فى خطاب امتزجت فيه القضايا الدولية مع الشأن الداخلى الأمريكى، من قضايا الإرهاب وحرب داعش والعلاقات مع روسيا، إلى قضايا المناخ وأمن الإنترنت والبيانات الجينية الشخصية، أعرب الرئيس الأمريكى باراك أوباما عن تضامنه مع جميع ضحايا الإرهاب من ضحايا مذبحة مدرسة «بيشاور» فى باكستان إلى الهجمات التى شهدتها شوارع باريس بحسب تعبيره، رافضا الأفكار النمطية عن المسلمين بأنهم إرهابيون، وجدد مطالبته للكونجرس بمنحه تفويضا لشن حرب ضد تنظيم داعش الإرهابي. وقال أوباما، فى خطاب حالة الاتحاد الذى ألقاه فجر أمس بتوقيت القاهرة أمام الكونجرس الأمريكى: «سوف نواصل طرد الإرهابيين وتدمير شبكاتهم، ونحتفظ لنفسنا بحق الرد من طرف واحد، ولم نتوقف عن ذلك منذ أن تم انتخابى عن القضاء على الإرهابيين الذين يمثلون تهديدا مباشرا لنا ولحلفائنا». وأضاف أن الولاياتالمتحدة وشركاءها سينتصرون على تنظيم داعش، ولكنه أوضح أن «هذا الجهد سيتطلب وقتا، ويجب أن نركز على هذا الهدف،وسننجح». وقال الرئيس الأمريكى: «بدلا من الدخول فى حرب جديدة على الأرض فى الشرق الأوسط، نقود تحالفا واسعا يضم دولا عربية من أجل إضعاف داعش، وفى النهاية، تدمير هذا التنظيم الإرهابى». وتابع: «أدعو الكونجرس لكى يظهر للعالم أننا موحدون فى هذه المهمة بتبنى قرار يجيز استعمال القوة ضد تنظيم داعش». وحول ظاهرة الإرهاب بصفة عامة، قال أوباما إن العداء للسامية الذى عاد للظهور فى بعض مناطق العالم شىء يبعث على الأسف، وأكد رفضه للأفكار النمطية «العدائية» عن المسلمين. وأضاف: «بوصفنا أمريكيين، نحترم الكرامة الإنسانية، ولهذا السبب نقول إننا ضد انبعاث العداء المؤسف للسامية فى بعض أرجاء العالم، ولهذا السبب نواصل رفضنا للسلوك المكرر المهين ضد المسلمين الذين يشاركنا القسم الكبير منهم التزامنا بالسلام». وتابع «لهذا السبب منعت التعذيب وعملت من أجل استعمال تكنولوجيا جديدة مثل الطائرات بدون طيار، لهذا السبب ندافع عن حرية التعبير وندافع عن السجناء السياسيين وندين قمع النساء والأقليات الدينية أو (الشواذ)». كما دافع أوباما عن قراره الذى أعلنه الشهر الماضى للسعى إلى تطبيع العلاقات مع كوبا، وحث الكونجرس على رفع الحصار الاقتصادى الذى تفرضه الولاياتالمتحدة على الجزيرة ذات الحكم الشيوعى منذ عام 1961، وقال أيضا إنه حان الوقت لإغلاق معتقل جوانتانامو. كما وجه حديثه إلى روسيا، قائلا إن «القوى العظمى لا يمكن أن تذل الصغيرة»، فى إشارة ضمنية إلى الدور الروسى فى أزمة أوكرانيا، وأكد فى هذا الصدد دعمه للديمقراطية فى كييف ومعاضته لما سماه ب»الاعتداء الروسى» على أوكرانيا. وقال أيضا «العام الماضى، وفى الوقت الذى كنا فيه نقوم بالعمل الصعب من خلال فرض عقوبات مع حلفائنا، اعتبر البعض أن اعتداء (الرئيس الروسى فلاديمير) بوتين يشكل عرضا قويا لاستراتيجية القوة، والآن، الولاياتالمتحدة تقف قوية وموحدة مع حلفائها، فى حين أن روسيا معزولة واقتصادها ممزق»، بحسب تعبيره. وحول إيران، قال الرئيس الأمريكى للكونجرس إنه سيرفض أى محاولة لفرض عقوبات جديدة على طهران ، فى الوقت الذى تستمر فيه المفاوضات بشأن البرنامج النووى الإيرانى، محذرا من أن العقوبات الجديدة من جانب الكونجرس فى هذه اللحظة سوف تفشل الدبلوماسية وتبعد حلفاء أمريكا عنها وتجعل من الصعب الاحتفاظ بالعقوبات وضمان مواصلة إيران لبرنامجها النووى مجددا. ودعا الرئيس الأمريكى أيضا إلى تسريع اتفاقات التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبى ومنطقة آسيا والمحيط الهادى، طالبا من الكونجرس تبنى إجراء لتسريع هذه المفاوضات. وأضاف: «حاليا تريد الصين أن تكتب قواعد فى منطقة آسيا والمحيط الهادى التى تنمو بأقصى سرعة، وهذا الأمر يضع عمالنا وعمال شركاتنا فى موقف صعب، لماذا نترك هذا الأمر يمر؟ يجب أن نكتب هذه القواعد». وحول الوضع الاقتصادى الداخلى، قال أوباما: «هذا المساء نطوى الصفحة»، واستند إلى مؤشرات اقتصادية جيدة ليعلن بداية حقبة جديدة للولايات المتحدة بعد سنوات من الحروب والصعوبات الاقتصادية، طالبا من الكونجرس بضرورة معالجة التباينات الاجتماعية. كما حث الرئيس الكونجرس على تبنى قانون يضمن المساواة فى الأجور بين الرجال والنساء، وتعهد بالعمل من أجل أن تكون إجازات الأمومة والمرض مدفوعة، وندد بكون الولاياتالمتحدة هى «الدولة الصناعية الوحيدة» على الكرة الأرضية التى لا تدفع إجازات الأمومة أو الإجازات المرضية. وتعهد الرئيس الأمريكى أيضا بمكافحة التهديدات التى تواجهها شبكة الإنترنت بنفس قوة مكافحة الإرهاب، بعد أسابيع من تعرض شركة أمريكية لهجوم إليكترونى موسع يرتبط بكوريا الشمالية. وقال: «لا ينبغى أن تكون هناك دولة أجنبية أو مخترق شبكات لديهم القدرة على إغلاق شبكاتنا أو سرقة أسرارنا أو انتهاك خصوصية الأسر الأمريكية خاصة الأطفال». وأضاف أنه ينبغى على الولاياتالمتحدة أن تتولى زمام جهود مكافحة تغير المناخ. كما كشف الرئيس الأمريكى عن أن إدارته ترغب فى تدشين مبادرة جديدة لاستخدام المعلومات الجينية الشخصية للمساعدة فى علاج أمراض مثل السرطان والسكرى. وحث الكونجرس على زيادة تمويل الأبحاث لدعم الاستثمارات الجديدة فى «الطب الدقيق». وقال أوباما «أريد من البلد الذى قضى على شلل الأطفال ووضع خريطة الجينات البشرية أن يقود عهدا جديدا من الطب - طب يقدم العلاج المناسب فى الوقت المناسب».