منذ تسعة وثمانين عاما وتحديدا في الخامس والعشرين من مارس عام1921 وافق مجلس الأمة التركي علي اختيار نشيد الاستقلال للشاعر محمد عاكف أرصوي نشيدا يعبر عن الأمة التركية. والشاعر محمد عاكف أرصوي, الذي احتفلت به جامعة القاهرة أمس الأول بالتعاون مع السفارة التركية ومركز يونس إمرة للثقافة التركية, عاش في مصر في الفترة ما بين عامي1924 و1936, حيث كان يدرس اللغة التركية بكلية الآداب. أما تركيا كما قال د. زين العابدين محمود عميد كلية الآداب في ندوة الاحتفالية فهي دولة يمتزج فيها النسيج الاجتماعي التركي بالنسيج الاجتماعي المصري, وأما شاعرها ارصوي, فقد كان أحد أساتذة جامعة القاهرة لمدة اثني عشر عاما, وكان له الفضل في نقل وتعليم اللغة والثقافة التركية للدارسين المصريين. ويتحدث سعدي التنوك, المستشار الأول للسفارة التركية, عن مجال جديد للدبلوماسية الحديثة, وهو المجال الثقافي الأدبي, حيث إن الأدب يعد جسرا للتواصل بين الشعوب, خاصة بين مصر وتركيا, لأن تواصلهما يمتد لمئات السنين. وأما شاعرنا أرصوي, فهو يحمل الروح التي تعبر عن الاستقلال في فترة صعبة من تاريخ تركيا, كان عاكف ينادي فيها بالأخذ عن الغرب مع التمسك بالقيم الإسلامية, وكان في الوقت نفسه, وخلال السنوات التي قضاها في مصر, يعبر عن روح الشاعر المحب للعالم الإسلامي بأسره. ويحكي د. شوقي حسن أستاذ اللغة التركية بجامعة القاهرة قصة اختيار عاكف لكتابة النشيد الوطني, حيث أعلنت وزارة المعارف العمومية في تركيا عن مسابقة لتأليف نشيد قومي في أثناء حرب الاستقلال ضد الإمبريالية الأوروبية, وخصصت جائزة ضخمة وتقدم إليها سبعمائة شاعر لم يجدوا في أشعارهم ما يجسد أحلام الأمة, فطلب الوزير من عاكف تأليف النشيد واشترط عاكف ألا يحصل علي مقابل, في وقت لا يملك فيه شراء معطف يقيه برد الشتاء القارس. وقد حاول ضعاف النفوس النيل من النشيد بتوجيه نقد لاذع للشاعر الذي استقدم كلمات كالأذان في نشيد دولة دستورها علماني, إلا أن الشاعر أشار إلي أن الأذان محبب ككلمة للشعب التركي المسلم, كما أنه ليس عدوا للحضارة ولكنه عدو للاستعمار الغربي الذي يتربص بالإسلام والمسلمين. ويستعرض د. شوقي حسن ميلاده باسطنبول عام1873 ودراسته بالمدرسة البيطرية وعمله بوزارة الزراعة, ثم بداية نشره لأشعاره عام1908 وسفره للمرة الأولي في حياته لمدينة الأقصر. وتعتقد د. هند عبدالهادي جامعة القاهرة أن موهبة محمد عاكف تشبه كثيرا موهبة شاعر النيل حافظ إبراهيم, فقد عاشا في نفس الزمن وعايشا نفس ظروف الحرب والرغبة في الاستقلال الوطني. ويشير د. إبراهيم أدهم بولاط من جامعة قرق قلعة بتركيا, إلي عمل عاكف أرصوي في أكثر من مجال منها الصحافة, حيث أصدر العديد من المجلات الأدبية والسياسية باللغة التركية العثمانية.