بعدما واجهت الدولة الاختبار الأول لعنف جماعة الإخوان المسلمين يوم 25 يناير بتكلفة بدت باهظة ماديًا ومعنويًا، واجهت أمس الاختبار الثانى فى « جمعة الغضب 28 يناير « التى حشدت لها الجماعة ومؤيديها الكثير من عناصر الدعم والمساندة من خلال عمليات التعبئة والحشد التى كانت أحداث يوم 25 يناير مقدمة لها، بهدف محاولة تغيير المشهد السياسى على الأرض لصالحها. فكانت دعوتها التحريضية فى بيان صدر مساء الثلاثاء « مصر بتتكلم ثورة « والتى دعت فيها مؤيديها للخروج للشارع وفقا لما أسمته « انتفاضة الغضب 28 يناير والمستمرة حتى يوم غد الجمعة 30 يناير «.عن أوجه القصور الرسمى من التعامل مع تحديات الإخوان، أكد العميد خالد عكاشة الخبير الأمنى فى مكافحة الإرهاب أن الجماعة الإرهابية غيرت من سياستها واستحدثت تكتيكا جديدا فى إثارة الشغب والعنف فى البلاد ،ووسعت من دائرة عملياتها الإرهابية والإجرامية خلال الأيام الماضية ،واستعدت لمظاهرات 25 يناير لتعيد للأذهان أحداث الثورة عام 2011، ناهيك عن محاولاتهم التخطيط لعمليات خلال الأيام القادمة .وأشار خبير مكافحة الإرهاب إلى أن الجماعة تحالفت خلال الفترة الماضية مع حركة 6 إبريل وحزب مصر القوية بقيادة عبد المنعم أبو الفتوح،وبدأت تلك الحركات والأحزاب فى محاولتها لحشد المواطنين عبر مواقعها وصفحاتها لتأجيج البلاد وإحداث حالة من الفوضى فيها،وقد أنفضح هذا التحالف والتى تزعم هذه الحركات أنها ليس لها علاقة بالجماعة الإرهابية ، وهذا غير صحيح إطلاقا، خلافا أن الدعم المالى لا ينقطع من الداخل أو الخارج لتلك العناصر الإرهابية فمازال رأس المال للجماعة يلعب دوره ، فحسن مالك رجل الأعمال فى الجماعة مازال يمولها، فالتحفظ تم على جزء فقط من شركاته ومحلاته، وهنا يجب الوقوف والتصدى لتلك الأموال وتفعيل قرار الحظر بكل دقة والتحفظ على تلك المصادر لإيقاف الدعم عن الأنشطة الإرهابية.وحول الزيارات المشبوهة والتحركات لقيادات الإخوان الهاربة فى الخارج ومنهم البرلمانى السابق جمال حشمت و المستشار المعزول وليد شرابى قال عكاشة إن هؤلاء يتحركون بحرية فهم ليسوا مدرجين إلا على قوائم ترقب الوصول فقط فى مصر، وبالتالى يتحركون كيفما يشاءون فهم لن يأتوا إلى البلاد مرة أخري، خلافا إلا أن مسألة وضعهم على النشرة الحمراء الخاصة للانتربول فهذا إجراء قاصر وشكلي، بمعنى أنهم مثلا موجودون فى تركيا فيقوم الانتربول المصرى بمخاطبة الانتربول التركى لضبطهم، وهنا يقومون بمحاولات تمويه ولا يتم التفاعل والقبض على تلك العناصر الخطيرة، ناهيك عن أن دولا مثل أمريكاوتركيا يدعمان هؤلاء بقوة ، فعندما يتحركون ويسافرون إليهم فإن الأمور تكون مرتبة بدقة عالية، حتى يضمن الدخول الآمن إلى تلك الدول ،فهناك تعاون من سفارات الدول لمنحهم التأشيرات واستقبالهم. ناهيك عن أن حشمت وشرابى قيادات كبيرة فى الجماعة ومنظمين وبالفعل تحركاتهم فى الدول لتلقى تكليفات وعقد اتفاقات جديدة مع منظمات أجنبية لتمويلهم ودعمهم.
فعلى المستوى السياسي، سادت حالة من الانتقاد العام لتلك الدعوات التحريضية على العنف من جانب القوى السياسية بمختلف أطيافها العقائدية.
إذ انتقد حزب النور الدعوة للتظاهرة ورفض المشاركة فيها، أكد عضو الهيئة العليا للحزب صلاح عبد المعبود، رفض الحزب للدعوات للتظاهر فى ذكرى جمعة الغضب مشيرا إلى أن المظاهرات بهذه المرحلة التى نعيشها تؤدى إلى صدام ومزيد من سقوط القتلى والجرحي. واستنكر عبد المعبود أن استهداف الممتلكات العامة وترويع الآمنين ومحاولة نشر الفوضي، والمحاولات الدءوبة للإضرار بمصالح الشعب، موضحاً أن هذه المحاولات ستزيد الشعب إصرارًا على السير فى طريق الاستقرار. وأشار إلى أن هذه الأفعال غير المسئولة تسهم فى اتساع الفجوة بين هذه الجماعات والشعب بسبب انتهاجها للعنف والتفجير.
كما أكد من جانبه مساعد رئيس حزب الوفد وعضو الهيئة العليا سفير نور رفض الحزب المشاركة فى فعاليات أمس التى دعت إليها الجماعة ومؤيدوها، مبررًا هذا الرفض بقوله: منعا لحدوث حالة من الفوضى كما شهدنا يوم 25 يناير. وأضاف أنه يجب تفويت الفرصة على جماعة الإخوان الإرهابية التى تريد زعزعة الاستقرار بالبلاد وجرها للفوضى والعنف كما حدث خلال اليومين الماضيين.
كما اعتبر رئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات، رفض أغلب الأحزاب والقوى السياسية والثورية لدعوات أمس أبلغ وأقوى رد على الجماعات الإرهابية التى تسعى إلى القيام بأعمال عنف وفوضى وتخريب والدخول فى مواجهات غير مباشرة مع الشرطة والجيش. كما دعا كل القوى السياسية والثورية إلى التنازل عن مطالبهم مؤقتا حتى تتفرغ الدولة لمواجهة العناصر الهدامة التى تسعى حاليًا لإفشال الدولة. وأضاف:» بدافع من الضمير الوطنى الذى يحتم علينا كأحزاب وقوى ثورية التكاتف مع الجيش والشرطة لعودة الأمن والأمان للشارع المصرى والحفاظ على أمن مصر القومى «، مؤكدًا أن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء وستمضى مصر فى طريقها تستكمل خريطة الطريق وتحقق تحولها الديمقراطى وسيكون مصير هذه التظاهرات الفشل كالعادة فهناك تفويض منحه الشعب للدولة لمواجهة العنف والإرهاب.
وأعلن حزب المصريين الأحرار رفضه المشاركة بالاحتفالات بيوم الغضب وتوابع ثورة يناير، مراعاة للحالة الأمنية القلقة بمصر، ولتفويت الفرصة على من يحاولون إشعال المشهد السياسي. وقال المتحدث الرسمى للحزب شهاب وجيه إن الدعوة لنزول الشارع خطيرة لأنه من الوارد اندساس عناصر متطرفة بين القوى السياسية لإثارة الفوضى والتخريب، وإن الاحتفال الحقيقى يكون بالعمل والإصلاح وليس بإثارة القلاقل، ونوه إلى أن جهاز الشرطة بحاجة لدعم شعبى فى ظل مواجهاتها لجماعات إرهابية متطرفة وعدو غير تقليدي.
بينما أكد رئيس حزب الكرامة محمد سامى أن الجماعة الإرهابية لديها كل يوم أسباب للدعوة للتظاهر مستغلة ظروف الاحتقان السائدة فى الشارع، وأنه لا احد يفكر فى التعامل مع هذه الدعاوى بأى نوع من أنواع الجدية. وأضاف:» أن الجماعة اعتادت على الترويع وخلق حالة من عدم الأمان عند المواطنين ووصل الأمر لحد الهستيريا، أن تلك الدعاوى التحريضية التى أخذت العديد من المسميات مثل التجمع والتظاهر والاحتفال لم تعد تجد لها آذانا صاغية ولن يستجيب لها أحد بالشارع.
واعتبر نائب رئيس حزب المؤتمر صلاح حسب الله أن مظاهرات الإخوان كادت أن تختفى من بعض المناطق وذكر منها شبرا الخيمة، بسبب ما اعتبره وعى المواطنين بخطورة مظاهرات الجماعة على مصر مستقبل، وأرجع ذلك للمواجهة المشتركة بين رجال الأمن والأهالي. واتهم الجماعة باللجوء على مقاولين لتوريد تلك الشخصيات صاحبة النفوس الضعيفة مقابل مبالغ مالية.
كما انضم لتلك المعارضة الحزبية للمظاهرات، تيار الاستقلال الذى أعلن رئيسه المستشار أحمد الفضالى انضمامه للأحزاب والقوى السياسية التى حذرت من استغلال جماعة الإخوان وكل من يساندها للذكرى الرابعة لثورة 25 يناير وتأييد التيار الكامل لرؤية الحكومة بتأجيل الاحتفال بتلك الذكرى تضامنا مع الشعب السعودى الشقيق. وأكد الفضالى بمؤتمر صحفى أمس، أن مصر فى حالة حرب مع الإرهاب والإرهابيين، ويجب تفويت الفرصة خلال هذه المرحلة الفاصلة بتاريخ الوطن على كل من يريدون إسقاط الدولة المصرية رغم تأكيدنا الكامل أن ذلك لن يحدث أبدًا لكونه لدينا قواتنا المسلحة الباسلة، وأجهزة الشرطة الوطنية ومن قبلهما الشعب المصرى العظيم القادر على حماية بلده.