمر، لكن نقول للشباب دائما عليكم بالحياء والبعد عن الفاحشة، لأن الأمم والحضارات تبني بالأخلاق والعلم والعمل، والمؤكد أن المسجد له دور كبير في جذب الشباب، ودائما ننصح الأئمة والدعاة وخطباء المساجد بالتركيز علي قضايا الشباب، ولابد أن تكون هناك منظومة متكاملة وتنسيق بعض مختلف المؤسسات في هذا الأمر .