بعد مرور شهرين علي بدء عملية "عاصفة الحزم " التي نفذتها قوات التحالف العربي بمشاركة 9 دول عربية ضد ميليشيات الحوثيين في اليمن، ورغم إعلان قوات التحالف عن هدنة بدأت يوم الثلاثاء الماضي لمدة خمسة أيام.. شابها بعض إختراقات من ميليشيات الحوثيين، مازال تدهورالوضع الانساني داخل اليمن يحتاج لمعجزة، ذلك وفقا لتصريحات وبيانات كافة المنظمات الدولية والمحلية المعنية بحقوق الانسان وعلي رأسها الأممالمتحدة. يعاني الشعب اليمني من نقص حاد في كل شئ، بداية من انقطاع الكهرباء عن العاصمة ومعظم المناطق اليمنية وإنتهاء بنقص السلع الغذائية والوقود اللازم لايصال مقومات الحياة الاساسية من ماء وغذاء ودواء الي المدنيين اليمنيين. نحاول في السطور التالية تسليط الضوء علي الوضع الإنساني المتدهور في اليمن هذه الايام وفقاً لتقارير الأممالمتحدة، والمنظمات الدولية، الأمر الذي يستلزم تحركاً عربياً عاجلاً لتقديم الدعم و مد يد العون للأشقاء اليمنيين في محنتهم الانسانية الحالية. فوفقا لتقريرالاممالمتحدة الشهر الماضي وصل عدد القتلي إلي ألف شخص منهم 551 مدنيا بينهم 115 طفلا علي الأقل، كما قدر عدد النازحين بحوالي 300 ألف شخص، وحوالي 7,5 مليون شخص تأثروا بالنزاع، أي ما يوازي ثلث سكان اليمن. أما منظمة الصحة العالمية فقد أعلنت أن النزاع في اليمن خلف 1244 قتيلا، وأكثر من خمسة آلاف جريح ، ذلك وفقا لحصيلة أوردتها المنظمة نقلا عن تقارير المستشفيات في اليمن . من جانبه قال يوهانس فان در كلاو منسق الاممالمتحدة للشؤون الانسانية في اليمن" إن الخدمات الصحية وخدمات المياه والغذاء تتراجع معدلاتها بشدة ذلك بسبب نقص الوقود، و إنه اذا لم يتم توفير الوقود والغذاء خلال الايام المقبلة، فان كل شيء سيتوقف في اليمن." وأشار در كلاو إلي صعوبة تسليم المساعدات الانسانية بسبب المعارك التي تدور علي الارض، كما أن الحظر المفروض علي نقل الاسلحة الي اليمن يتطلب تفتيشا دقيقا لكل المراكب والسفن الأمر الذي يعطل وصول المساعدات الإنسانية. ورغم إعلان المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة عن استعدادها للقيام بعملية إنسانية واسعة النطاق في اليمن، منذ بدء الهدنة الثلاثاء الماضي بمبادرة سعودية، إلا أن بعض المراقبين يرون أن مدة الهدنة وهي 5 أيام لن تكون كافية لمعالجة الأوضاع الصعبة التي يعاني منها اليمنيون، خاصة أن الخدمات الصحية التي تقدمها اللمستشفيات تعاني من حالة انهيار كامل. هذا في الوقت الذي تحذر فيه 22 منظمة إغاثة تعمل في اليمن، من تعرض برامجها للتوقف بسبب نقص الوقود. من جانبها أعلنت منظمة الهجرة الدولية أن أكثر من 14500 شخص، من بينهم يمنيون، قد فروا من اليمن منذ منتصف مارس الماضي، حيث كان القرن الإفريقي سبيلاً لسفن فروا عليها ، فيما وصل أكثر من 9700 نازح يمني إلي جيبوتي، و 4820 نازح يمني إلي الصومال. في ذات السياق تشكو المستشفيات في المدينة الجنوبية عدن من نقص حاد في الامدادات الطبية الأساسية، كما أكد بعض المراسلين الصحفيين الذين استطاعوا الدخول الي المدينة" أن أعداد المرضي يفوق قدرات الفرق الطبية لمستشفيات عدن." وفي محافظة الضالع، شمال لحج، فإن الوضع ليس أفضل حالا ..حيث تشير تقارير منظمات المجتمع المدني، إلي أن محافظة الضالع تعيش وضعاً كارثياً بسبب الحرب وما نتج عنها من شح في المواد الغذائية، إضافة إلي انعدام الوقود، ليفقد السكان القدرة علي الحصول علي مياه الشرب بسبب شح ونفاد الوقود. وأكدت بيانات المنظمات المدنية العاملة في المدينة " أن ما يزيد عن 240 ألف من سكان الضالع في حاجة ماسة إلي الغذاء والأدوية، وأن السكان في الضالع والمناطق المجاورة لها بحاجة إلي إغاثات عاجلة . هذا وأفادت تقارير منظمة "أطباء بلا حدود الدولية"، بأن كثيرا من المدنيين في المحافظة في حاجةٍ إلي مساعدات طبية، لكنهم عاجزون عن الوصول إلي المستشفيات بسبب قطع الطرق. وأشارت المنظمة إلي أن القتال الشديد في مدينة الضالع، أدي إلي نزوح نحو 60 % من سكانها تجاه المناطق المحيطة بها، حيث أنها أكثر أمنا واستقرارا مقارنة بالمدينة التي باتت شبه مغلقة. وأضافت تقارير المنظمة تقول " إن إمدادات المستشفيات التابعة لوزارة الصحة في الضالع قد بدأت بالنفاد، وإن مخزون المستشفيات من أدوية الأمراض المزمنة قد نفذ، الأمر الذي يهدد بتوقف علاج المرضي الذين تتطلب حالاتهم متابعة طويلة الأمد." وعن لقاحات الأطفال، أشارت المنظمة إلي " أن كثيرا من الأطفال لم يحصلوا علي الأمصال الطبية اللازمة في المواعيد الثابتة بسب انقطاع التيار الكهربائي الذي يحول دون الحفاظ علي صلاحية اللقاحات، كما أن نقص الغذاء في المنطقة ساعد علي انتشار الأمراض، خاصة أمراض سوء التغذية، والانيميا، وأمراض العظام، للأطفال تحت سن خمس سنوات. أما منظمة الأوتشا، التي تضم منسقي الشئون الإنسانية في الأممالمتحدة فقد أعلنت " أن الأزمة اليمنية هي أحدي أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، وقد تزداد تلك الأزمة سوءاً في العام الجاري، حيث يعتمد ملايين من الفقراء والفئات الأشد فقراً علي مساعدات شبكة الرعاية الاجتماعية لتغطية النفقات الأساسية مثل شراء المواد الغذائية لأسرهم والنفقات الطارئة مثل العلاج والرعاية الطبية وهو ما يصعب ايصاله حاليا .." وأكدت منظمة الاوتشا " أن قرابة 8 ملايين طفل في اليمن يحتاجون إلي مساعدات إنسانية خلال عام 2015 ،اضافة الي وجود أكثر من 330,000 نازح داخل اليمن بسبب الصراعات المسلحة، ويزيد الوضع الانساني سوءاً أن اليمن تستضيف مئات الآلاف من اللاجئين الأفارقة.." من جانبه، أصدر برنامج الاغذية العالمي بيانا جاء فيه" أن أكثر من 40 % من اليمنيين يعانون من انعدام الأمن الغذائي. كما حذرت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الانسان " أن مئات الآلاف من أطفال اليمن أصبحوا معرضين لخطر الموت جوعاً، وأن علي الأممالمتحدة توصيل الإمدادات الإنسانية والدوائية العاجلة الي اليمن ." من جانبه أكدت منظمة الصليب الأحمر الدولي " أن الوضع الإنساني في اليمن يتدهور يوما بعد يوم وأن الوضع في اليمن يمكن وصفه بأنه وضع كارثي.." وقال روبرت مارديني مدير العمليات في الشرق الأوسط في اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي إن التحدي اللوجستي الكبير الذي يواجهنا في اليمن ليس في وصول المعونات، بل يتمثل في الصعوبات التي تواجه عملية توزيع تلك المعونات علي الارض." إن الشعب العربي اليمني يعيش مأساة إنسانية مروعة سواء داخل اليمن أو علي صعيد النازحين اليمنيين إلي شرق أفريقيا ومصر والدول العربية الأخري، لذا فإن علي قادة وحكومات وشعوب ومنظمات المجتمع المدني العربي أن يهبوا لتخفيف معاناة أشقائهم اليمنين.. هذا نداء عاجل..