إلى أصحاب هذه الموجة الشيطانية التى تريد أن تدمر شباب مصر وتلقى به فى مستنقع الفسق والفجور والإدمان والجنس الرخيص وتغيير جنس الرجال إلى نساء.. وزواج الفتيات بعضهن ببعض.. كده عينى عينك على شاشات القنوات الخاصة التى لا تراعى دينا ولا شرعا ولا تخشى حسابا وتفضح فتيات مصر على الملأ.. وكأن كل بنات مصر قد تحولن إلى »سحاقيات« وشبابها إلى »شواذ« يتسابقون لكى يتحولوا إلى الجنس الآخر.. والطمى الخدود يا أمهات مصر.. فى عصر أفلام وإعلام رخيص تعرى فيه المرأة ويتخلى فيه الرجال عن رجولتهم.. وتباع فيه النساء فى سوق النخاسة «عينى عينك» فى الافلام الرخيصة وعلى شاشات القنوات الخاصة التي خلعت برقع الحياء وباعت شرف البنات ورجولة الشباب فى بلد الأزهر والكنيسة! إلى أصحاب هذه الموجة الشيطانية الخبيثة أقدم لهم حديثا فى الحب فى الزمن الجميل عندما كان الحب حبا شريفا عفيفا.. وليس كما يقدم لنا الآن فى محطات »النخاسة التليفزيونية«.. عاريا مقززا وعلى عينك يا تاجر.. ولك الله يا مصر..
وحديث فى الحب.. إن لم نقله أوشك الصمت حولنا أن يقوله.. سألت نفسى وسألت ألف شاعر وألف فنان وألف إنسان وألف محب ذاق مرارة الحب وحلاوته.. وسألت ألف فيلسوف وألف شاعر وألف كاتب عظيم وألف رسام بالريشة وألف نحات بالإزميل عبر غيامات التاريخ.. ولم أنس بالطبع أن أسأل من أطارت النوم من عين سيدنا آدم عليه السلام.. عندما أرسل الله له حواء أول امرأة خلقها الله لتكون ملاذا وسلوانا وسكنا له أبد الدهر.. ولم أنس أن أسأل زليخة التى ذابت عشقا فى سيدنا يوسف عليه السلام.. إلا أنه أبى واستعصم.. ولم أنس بالطبع كما أسمعكم تذكروننى.. بليلى العامرية ومعشوقها قيس بن الملوح.. ولم أنس سنوحى أشهر عاشق فى التاريخ المصرى.. الذى غضب عليه الفرعون.. فهاجر إلى بلاد غريبة فى الشمال.. وعاد بعد أن عفا عنه ليكتب أجمل قصيدة حب فى سمع الزمن قبل نحو 3800 سنة فى حبيبته تيكاهيت.. سألت كل هؤلاء.. وكل أولئك سؤالا واحدا يحيرنى ويحيركم أنتم بالقطع هو: هل يمكن للصمت وحده أن يبوح من حول المحبين.. بالحب ويعلن للملأ أنهما عاشقان وغارقان فى الحب.. برغم صمتهما وعدم بوحهما بالحب؟ كما قال الشاعر اللبنانى جورج جرداق وشدت أم كلثوم من ألحان رياض السنباطى: وحديث فى الحب.. إن لم نقله أوشك الصمت حولنا أن يقوله؟ تصوروا معى أن الصمت من حول المحبين قد زهق وطلع من هدومه.. وقرر أن يرفع راية الحب فوق المحبين الصامتين الذين لا يتكلموا ولا يبوحوا بما فى صدورهم ويفيض به قلوبهم.. فقرر الصمت من حولهم أن يعلن للملأ.. قصة حبهم الذى مازال فى طى الكتمان وفوق بابه ألف مفتاح وألف قفل من أقفال تمنع من البوح ولو بكلمة حب! ...................... ...................... قال لى الشاعر الغنائى مصطفى الضمرانى وهو يحاورنى وهو الذى عاصر وشاهد وسمع واستمتع بكل أغانى أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم والسنباطى وزكريا أحمد.. ليس الصمت وحده هو أجمل ما فى هذه الأنشودة القوية الرصينة.. ولكن كان هتاك ما هو أبلغ من الصمت الذى يحيط بالمحبين الذين لا يريدون أن يبوحوا بقصة حبهم.. عندما قال الشاعر: فأدنو منى.. وخد إليك حنانى.. ثم اغمض عينيك. حتى ترانى! تصوروا معى محبا تطلب منه محبوبته أن يغمض عينيه حتى يراها فى مخيلته.. أجمل مما يراها ماثلة أمامه! قلت: هذا اسمه كما قال عمنا الزمخشرى بدع الحب وشيطانه الذى تطاع أوامره دون تردد ودون نقاش.. وكما قال الشاعر الغنائى نفسه فى القصيدة نفسها: سوف تلهو بنا الحياة وتسخر.. فتعالى أحبك الآن أكثر! تتدخل فى الحوار الشاعرة نوال مهنى التى لا تكتب إلا الشعر المقفى بضم الميم وفتح القاف والشدة على الفاء ولا تغمس قلمها أبدا فى مداد الشعر العامى بقولها: فؤادى أخضر غض.. كأن نقاءه صبح.. فلا بغض يخالطه.. ولا زيف ولا قبح.. لغير الحق لا أجفو.. ومن أخلاقى الصفح سرور الناس يسعدنى.. فيكسو مهجتى الفرح.. ولكننى أرى كما ترون معى.. أن كلام أمير الشعراء أحمد شوقى وشدو محمد عبدالوهاب: وتعطلت لغة الكلام وخاطبت عينى فى لغة الهوى عيناك.. ما أنت من عمر الزمان.. ولا غد.. جمع بضم الجيم وكسر الميم الزمان فكان يوم لقاك! ....................... ....................... صفقنا طويلا لحسن القول ولحسن الاختيار.. تصوروا معنا.. أن الزمان كله قد اجتمع فى يوم لقاء الحبيبة.. يا ترى من هى؟ وما هو قدرها من الجمال والدلال والبهاء والطيبة وحسن الخلق؟ قال مرافقى: يا عزيزى ألم تقرأ كتاب «سيرة العشاق» لابن دقماق؟ قلت: لم أسمع بهما لا بالكتاب ولا بكاتبه؟ قال ضاحكا: يا عزيزى لقد قال ابن دقماق فى كتابة سيرة العشاق: هذا النوع من النساء انقرض ولم يعد له وجود.. ولم يبق لنا إلا المرأة التى تفرد لك بوزها فى النهار أربعتشبار.. ولا تعطيك أى اعتبار.. وإذا كلمتها ترد عليك من طرف اللسان ليس حلاوة بل طلاوة.. وتترك بيتك يضرب يقلب وتشتبك طول النهار فى معارك مع الجيران.. وفى الليل تفرد طولها على السرير كله.. ولا انت على البال.. وتقول لك: قوم نام أحسن لك على سرير العيال! قلت له: من أين أتيت بهذا الكلام العجيب الغريب؟ قال: من كتاب سيرة العشاق لابن دقماق؟ أسأله: لم أسمع به.. ولكن من أين أحصل على نسخة من هذا الكتاب العجيب الغريب؟ قال ضاحكا: ولن يسمع به أبدا.. لقد غرق فى نهر دجلة مع آلاف الكتب التى انتزعها المغول من مكتبة بغداد وصنعوا منها جسرا فوق نهر دجلة عبروا فوقه بجيادهم وحمقهم! قلت له: أنت بالقطع تمزح ولا وجود لهذا الكتاب العجيب الغريب إلا فى مخيلتك أنت وفى مخيلة أمثالك ممن لم يطولوا لا بلح الشام ولا عنب اليمن! .................... .................... أكاد أسمع من على البعد.. بعد قرون وسنين عددا صوت مريت آتون وهى عاشقة مصرية تنتظر حبيبها الذى ذهب إلى الحرب ولم يعد بعد: سأكون فى انتظارك.. دائما فى انتظارك.. فانتظارك هو الأمل الذى أحيا به وأعيش له.. سأكون فى انتظارك.. سأرتدى أجمل ثيابى لأكون كالشجرة التى تتزين بأجمال أزهارها وأنضج ثمارها لتستقبل طيور الربيع.. فانتظارك هو الأمل الذى أحيا به وأعيش له.. نصفق كلنا.. ونحن نحاول أن يستعيد كل منا على حدة دون كلام.. حكاوى الحب فى جرابه.. سعيدة كانت أم دامعة.. انتهت بالعناق أم بالفراق.. لا يهم.. المهم أنها كانت فى يوم من الأيام قصة حب كل منا.. أو قل حكايته مع الحب.. أو حكاية الحب كله.. فى رواية «يوميات نائب فى الأرياف» لكاتبنا الكبير توفيق الحكيم قصة رجل عاشق اسمه الشيخ عصفور كان يعشق صبية هى الفتنة والسحر والجمال كله.. حتى إنه قال عنها لتوفيق الحكيم وكان وكيلا للنيابة فى القصة: ورمش عين الصبية.. يفرش على فدان.. وقد سألت وقد كنت أيامها صحفيا صغيرا يطرق باب صاحبة الجلالة برفق لكن بإصرار.. كاتبنا الكبير توفيق الحكيم فى مكتبه فى الدور السادس.. الدور الذى خصصه الأستاذ محمد حسنين هيكل لكبار الكتاب والأدباء: هل الشيخ عصفور شخصية حقيقية أم من خيالك؟ قال: حقيقية.. وقد كان الشيخ عصفور متهما مع آخرين بقتل أو إخفاء هذه الصبية الفاتنة.. وقد اعترف لى بأنه يحبها حب العبادة.. فكيف تطاوعه نفسه بقتلها وهو القائل فيها: ورمش عين الصبية .. يفرش على فدان؟ ........................ ........................ سألنى الرفاق من كتيبة العشاق فى التاريخ البعيد.. والتاريخ القريب: وأنت ما الذى تحيطه فى صدرك فى طى الكتمان من أبيان الشعر ومقاطع الغناء التى تذوب عشقا ودلالا فى الحب؟ قلت: حاجتين واحدة لشاعر الحب الذى لا يتكرر.. نزار قبانى عندما قال في المرأة.. أشكوك للسماء.. أشكوك للسماء.. كيف استطعت؟ كيف؟ أن تختصرى جميع ما فى الأرض من نساء؟ يا امرأة لا أراها.. ولكنها فى جميع الجهات؟ يسألوننى فى خبث: طيب والحاجة الثانية؟ قلت: مونولوج لشكوكو كتبه فتحى قوره بيقول فيه وهو يحب حبا صادقا: ادينى بقرش لب.. اتسلى أتسلى عشان بحب! ........................ ......................... ايها السادة: اين الرقابة علي القنوات؟ واين الرقابة على الافلام؟ هل لنا من منقذ؟ هل من فارس من فرسان الف ليلة وليلة ينقذنا مما نحن فيه من حالة الضياع والتوهان وقلة الادب الذى يعيشه اعلامنا وقنواتنا الفضائية وافلامنا الرخيصة.. والله لكم رخصت مصر.. ولكم هانت علينا نساؤنا وبناتنا وشرفنا وديننا. واحزني يكل امهات الارض؟{ Email:[email protected] لمزيد من مقالات عزت السعدنى