لم يكن زواجا عن حب, ولا اقتناع.. بل زواج مصلحة أملته ظروف قاهرة, وحسابات معقدة. بالضبط هذا هو الوصف الأقرب لما ربط بين المجلس العسكري وجماعة الاخوان المسلمين, والذي كان ثمرته حزب الحرية والعدالة والوصول إلي البرلمان, والافراج عن أبرز رموزها خيرت الشاطر. وسارت الأمور علي ما يرام حتي تفجرت أزمة التمويل الأجنبي والعلاقة مع حكومة الجنزوري والجمعية التأسيسية وأخيرا المرشح الاخواني للرئاسة, وتبادل البيانات التي لم تخطئها الأعين وكان محورها: نحن أجرينا انتخابات نزيهة أوصلتكم للبرلمان العسكري.. وتهديد مبطن بضرورة تذكر دروس التاريخ, ولم يكن البيان وحده بل التاريخ الذي صدر فيه ويحمل ذكري المواجهة العنيفة في مارس.54 وفي المقابل فإن الجماعة ذهبت إلي أنه لا أحد يمكنه إعادة التاريخ, وأن حل البرلمان لن يخيفها.. الخ. إذن لمعرفة المستقبل لابد من العودة للماضي القريب؟! وأحسب أن الطرفين قد فاجأتهما ثورة25 يناير ليس في حدوثها بهذه العبقرية والبساطة, بل في نجاحها وتوقيتها فإنهما ورغم أن الطرفين أسعدهما التخلص من الدكتاتورية والتوريث فإنهما كانت لديهما حسابات مختلفة: العسكري رأي في الثورة زخما ولكن معها طوفان هائج يريد أن يدمر كل ما أمامه, ولذا كان بحاجة لأيد تساعد في امتصاص هذه القوة لتدفع بها من الثورة إلي الدولة بأقل قدر من الخسائر. وفي المقابل أدركت الجماعة وتيارات الإسلام السياسي أنها اللحظة المناسبة للاستيلاء علي الدولة, لا مجرد المشاركة فيها مع آخرين. ومن هنا ندرك السر: فهذا صراع ممتد من52 وحتي الآن بين حلم الاستحواذ لفرض دولة الإخوان مقابل حلم المؤسسة العسكرية وقطاعات أخري من أجل الوصول إلي الدولة المدنية الحديثة. وفي الطريق منذ52 وحتي الآن جرب الاثنان الصدام والتفاهم والتآلف والاقصاء والانقلاب علي بعضهما البعض. والآن لا مؤشرات جدية تقول إن لحظة تصفية الحسابات لن تأتي, بل أغلب الظن انها ستجئ يوما. وعلي عكس ما تؤمن به القلة العاقلة من أن الأمم تتعلم من دروس الماضي, وليس من إعادة انتاجه بصورة المضحكات المبكيات.. إلا أن الواقع حولنا للأسف يقول عكس ذلك.. فهذا هو الشرق الأوسط؟!.. ونتمني ألا يصدق ظننا هذه المرة؟! المزيد من أعمدة محمد صابرين