لا تتوقف إسرائيل منذ نشأتها وحتى الآن ، عن شن أنواع مختلفة وغريبة من الحروب التى قد تتعلق بالقدس والأرض والحدود والمياه واللاجئين، لكنها هذه المرة تتعلق بالقرصنة على التراث الأثرى والغنائى والسينمائى المصري، فقد أنشأت إسرائيل هرما كبيرا فى مدينة إيلات لجذب السائحين قالت عنه القناة العاشرة للتليفزيون الإسرائيلى على موقعها «ماحدش أحسن من حد! .. لدينا الآن هرم أكبر يحاكى فى تصميمه الهرم الأكبر المصرى ولا يبعد كثير عن الحدود المصرية، ولم تعد مصر وحدها هى التى تملك الأهرامات لجذب أفواج السائحين من العالم». كما استغلت إسرائيل انشغال مصر بعد ثورة 25 يناير بترتيب أوضاعها الداخلية وقيام ثورة 30 يونيو، فسرقت «أوبرا عايدة» بتفاصيلها المصرية الفرعونية التى دارت على ضفاف النيل، وكتب قصتها عالم المصريات الفرنسى مارييت باشا مدير الآثار المصرية فى عهد الخديوى إسماعيل وصاغ موسيقاها الموسيقار الايطالى فيردى بطلب من الخديوى أيضا، وتروى حكاية الحب والغرام بين الأميرة الحبشية الأسيرة «عايدة» و «راناماديس» قائد الجيش المصرى الذى أعدمه فرعون مصر بسببها ! فقد قامت إسرائيل مسرحا ضخما على الطريقة الفرعونية بصحراء النقب تخللته تماثيل فرعونية كبيرة لرمسيس الثانى وأمنحوتب، وعرضت «أوبرا عايدة» عليه لتنشيط السياحة الإسرائيلية .وقد ارتكبت إسرائيل جريمة القرصنة على التراث المصرى بسيناء خلال احتلالها لها 1967 1973 حيث قامت - بالمخالفة للقوانين الدولية - بعمل الحفريات فى أكثر من 35 موقعا و سرقت 30 تابوتا نادرا يعود تاريخها لعام 1400 ق.م وإذا كانت مصر قد استعادت بعد اتفاقية السلام بعض هذه القطع، إلا أنها اقتصرت على القطع الصغيرة وأوراق البردي. ولم يسلم التراث الغنائى المصرى من قرصنة الفنانين الإسرائيليين عليه، حيث تغنى «زهافا بين» بعض أغنيات كوكب الشرق «أم كلثوم» بطريقة الفيديو كليب التى تظهر العرب بصورة متخلفة، بينما يغنى المطربان «روبين جين»، و»ٍاشيمى روف» أغانى الفنان الشعبى «احمد عدويه» بكلمات عبرية هابطة ناهيك عن سرقة «سلوما شارنجا» أغنيات العندليب الأسمر «عبد الحليم حافظ» وغنائها بالعبرية، مما دفع محمد شبانه ابن أخيه إلى الاستغاثة بجمعية الموسيقيين والملحنين ولكن دون جدوى، ولا يزال العديد من المطربين الإسرائيليين يسطون على أغنيات للفنانين والفنانات المصريات .وبدون استحياء أو خجل عرض التليفزيون الإسرائيلى العديد من الأعمال والمسلسلات الدرامية الرمضانية المصرية فى شهر رمضان الماضي، دون إذن مسبق، كما تعرض إسرائيل فى دور العرض وعلى شاشات التليفزيون أروع أفلامنا المصرية القديمة والجديدة، كما تقوم بعض الشركات الإسرائيلية بدبلجة العديد من المسلسلات والأعمال الدرامية المصرية باللغات المختلفة وتسويقها خارج إسرائيل دون إذن من أصحابها.وتبقى مشكلة القرصنة الإسرائيلية بدون حل بينما تجأر النقابات والجمعيات والاتحادات الفنية وغرفة صناعة السينما المصرية بالشكوى منها وضياع حقوق المصريين، وترى أن أى اتصال من جانبها مع الجانب الإسرائيلى يعد نوعا من التطبيع الذى ترفضه دائما جمعياتها العمومية، بينما يكمن حل هذه المشكلة بان تخرج الدولة المصرية عن صمتها تجاه هذه الجريمة بان تتولى وزارة الخارجية عبر سفارتنا لدى إسرائيل الضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف هذه القرصنة والحصول على التعويضات المستحقة لأصحاب الأعمال الفنية المسروقة، كما تقوم وزارتا الثقافة والآثار بالتقدم بشكوى عاجلة الى منظمة اليونيسكو باعتبارها المسئولة دولياً عن حماية التراث، لإعادة جميع الآثار المسروقة من سيناء وإدانة إسرائيل لقرصنتها على التراث السينمائى والغنائى المصرى وتعويض أصحابه بتطبيق قوانين حقوق الملكية الفكرية على كل ما سرقته إسرائيل والإسرائيليون من تراث ثقافى مصري. لمزيد من مقالات فرحات حسام الدين