يعتمد تحقيق التنمية المستديمة والشاملة، على فاعلية دور الدولة، ويستلزم ذلك كفاءة وفاعلية الإدارات والمؤسسات المتخصصة المختلفة بها، وفرضت التطورات العالمية والإقليمية والمحلية تصورا جديدا لدور الدولة، وأصبح دورها المحورى فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية ليس بوصفها الجهة التى تقوم مباشرة بتحقيق النمو، بل بوصفها شريكا وعاملا محفزا، وأداة لتشجيع وتيسير وتهيئة أنسب الظروف للتقدم والازدهار. وقد فرضت هذه التطورات على مصر التقدم بخطى سريعة نحو تحديث الإدارة المحلية. وهذا ما أكدته رسالة ماجستير حول تطوير الجهاز الإدارى للدولة بعنوان: «دور الإدارة المحلية فى التحول من الحكومة التقليدية إلى الحكومة المجتمعية فى جمهورية مصر العربية». الرسالة أعدها اللواء أركان حرب متقاعد محمد عزت أحمد السيد محافظ الوادى الجديد الأسبق تحت إشراف الدكتور: محمد العزازى أستاذ الإدارة العامة والرئيس الأسبق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، ومن أبرز توصياتها إصدار قانون جديد لنظام الإدارة المحلية، يحقق ويجمع متطلبات التطوير المطلوب نحو اللا مركزية، ونقل السلطات إلى المحليات، وتطبيق المشاركة الفعلية للمجتمع المدنى والقطاع الخاص، فى إطار من الشفافية والمساءلة البناءة، بهدف ترشيد الإدارة التقليدية، والتحول إلى الإدارة المجتمعية، لتحقيق معدلات تنموية كبيرة وتوظيف أفضل للموارد المتاحة، وتوفير أفضل الظروف للبيئة المحفزة على الاستثمار، وتوفير فرص العمل للشباب. كما أوصت الدراسة بإعادة النظر فى الصلاحيات والسلطات المقررة للمحافظ بما يحقق انبساط ولايته على جميع المرافق والمصالح العامة الواقعة فى نطاق محافظته والعاملين فيها، لتمكينه من ممارسة مسئوليته عن الخدمات الفنية والإدارية للمواطنين كافة، وإعادة النظر فى الصلاحيات المقررة للمجالس الشعبية المحلية، بما يحقق فاعليتها ومشاركتها الحقيقية فى الإدارة المحلية، وتحقيق التوازن بين سلطات واختصاصات المجالس التنفيذية والمجالس الشعبية المحلية، على أن تتم انتخابات أعضاء المجالس الشعبية المحلية بنظام القائمة مع التمثيل النسبي، وإعادة النظر فى شرط أن يكون نصف أعضائها على الأقل من العمال والفلاحين. وطالبت الدراسة بتشكيل مجلس أعلى مشترك لكل محافظة يمثل فيه أعضاء من المجلسين التنفيذى والشعبى والقطاع الخاص والمجتمع المدني، ويتولى وضع السياسة العامة للمحافظة، ويكون بمنزلة المنسق والحكم بين المجلسين، وإعادة النظر فى التقسيم الإدارى للجمهورية، على نحو يحقق للمحافظات امتداد حدودها شرق وغرب النيل، وإيجاد ظهير صحراوى لمحافظات الدلتا، مع إعمال مبدأ التنوع فى اختصاصات وتنظيم المحليات تمشياً مع الاختلاف والتباين فى الظروف المحلية لكل محافظة، مع مراعاة انفراد العاصمة بوضع تنظيمى خاص يأخذ فى الاعتبار خصوصية وضعها من النواحى السكانية والعمرانية والتنموية والبيئية، وتصويب العلاقات التنظيمية بين الإدارات الهندسية بالمدن والأحياء مع مديريات الإسكان بالمحافظات، ومع وزارة الإسكان، لضبط جودة وسلامة وشفافية الأداء ومنع وقوع المخالفات والانحرافات، وسرعة استكمال التخطيط العمرانى لبعض المدن والأحياء والقرى التى لم يتم أو يكتمل لها هذا التخطيط للالتزام به، ومنع وقوع العشوائيات، ورفع كفاءة وفاعلية الجهاز الإدارى للمحليات. كما أوصت الدراسة بتدعيم التمويل الذاتى لوحدات الإدارة المحلية وإسهامات القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني، وتحرير السياسة المالية والتمويل المحلى من القيود الإدارية والإجرائية المعمول بها حاليا، إذ لا يمكن تحقيق لا مركزية حقيقية وتنمية محلية دون تمويل محلي، مع توفير الإطار القانونى لمنح سلطة اتخاذ القرار المحلى لفرض الرسوم المحلية، وأوجه الإنفاق للمجالس الشعبية المحلية، وتخصيص نسبة من الضرائب والرسوم التى تئول حصيلتها للحكومة المركزية للمحليات، وتعديل فئات الرسوم المحلية بما يواكب زيادة الدخول وتكاليف أداء الخدمات وارتفاع الأسعار. ودعت الدراسة إلى وضع معايير دقيقة للتعيين فى المحليات، على المستويات كافة، وذلك لاختيار القيادات المحلية القادرة على توجيه التغيير الاجتماعى والاقتصادى المنشود، وإعداد برامج متكاملة ومتطورة للإعداد والتدريب لمختلف مستويات الإدارة المحلية، مع إعادة النظر فى رواتب العاملين بالوحدات المحلية، خاصة المتعاملين مع المواطنين والمسئولين عن التعاقدات المختلفة لضمان سلامة وشفافية إنجاز الأعمال ومقاومة الانحرافات، وتوثيق العلاقات بين المحافظات والجامعات والمعاهد العليا الإقليمية ومراكز البحث العلمي، للارتقاء بمستوى الكفاءة والفاعلية لإدارة التنمية المحلية، وتطويرها.