كثرت أخيرا مساجلات وأحاديث ومناظرات تطرقت إلى قضايا دينية تتصل بالفقه الإسلامى وأخرى بالعبادات لعل أبرزها الدعوة الى خلع الحجاب، وضعف بعض الأحاديث النبوية الشريفة الواردة فى صحيح البخاري، وكذلك بعض الظواهر الدينية التى تتمثل فى فتاوى عجيبة وغريبة لا يمكن بأى وسيلة أن تسمى اجتهادا أو تجديدا فى أمور الدين. وما بين الجهل الصارخ بالدين الحنيف وأحكامه، والبعد عن هموم الوطن وقضاياه الراهنة، أكد علماء الدين رفضهم دعوات خلع الحجاب فى تظاهرة عامة بميدان التحرير، واصفين إياها بأنها تحريض على «الفتنة». وامتهان لكرامة المسلمات، وتدخل سافر واعتداء صارخ على حرية وكرامة الإنسان. ويقول الشيخ محمود عاشور، وكيل الأزهر الأسبق، إن هؤلاء الذين اقترحوا فكرة خلع الحجاب أنهم لا يستحقون الرد عليهم لأنهم يعرفون الحقيقة ويحاولون طمسها، والحجاب يزداد كل يوم رغم أنف هؤلاء الذين يحاولون أن يشوهوا الحجاب والمحجبات، فالمحجبات هن الفضليات ولسن كما وصفهن أحد الذين يدعون إلى خلع الحجاب وقد كان وصفه قبيحا، فالحجاب فريضة جاء به الإسلام، وأجمع الفقهاء الأربعة على أن ما ظهر منها الوجه والكفين، وبالتالى فهو فريضة بنص القرآن وبالسنة، وقال صلى الله عليه وسلم (إذا بلغت المرأة المحيض لا يرى منها إلا هذا وهذا وأشار بوجهه وكفيه)، وهؤلاء الذين يدعون إلى العرى والسفور ماذا يقصدون وإلى أين يتجهون، وهل هذه هى القضية التى تشغلهم، أليس هناك من القضايا ما يستحق أن نقف عنده ونتظاهر من أجله، لنبنى مصرنا ونجمع كلمتنا ونوحد صفوفنا ونقف أمام الإرهاب الذى يقتل كل يوم من شبابنا ما يقتل، ألا تستحون مما تفعلون. إنكار للقرآن ويؤكد الدكتور محمد رأفت عثمان عضو مجمع البحوث الإسلامية، وعضو هيئة كبار العلماء، والأستاذ بجامعة الأزهر، أن من ينكر الحجاب ينكر آية من القرآن الكريم، جاءت صريحة فى الأمر به، وهو قول الله عز وجل (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) وقد استثنت الآية الكريمة ما ظهر من المرأة وأرجح آراء العلماء فى تفسير قوله تعالي» إلا ما ظهر منها« هو الوجه والكفان، وهو ما يراه جمهور العلماء، والصحابى الجليل عبدالله بن عباس، (ترجمان القرآن). ويضيف: الذى يشغل نفسه ويريد إشغال الناس بأمور ليست من الشرع عليه أن يلتفت إلى مشاكل المجتمع المصري، ويرينا كيف تحل هذه المشاكل، بدلا من الخروج بأفكار جاهلة يرفضها كل من له معرفة ولو قليلة بالأحكام الشرعية العامة، بل يرفضها المجتمع المصري، بمسلميه ومسيحييه، بتقاليده وأعرافه التى تحترم المرأة ولا ترى فيها شيئا الإ إمتاع عيون المتطفلين بها، ونشير على أصحاب هذا الاقتراح الغريب: اشغل نفسك بقضايا وطنك، وفكر مع المفكرين والمثقفين كيف ترتفع به بدلا من هذه الخزعبلات التى تريد أن تشغل الناس بها. وفى سياق متصل، يرى الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر فرع أسيوط، أن ما نادى به البعض من أنه يريد القيام بمظاهرة لأن تخلع المحجبات حجابهن، وهذه الدعوة لا تصدر من مسلم ملتزم بإسلامه، حيث إن حجاب المرأة المسلمة كما جاء فى فتوى دار الإفتاء المصرية ما نصه (إن حجاب المرأة المسلمة فرض على كل من بلغ سن التكليف وهو السن الذى ترى فيه الأنثى الحيض، وهذا الحكم ثابت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة) أما دليل القرآن فى قوله تعالي:» يا أيها النبى قول لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن....) سورة الأحزاب 59، وقوله تعالى فى سورة النور: (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ماظهر منها وليضربن بخمورهن على جيوبهن..) والمراد بالخمار فى الآية هو غطاء شعر الرأس وهذا نص من القرآن صريح ودلالاته لا تقبل التأويل لمعنى آخر. وأما الإجماع قال أجمعت الأمة الإسلامية سلفا وخلفا على وجوب الحجاب، وهذا من المعلوم من الدين بالضرورة، كما أن الحجاب لا يعد من قبيل العلامات أو أشكال التمييز التى تميز المسلمين عن غيرهم، بل هو من قبيل الفرض اللازم، الذى هو جزء من الدين، ولا يحق لمسلم جاهل بأحكام الدين أن يدعو إلى مظاهرة لخلع الحجاب بعد أن قالت دار الإفتاء الإسلامية المصرية كلمتها فى شأن الحجاب.