منذ تاريخ طويل والعلاقات المصرية الأردنية تزخر بما هو غير متوافر أو محسوس فى العلاقات المشتركة بين العديد من دول العالم وخاصة فى منطقة الشرق الأوسط وفى المحيط العربي. وتاريخيا تقوم العلاقات المشتركة بين البلدين على الاحترام المتبادل وعدم الخوض فى الشأن الداخلى لبعضهما البعض، بل هناك مساندة ودعم من كليهما فى المراحل الدقيقة التى تمر أى دولة منهما. وكان للأردن موقف لا ينسى من جانب مصر عندما قررت قمة بغداد قطع العلاقات مع مصر فى أعقاب اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل. ولم تمر سوى أعوام قليلة إلا وكان الأردن سباقا وأعاد العلاقات الدبلوماسية مع مصر دون انتظار لعقد قمة عربية لهذا الغرض، وهو ما حدث لاحقا . وخلال الفترة الدقيقة التى مرت بها مصر وخاصة فى أعقاب ثورة 30 يونيو وقف الأردن مع خيارات الشعب المصرى وأكد مساندته لمصر حتى تتجاوز الظروف التى تشهدها بما يعكس اهتمام الأردن باستعادة مصر لأمنها واستقرارها وبما يعزز قوة مصر ومكانتها ودورها المهم فى محيطيها العربى والإقليمي. تشاور مستمر الزيارات المتبادلة بين قياداتى البلدين والوزراء والمسئولين تعكس الحرص المتبادل على تنمية وتطوير العلاقات على مختلف المستويات وفى مقدمتها الجانب السياسي. وتشهد العلاقات تشاورا مستمرا فيما يتعلق بكافة الملفات الثنائية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك وفى مقدمتها القضية الفلسطينية، والأزمة السورية، والأوضاع بالعراق. وكان الأردن ضمن مجموعة الدول العربية المؤيدة لمصر فى مرحلة ما بعد 30 يونيو. وكان الملك عبد الله الثانى أول زعيم يزور القاهرة بعد الثورة. كما شارك فى مراسم تنصيب رئيس الجمهورية يوم 8 يونيو 2014. وخلال عام ومنذ تولى الرئيس السيسى الرئاسة عقدت 7 قمم بينه وبين الملك عبد الله الثانى عاهل الأردن ما بين القاهرةوعمان ونيويورك. وبحث الرئيس والملك مختلف جوانب العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتنميتها فى شتى المجالات السياسية، والاقتصادية بجانب الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. كما كان التشاور على الصعيد الدبلوماسى متواصلا بين سامح شكرى وزير الخارجية ونظيره الأردنى ناصر جودة فى مختلف المحافل والتجمعات الثنائية والإقليمية والدولية. واستضافت القاهرة فى فبراير 2014 فعاليات الدورة ال24 للجنة العليا المشتركة برئاسة رئيسى وزراء مصر والأردن، حيث تم التطرق إلى مختلف مجالات التنسيق السياسى والتعاون الفنى بين البلدين. علماً بأنه تم خلال هذه الدورة تحقيق نوع من التقدم الإيجابى فيما يتصل بتذليل بعض الصعوبات التى تواجه العمالة المصرية بالمملكة، والتى تمثل من حيث العدد ثالث أكبر عمالة مصرية بالخارج بعد السعودية والكويت. وتعمل الجهات المعنية حالياً على متابعة تنفيذ الاتفاقيات الثنائية تمهيداً لعقد الدورة المقبلة للجنة المشتركة المقبلة خلال النصف الأول من عام 2015 فى عمّان. عودة العلاقات الدبلوماسية السفير إيهاب وهبة مساعد وزير الخارجية الأسبق وأول سفير مصرى يعود إلى عمان بعد استئناف العلاقات الدبلوماسية مع الأردن عام 1984 رصد ل « الأهرام «العديد من المحطات الهامة فى العلاقات المصرية الأردنية. وأوضح أن المملكة كانت أول دولة عربية تعيد العلاقات الدبلوماسية مع مصر بعد فترة قطيعة من قبل عدد كبير من الدول العربية فى أعقاب اتفاقية -كامب ديفيد - بين مصر وإسرائيل حيث قررت قمة بغداد عام 1978 قطع العلاقات الدبلوماسية مع مصر. إلى أن قررت المملكة إعادة العلاقات عام 1984 . وقال سفير وهبة إن هناك أيضا ما يوضح مدى اهتمام الأردن بعلاقاته بمصر حيث عقدت فى عام 1987 قمة عربية فى عمان، وفيها قام الأردن بدور مهم لإعطاء القمة الضوء الأخضر إلى الدول العربية الأخرى لعودة العلاقات الدبلوماسية مع مصر. وبالفعل صدر قرار من القمة يؤكد أن العلاقات الدبلوماسية بين مصر والدول العربية هى عمل من أعمال السيادة تقرره كل دولة وفقا لدستورها وقوانينها، وبالتالى وجدنا بعد هذا المؤتمر الدول العربية الواحدة تلو الأخرى تقرر إعادة العلاقات مع مصر. وأشار السفير إلى أنه بناء على التحركات الأردنية حدث تقارب بين البلدين ولعل الجميع يعلم أن الأردن هى الدولة العربية الثانية التى أقامت علاقات سلام مع إسرائيل بعد مصر، مما يوضح أن الأردن كان متفهما للموقف المصرى فى قيام سلام عادل ودائم فى الشرق الأوسط. وذكر وهبة انه بعد عودة العلاقات الدبلوماسية حدثت العديد من الخطوات فى سبيل توطيد العلاقات وترسيخها حيث كانت البداية مع إنشاء اللجنة العليا المشتركة بين البلدين ويرأسها رئيسا وزراء فى البلدين وتجتمع بشكل دورى فى العاصمتين. وكانت اللجنة النموذج الذى اتبع بين مصر وكل الدول العربية التى عادت معها العلاقات فيما بعد. وعقد اللجنة اجتماعات فى القاهرةوعمان. وأشار إلى انه بمجرد إعادة العلاقات الدبلوماسية تم إقامة خط ملاحى بين نويبع فى سيناء والعقبة ولم يكن قاصرا على انتقال الأفراد وإنما البضائع والسيارات وخطوط النقل البرى بالحافلات بين القاهرةوعمان. وكانت عمان نقطة اتصال للسفر للعراق وسوريا بريا حيث تم ربط مصر بالمشرق العربى فى هذا الوقت. وأيضا من ضمن الأسس التى قامت عليها العلاقات إقامة خط ربط كهربائى بين البلدين. وكان من المفترض أن يرتبط الخط بالعراق وسوريا ثم تركيا ومنها أوروبا. وهناك خط غاز يربط بين مصر الأردن عن طريق الأنابيب فى البحر الأحمر من العقبة مما أوجد نوعا من التكامل الاقتصادى بين البلدين. مجلس التعاون العربي وقال السفير إيهاب وهبة انه عندما عاد إلى القاهرة تولى مسئولية الإدارة العربية فى وزارة الخارجية. وفى عام 1989 تقرر إنشاء مجلس التعاون العربى بين مصر والعراق والأردن واليمن. وهذا المجلس كانت تتعلق عليه الآمال لدى شعوب تلك الدول. وخلال فترة عمل المجلس تم انجاز العديد من الأمور فى التكامل الاقتصادى والثقافى بين الدول الأربع، وتم توقيع الكثير من الاتفاقيات بين هذه الدول لكن للأسف انتهى المجلس مع الغزو العراقى للكويت 1990 وحول الزيارات المتبادلة وكثافتها بعد ثورة 30 يونيو بين قادة البلدين والوزراء والمسئولين أكد السفير أن الأردن ينظر إلى مصر كدولة محورية ومهمة فى العمل العربى المشترك ويحرص على أن يقيم معها أوثق العلاقات. ويقول السفير وهبة إنه خلال فترة تواجده سفيرا لمصر فى عمان على مدار 4 سنوات اجتمع العاهل الأردنى الراحل الملك الحسين بن طلال مع القيادة المصرية أكثر من 30 مرة. مشيرا إلى أن الملك عبد الله الثانى زار مصر العديد من المرات خلال قمم مشتركة ومؤتمرات، مما يؤكد حرصه على السير على نفس الخطوات التى كان يسير عليها والده الملك حسين فى إقامة علاقات وثيقة مع مصر. تنسيق متواصل وأكد السفير أن العلاقات السياسية جيدة للغاية وهناك تنسيق تاريخى بصفة مستمرة فى مختلف القضايا وفى مقدمتها القضية الفلسطينية مع السعى المشترك لدفع عملية السلام. وكان هذا التنسيق نواة لتنسيق عربى أوسع مشيرا إلى أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين تتطور. وتم توقيع اتفاقية التبادل التجارى الحر عام 1998 حيث تضاعف حجم التبادل التجارى الاستثمارات المصرية والأردنية فى كلا البلدين. وفى العام الحالى تم توقيع اتفاقية لإنشاء مشروع محطات شمسية لتوليد الطاقة. وحول مستقبل العلاقات بين البلدين قال إن العلاقات المصرية الأردنية العلاقات سائرة نحو التقدم والنماء كما إن العلاقات بين الشعبين قوية جدا فهناك جالية مصرية ضخمة فى الأردن كما أن هناك عدد من الطلبة الأردنيين والمصريين يدرسون فى الجامعات بالبلدين. بالإضافة لوجود منح دراسية. وكل هذه الأمور توضح مدى اتساق المصالح بين مصر والأردن. مشيرا إلى أن البلدين يضربان المثل فى علاقات جيدة وقائمة على أسس سليمة ولا يوجد شيء يمكن أن يعكر صفو هذه العلاقات وحرص من الجانبين على تعزيزها من أجل المصلحة المشتركة . وأكد أن مصر عمق استراتيجى للأردن والعكس صحيح. والدليل على ذلك حرص الملك الحسين بن طلال على إعادة العلاقات مع مصر قبل أى دولة. مشيرا إلى أن مصر ترى أن للأردن دورا أساسيا فى حل القضية الفلسطينية وان كل ما جرى خلال السنوات الماضية يؤكد أن التنسيق والتعاون بين البلدين يمكن أن يحقق الاستقرار فى المنطقة. وحذر من المخاطر التى يتعرض له الأردن بالنظر إلى التطورات فى سوريا والعراق ووجود التنظيمات الإرهابية فى البلاد المجاورة لها.