ملف التمويل من أهم الملفات التى تصب مباشرة فى منظومة الاستثمار، ومن خلالها يتعرف المستثمر على حقيقية البيروقراطية فى أى بلد. ويشهد العالم تطوراً فى هذا الملف بشكل كبير، حيث تصدر كل يوم آليات وأدوات تمويلية تعزز من انسياب حركة الاستثمار بعيدا عن النظام التقليدى، وهو القرض مقابل ضمانات. ومع بدء العد التنازلى للمؤتمر الاقتصادى، كان لابد من مناقشة آليات التمويل الجديدة ومدى استعداد مصر لدخول سباق الاستثمار عالميا من خلال التشريعات الحالية. وطرحت ندوة التمويل التى نظمها "الأهرام" فى إطار سلسلة الندوات التحضيرية للمؤتمر، عددا من البدائل التمويلية أمام المشروعات الجديدة وبدائل زيادة رؤوس أموال الشركات القائمة أمام القطاع الخاص وكذلك شركات قطاع الأعمال العام، ما يعزز من قدرات المشروعات على التوسع خلال الفترة المقبلة لمواكبة هذه الطفرة التى تلوح ملامحها فى الأفق. فى البداية تحدث شريف سامى رئيس هيئة الرقابة المالية فى البدية، قائلاً: إن الإعلام شريك مهم فى عملية التوعية وإيضاح وسائل وآليات التمويل، فمثلا فى الأسواق المالية غير المصرفية، نلاحظ أن الإعلام يركز فقط على البورصة، ويتجاهل أوجه التمويل الأخرى، فهناك نقص فى هذا الاتجاه. وأضاف إن مصداقية المتحدث للجريدة مشتقة من مكانته واسم مؤسسته، وفى مصر نكون فى حرج لو لم يكون له موقع فى جمعية مهمة حتى نقدمه للقارئ ، لذلك أدعو إلى تاسيس مناهج مشتركة بين كليات الإعلام والاقتصاد لأن القيمة المضافة ستصبح "الإعلام الاقتصادي" وهو ما نفتقده، فالناس لا تعرف الفرق بين صافى الربح ومجمل الربح وربحية السهم والتوزيع. الأهرام: كيف ستكون مشاركة الهيئة العامة للرقابة المالية فى مؤتمر مصر الاقتصادى؟ وماذا أعددتم لتطوير وتنمة الأسواق المالية غير المصرفية؟ - شريف سامي: دور الهيئة الأساسى فى القانون والدستورهو الرقابة والإشراف على القطاع المالى غير المصرفى ويضاف إلى ذلك شأننا شأن الدول الناشئة التوعية بالأدوات المالية، فدورنا هو تنمية السوق ومعنا فى ذلك كل من كينيا والهند والصين، ونخصص وقتا كبيراً من وقتنا ومواردنا لتنمية السوق. وقمنا خلال الفترة الماضية بإعداد عدد من القوانين وتعديلات على عدد آخر منها قانون التمويل المتناهى الصغر وتعديلات قانون التمويل العقاري، وتعديلات سوق المال وتعديلات قانون الصناديق الخاصة، وهذا لتعزيز الدور الرقابى على مختلف الأسواق. وسنوضح أمام المؤتمر ماهى المنظومة التشريعية والتطور التشريعى فى مجال الخدمات المصرفية، وتسليط الضوء على المحاور اللوجيستية والعقارية وما يتعلق بالطاقة. كما أننا مهتمون بإيضاح كيف تخدم التشريعات القطاعات العام والخاص، وعلى اعتبار أن الاستثمار فى تلك المجالات المالية والمصرفية هدفاً فى حد ذاته، فالمال هو عصب وشريان كل شئون البلد، بداية من كبار المسثمرين وحتى الشركات المتوسطة وصولاً إلى المشروعات الصغيرة. لكن لدينا مشكلة هى أننا لا نستطيع سحب وإنفاق ما هو مخصص لنا من جانب الجهات الدولية فيما يتعلق بالتمويل، فمصر دائما الأقل استخداما للتمويل أو القروض، لأننا نأخذ وقتا طويلا فى التحضير واسيفاء المعلومات التى تطلبها جهات التمويل، فامامنا فرص كثيرة ومتنوعة فى و لكننا لا نستغلها الاستغلال الأمثل، وعلى وزارة التعاون الدولى حسن استخدام الأمر والاستفادة منه. وفى منظومة التمويل نجد بعض جهات الخدمات المالية هى مستثمر فى حد ذاته وعلى الأخص شركات التأمين وهى أطراف مهمة جدا فهى الاستثمار الطويل الأجل. وهناك العديد من الأنشطة والأدوات التمويلية فى سوق المال، منها والأسهم والسندات والتأجير التمويلي، الذى ارتفع حجمة العام الماضى إلى 7 إلى مليارات جنيه، ونحتاج بشكل كبير لزيادة حجمة، أما فيما يتعلق بمجال التمويل العقارى فلدينا 11 شركة تمويل عقارى بخلاف البنوك إلا أن حجم أعماله متواضع، وهناك نقطة لابد من توضيحها فيجب فالتمويل العقارى يمكن أن يستخدم لشراء مخرن أو مكتب أو مقر إدارى وليس سكن فقط. وأشير هنا إلى نشاط مهم وهو التمويل متناهى الصغر والذى يمكنة أن يخلق فرص عمل كثيرة لفئات كثيرة فى المجتمع مما يؤثر على حل مشكلة البطالة لذلك سنعمل على تأمين المشروعات المتناهية الصغر. وتعد دولة المغرب من الأمثلة الناجحة فى هذا التأمين المتناهى الصغر، وفى التأمين على المحاصيل وهو نوع من التامين نحتاج إلى تطبيقة لدعم المزارع، فكلما يسرنا على الناس زادت المدخرات القومية. وأدعو الحكومة والهيئات العامة إلى النظر فى أساليب التمويل المتنوعة، وتحضرنى تجربة مع "القابضة للتشييد والبناء" حيث تم الاجتماع بنحو 30 من رؤساء الشركات التابعة، واجتمعنا لمدة 3 أيام، وهو أمر غير مسبوق للحصول على شروط أفضل فى التمويل وكانت نتائج هذه الاجتماعات جيدة للغاية حيث استخدم الحاضرون الكثير من الافكار المطروحة لتمويل عملياتهم وتوسيع أنشطتهم. لقد استحدثنا طرق متنوعة للتمويل منها عن طريق تعديلات سوق المال، منها سندات الإيراد، ونحن لدينا تسهيلات ضخمة بخصوص الأدوات المالية ويجب توعية الجميع بذلك فلا يعقل أن تكون وزارة المالية هى الجهة الوحيدة للتمويل. الأهرام: إن النهوض بالقطاع المالى غير المصرفى أمر حتمى ولكن هل يوجد فى مصر الكوادر الكافية للقيام بذلك؟ شريف سامي: إن كلمة السر فى هذه الموضوع تكمن فى " هيكل الأجور" الذى يساعد على ظهور عناصر فردية ناجحة ، وهناك العديد من المؤسسات فى مصر تعمل فى جزر منعزلة، منها على سبيل المثال القطاع العام والحكومي، الشركات الكبيرة، ثم الشركات الصغيرة، فالشركات الكبيرة لديها العناصر البشرية القادرة وفى القطاع الحكومى نجد من يبرز نجمه، فتستقطبه الشركات الكبيرة أو يضطر للهجرة وهو حقه المشروع، وبالتالى فالحكومة عليها دور صعب جدا لجذب مثل هذه العناصر إلا أن هيكل الأجور فى المشروعات الصغيرة لا يسمح بذلك. إن البنوك وإن كانت تعمل فى الاقراض والودائع إلا إنها بدأت فى إنشاء شركات متخصصة فى تمويل المشروعات الصغيرة ولديها خبرة فى إدارة المخاطر، وأتصور ان التمويل المتناهى الصغر سيجذب البنوك بقوى للدخول فى هذا المجال بشكل كبير. - "الأهرام": وماذا عن التشريعات التى تعكف عليها الحكومة لدراستها حاليا يقول رئيس هيئة الرقابة المالية؟ شريف سامي: إننا اشتركنا فى مشروع قانون باسم "مشروع قانون سجل الضمانات المنقولة" وهو مهم لتقليل مخاطر تأجير التمويل وسيستفيد منه المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر وتم رفع تلك التعديلات إلى وزير الاستثمار لأنه المختص، وكان هذا القانون مطلوب منذ زمن بعيد وللامارات باع كبير فى هذا المجال ودول عدة أخرى. إننا نطمح فى إصدار قوانين براقة لكنها غاية فى الأهمية مثل : "قانون الإفلاس والخروج الأمن من السوق" وهو أهم من قانون الاستثمار الجديد. ولقد أجرينا حوار مجتمعى ايضا حول معايير التقييم العقارى فى مصر، ففى اول مشروع ناقشنا مع 14 خبيرا وبعض الجهات مثل البنك المركزى وهيئة الاستثمار والرقابة المالية ووزارة الإسكان وخبراء من جامعات معنية بالأمر استغرق واستغرقنا 10 شهور وتم عمل مسودة من 93 صفحة وارسلناها لنحو 18 جهة وتلقينا عددا من الردود والملاحظات غاية فى الاهمية. - "الأهرام": وبالنسبة لصناديق الاسثمار العقاري؟ - شريف سامي: إنها مهمة وموجودة فى العالم كله وتواكب تنظيم تشريعاتها مع ظهور تعديلات قانون الضرائب، وتعامل وكأنها شركة عقارية من الناحية الضريبية، مشيراً إلى أن وهناك ارتباك سيتم تجاوزه، ولها عدة أشكال منها صناديق عقارية متخصصة فى مناطق صناعية أو لوجيستية لا تقتصر على كونها "سكن"، لذلك أكدنا فى التنظيم الخاص لها على توجيه 70 % من أموالها لأنشطة مولدة للإيجار وليست مخصصه للبيع بأكملها، لأن غرض الصندوق توزيع الأرباح دوريا . - "الأهرام": وماذا عن "البورصة السلعية"؟. شريف سامي: بالنسبة لخبراء سوق المال فالبورصة السلعية لها مفهوم محدد، ومشكلتها إنها بمفهومها التقليدى يجب ان تكون هناك كميات للتداول فيها، وان تكون هناك أنماط للسلع لكى يكون هناك وصف واضح للبضاعة المتداولة التى يتم التعامل عليه، وتتطلب البورصات السعلية وجود كوادر قادرة على التصنيف والفرز ونحن لا نملك ذلك بشكل واضح إلا فى لجان تحكيم القطن حيث يوجد "الفرازين". إن مؤتمر مصر الاقتصادى محطة مهمة على مسيرة الاستثمار وانه ليس فقط لعرض مشروعات الحكومة وإنما يعكس مصداقية الاقتصاد. أما عن الاتجاه للبورصة لتصحيح هياكل الشركات العامة، فإن الأمر وارد جدا لزيادة رؤوس مال الشركات وليس البيع وهو غرض نبيل لتنمية وانطلاق الشركات ولو كانت هذه خطوة مؤقتة أراها شئ طيب لأننا نكسر "التابوه المشاركة بالإضافة إلى أن القانون يسمح. وقال: أنصح بأن ما يطرح للاكتتاب لابد ان تكون مشروعات مجدية وتدار بعيدا عن قرارات إدارية بحتة. الأهرام : دكتور علاء عز أنت أمين عام اتحادى الغرف المصرية والأوروبية، ما مدى إمكان التنسيق مع المؤسسات الدولية فى دعم التمويل؟ علاء عز: إن الاجابة على هذا السؤال ياتى عبر محورين أولهما النظام البنكى فنحن نتبع النظام الفرنسى المعتمد على الضمانات فقط بينما يجب أن ننظر إلى أنظمة التمويل بلا ضمانات. لقد ذهب بيل جيتس يوما للبنك يطلب تنفيذ فكرة مشروع بلا ضمانات فى أمريكا ووافق عليها مدير الفرع، لينمو المشروع ليصبح الشاب مالك احد اكبر الشركات فى العالم وهى قصة صغيرة تعطى عبرة حول نمو المشروعات المتناهية الصغر، والتى استحالة أن تحدث فى مصر بالآليات البنكية، الحالية ولكن من الممكن أن تحدث عبر الآليات غير البنكية. إن هناك 22 مليار يورو مطروحة عبر جهات دولية كقروض ميسرة بدءا من المعونة الاسترالية والكندية ثم الأمريكية والأوربية والصين ، وتمنح 50 % من تكلفة المشروع. إن المشكلة الأساسية فى غالبية من يريد الاقتراض من تلك الهيئات لا يعلم الآليات واين مكانها وكيفية الحصول عليها، ومعظم هذه الآليات تصرف من بنوك محلية مصرية تتلقى جزء من التمويل ويعاد إقراضه للجهات التى تطلب التمويل. ولكى نعمل خارج هذا الصندوق لابد ان نتعامل مع هيئة الاقراض مباشرة، والمشكلة هى ان اقل جهة تمنح ما بين 15 الى 20 مليون يورو على الاقل ولا تنظر للمشروعات اقل قيمة من ذلك. إن التمويل القادم للحكومة المصرية من هذه الجهات فى النهاية يذهب للقطاع الخاص، فعلى سبيل المثال حصلت الحكومة على 300 مليون لتنفيذ محطة رياح فى طريق الكريمات ففى النهاية من سينفذ؟، بالطبع سيكون القطاع الخاص سواء التوريدات أو الأعمال أو التشغيل. وما هو متاح حتى هذه اللحظة للقطاع الخاص المصرى هو 22 مليار يورو من كل هيئات المعونات عدا الصناديق العربية التى جرى العرف إنها تمول الحكومات ماعدا مبادرة أمير الكويت للمشروعات الخاصة والمتوسطة. وقال إن مشكلة الشركات المصرية إنها لا تستطيع حساب القيمة الحالية عند الحصول على قرض وقيمة الفائدة ومراحل القرض إن ما سيطرح فى المؤتمر الاقتصادى القادم مشروعات ضخمة جدا فى القطاعات المختلفة بالسوق المصرية، ويترقب المستثمرون حاليا التعديلات التى تتم على التشريعات الاقتصادية. إنه من المهم لتلك الكيانات أن ترى ماذا ستفعل الحكومة والقوانين الجديدة للمستثمر، مشيرا إلى انه على الدولة أن لا تصدر تشريعات إلا بعد عمل حوار مجتمعى عليها ولابد من الرجوع الى الغرف التجارية التى لها الحق فى الرد خلال 3 أشهر.
أدار الندوة: رأفت أمين شارك فيها: مها حسن وليد الشرقاوى