«عندما تتعافي السياحة سوف تتعافي مصر كلها».. كانت هذه أولي كلمات الرئيس عبدالفتاح السيسي لوزير السياحة المهندس خالد رامي عند أول لقاء يجمعهما.. وهذه الجملة المختصرة اعتبرها الوزير أكثر من كافية ليعرف مهمته خلال الفترة المقبلة. فبدأ في وضع خطط استراتيجية طويلة الأجل لتسويق مصر بطرح مناقصة عالمية بين أكبر الشركات الأوروبية لتنشيط الحركة السياحية في 27 دولة.. وكلف الهيئة العامة للتنمية السياحية بإطلاق مشروعات صغيرة للشباب في جميع المدن السياحية، علي أن تعمل الوزارة علي دعمه ومساندته. وأعلن في حواره مع الأهرام أن مصر تخطت مرحلة تحسين صورتها في الخارج بفضل جهود القيادة السياسية، مؤكدا أن الحركة السياحية ستعود أقوي مما كانت عليه قبل ثورة يناير 2011. وإلي تفاصيل الحوار: تأثرت صورة مصر عقب ثورة يناير 2011 مما أنعكس علي حركة السياحة الوافدة.. فهل تغيرت الآن؟ بالطبع تغيرت تماما واستطاعت مصر الآن أن تنال احترام جميع دول العالم وأصبحت صورتنا إيجابية بصورة دفعت بكبار منظمي الرحلات في دول العالم المختلفة لإعادة توجيه رحلاتهم إلي مدننا السياحية المختلفة بعد أن كانت مصر خارج حساباتهم، وأن ما اتخذته القيادة السياسية من إجراءات داخلية وخارجية جعل العالم يقدر مصر ويدرك أنها تسير نحو الاستقرار بثقة تامة، وهذا ما يدعوني إلي تأكيدا أن الحركة السياحية ستعود بقوة، وهناك مؤشرات نستطيع من خلالها قياس هذه الصورة.. منها أن منظمي الرحلات ينفقون ويستثمرون أموالا ضخمة في تأجير الطائرات والدعاية والإعلان والتعاقد مع الفنادق.. فكيف سيقوم منظم الرحلات بإنفاق هذة الأموال دون أن يكون متأكد من أن سمعة مصر قادرة علي جذب سائحين له.. لذلك أنا علي ثقة تامة في أن مصر تخطت مرحلة تحسين الصورة وبدأت نحو استعادة مكانتها. وماذا عن حملة التسويق الجديدة؟ أعلنت عن بدء إطلاق أكبر حملة تسويقية في 27 سوقا لمدة 3 سنوات وقد تم طرحها في مناقصة عالمية وسيعلن عن الفائز بها خلال شهر أغسطس المقبل.. وهذه الحملة سوف تبدأ بها مصر عصر التسويق طويل الأجل الذي يعتمد علي استراتيجية مستدامة.. وليس علي سياسة رد التسويق اليومي. هل هذه الحملة ستلغي عمل مكاتب هيئة التنشيط بالخارج؟ دور مكاتبنا في الخارج لا غني عنه علي الإطلاق.. وستقوم بمتابعة بعض أدوات التنشيط الأخري مثل الحملات التسويقية المشتركة مع منظمي الرحلات، والخاصة بالتسويق لمقاصد ومدن محددة، وكذلك الحملات التكتيكية التي تختص بدولة محددة دون غيرها. ولكن هل لدينا كفاءات في وزارة السياحة قادرة علي ذلك؟ هذه القضية تغلبت عليها باتخاذ بعض الإجراءات لدفع شبابنا إلي التعلم والدراسة، فقمت بالاتفاق مع رابطة اتحاد شركات السياحة البريطانية ومنظمي الرحلات لعمل دورات مكثفة لشباب الوزارة تدور حول أحدث النظم العالمية للتنشيط السياحي، وإدارة الأزمات، ولن أسمح بأن يتولي مسئولية المكاتب الخارجية إلا من هو علي قدر عال من المهنية والثقافة والكفاءة.. لأن عكس ذلك يمثل إهدارا للمال العام. وهل هناك ميزانية كافية تساعدك علي تحقيق خطط التنشيط؟ لدينا صندوق السياحة الذي أنشئ لهذا الغرض تحديدا، ونقوم بالإنفاق منه علي التسويق، والوزارة لن تبخل علي حملات التنشيط بأي دعم، لأنها ستعمل علي زيادة الأعداد الوافدة، بالإضافة إلي أن الدراسات التي نقوم بها أكدت أن كل دولار نقوم بإنفاقه علي هذه الحملات يعود إلينا مرة أخري بما يفوق 100 دولار، وأستطيع أيضا أن أجزم بأن زيادة الحركة السياحية ستؤدى بالتبعية إلي زيادة الأسعار، وأتوقع أن يصل سعر الفرد إلي ما يقرب من 100 دولار في الليلة الواحدة خلال الأعوام القليلة المقبلة. لكن أسعار السياحة في مصر وصلت إلي أدني مستوى لها خلال السنوات الماضية؟ هذا طبيعي بعد ما مررنا به من أزمات، وكل ما نحتاجه الآن هو العمل والصبر قليلا حتي تعود التدفقات السياحية إلي سابق عهدها، وهنا يجب أن أشيد بمستثمري السياحة الذين استطاعوا برغم هذه الظروف أن يتجاوبوا مع منظمي الرحلات بتخفيض الأسعار، مما أسهم بقوة في سرعة عودة السياحة إلي مصر، ولا أستطيع أن أفرض أسعارا علي الفنادق، ولكن أستطيع تطبيق معايير الجودة، وهو ما سنقوم به في الفترة المقبلة، علاوة علي أن زيادة الحركة السياحية ستؤدي إلي زيادة الأسعار تدريجيا. شركات السياحة أصبحت تحجم عن زيارة بعض المدن لعدم وجود مشروعات ترفيهية؟ سياسة التنمية في قطاع السياحة اعتمدت في وقت ما علي رغبات المستثمرين الذين كانوا يحرصون علي بناء الغرف وحمامات السباحة، وهذا ما كانت تحتاجه الدولة في تسعينيات القرن الماضي عندما كنا نحصل علي 3.2 مليون سائح، وكان عدد الغرف بالكاد يكفي، أما في 2010 فقد حصلنا علي 14 مليون سائح، مما دفعنا إلي الإسراع ببناء الفنادق وأهملنا الظهير الصحراوي الذي كان ينبغي أن يتم توجيهه إلي إقامة المشروعات الترفيهية المكملة لمنظومة السياحة مثل السينمات والمطاعم والمحال التجارية وملاهي الأطفال، لذلك فإننا سنعمل خلال الفترة المقبلة علي توجيه جمعيات المستثمرين في جميع المناطق السياحية علي إقامة هذه المشروعات في الظهير الصحراوي لكل مركز. ولكن لكي تكون هناك استثمارات جديدة يجب أن تقابلها تسهيلات وحوافز؟ في الحقيقة أري أن حزمة التحفيزات الحالية كافية جدا لأي مستثمر، وسوف نقوم من خلال هيئة التنمية السياحية بعمل مسح شامل لجميع المراكز السياحية وعمل تصميم جديد للظهير الصحراوي لإقامة مشروعات سياحية صغيرة سيتم طرحها للشباب ويقوم من خلالها بتطبيق أفكاره التي تتناسب وروح العصر.. وإني علي قناعة تامة أن الشباب لديهم أفكار سوف تسهم في إثراء المدن السياحية المختلفة. وكيف سيتم تمويل هؤلاء الشباب؟ في حال رفض البنوك تمويل مشروعاتهم.. فإننا سنلجأ إلي تكوين صندوق يماثل صندوق أيادي الذي تم إقراره في المؤتمر الاقتصادي لمساعدة المشروعات المتعثرة.. وهذا هو الحل الوحيد والوزارة لن تتدخر جهدا في مد يد الدعم والمساندة لشباب مصر. ما نوعية المشروعات التي سيقوم بها الشباب؟ كما قلت نحن في حاجة ماسة إلي مجموعة من المشروعات الترفيهية والخدمية مثل الموتيلات البيئية ذات التكلفة البسيطة والمطاعم والمحال التجارية وغيرها من الأنشطة التي تسهم في جذب السائحين.. وقد طلبت من هيئة التنمية إعادة تصميم المحاور الرئيسية في المقاصد السياحية المختلفة لتحقيق هذا الأمر. لماذا لا تطبق الوزارة القانون علي شركات السياحة الطاردة؟ الفترة المقبلة سوف تشهد دراسة بعض الملفات، لكن حاليا الوقت لا يسمح بتفعيل المادة الخاصة بتطبيق نسبة ال 20% علي السياحة الجالبة، خاصة ونحن علي أعتاب موسم الحج، وأن اتخاذ أي إجراء الآن سيتسبب في وجود بلبلة نحن في غني عنها، بالإضافة إلي أن هناك نظام المسار الإلكتروني الذي سيكشف لنا العديد من أوجه القصور، وسنري هل سيعمل علي تغيير منظومة هذه الشركات وطريقة عملها أم لا، كما أنه لابد من أن تقوم شركات السياحة بتطوير نفسها لمواجهة التطور التكنولوجي الذي سيطرأ علي جميع مراحل الرحلة بداية من حجز الطائرة وحتي الفندق، فواقع الحال يؤكد أن حجم أعمال التسعينيات لن يتكرر لأن المنظومة اختلفت، ومنذ عهد الدكتور ممدوح البلتاجي وزير السياحة الأسبق كانت هناك مطالبات ليقوم القطاع الخاص بتطوير نفسه، لكن للأسف إلي الآن لم يتم عمل هذا التطوير. ودور القطاع الخاص المرحلة المقبلة؟ أري أن القطاع الخاص هو صاحب الحق الأصيل فيما وصلنا إليه، وأنه تحمل علي عاتقه مسئولية وضع مصر علي خريطة السياحة العالمية، بالإضافة إلي تحمله مسئولية إقامة البنية الأساسية في جميع المدن السياحية، ولعلك تذكر أن هيئة التنمية السياحية في بداية عملها طرحت الأراضي بدولار واحد للمتر، وكانت تجد صعوبة في تسويق الأراضي إلي أن قام القطاع الخاص بتشييد مدن الغردقة وشرم الشيخ ومرسي علم وجميع المناطق السياحية، فقام بعمل البنية الأساسية كاملة من مياه وكهرباء وصرف صحي وغيرها، وأري أنه من واجبي أن أوجه التحية للقطاع الخاص المصري، ورواد العمل السياحي. وماذا عن السياحة العربية؟ بدأت في التعافي والإحصائيات تؤكد أن هناك زيادة في أعداد السياحة الخليجية، وستؤدي حملة مصر قريبة لتنشيط السياحة في كل الدول العربية والوزارة علي استعداد لمساندة الشركات العاملة في هذه السوق لتقوم بدورها في زيادة الحركة. متي تنتهي معاناة الأقصر وأسوان والسياحة الثقافية؟ نقوم الآن بعمل حملة تسويقية ضخمة في السوق اليابانية سوف تظهر آثارها قريبا.. وبدأت الرحلات من الصين تتدفق علي الأقصر وأسوان، بالإضافة إلي تسيير رحلات من المملكة المتحدة سوف تؤدي إلي استعادة هذه المدن لمكانتها من جديد. ما مصير المجلس الأعلي للسياحة الذي لم يجتمع حتي الآن؟ المهندس إبراهيم محلب لا يتأخر عن تلبية كل مطالب القطاع وقد سبق وأكد لي أن المجلس سيجتمع قريبا ليقابل جميع العاملين بالقطاع لحل المشكلات التي تواجهه.