أكد علماء الأزهر أن تنقية كتب التراث، أصبح أمرا لازما فى ظل ما يعانيه العالم الإسلامى من فكر مغلوط ومتخبط. وأوضح الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن خطورة هذا الفكر أنه يحرك سلوكيات بعض الشباب والبسطاء، إلى ممارسات عدوانية لا تمت للإسلام. وهناك العديد من الكتب والمراجع، فى أمور العقيدة والأخلاق ومقارنة الأديان فيها الغث والثمين، ومع التغييرات التى طرأت فى العصر الحديث، فإن البعض قد يلجأ لهذه الآراء الموجودة فى كتب التراث، دون أن يعرف ظروف العصر التى جاءت فيه وعدم فهم سياقها، وكذلك الجهل بالحالة التى كان عليها المسلمون فى ذلك الوقت، فالبعض قد يأخذ هذه الآراء كحجة ليس فقط على من يعيشون داخل الوطن من غير المسلمين، لكن يحتج بها فى مواجهة المسلمين أنفسهم، فيستبيحون باسم هذه الآراء، أن يكفروا المجتمع والحاكم، لأنه يتعارض مع ما ورد فى بعض هذه الكتب، من القول بالحاكمية والولاء والبراء، ويعتبرون أن كل من لا يطبق هذه الآراء الفقهية، يخالف صحيح الإسلام ويخولون لأنفسهم إعلان الحرب على المجتمع. ويشير إلى أن الخلل فى هذا الاتجاه، يتمثل فى الاعتماد على كل ما ورد فى كتب التراث، مع أن رأى هؤلاء الفقهاء لا يخرج عن كونه رأيا اجتهاديا يحتمل الصواب والخطأ، وبالتالى لا يكون حجة على الكافة، وغاية ما يقال إنه اجتهاد جانب صاحبه فيه الصواب، ومن المتفق عليه أن ما ورد فى كتب التراث قابل للأخذ والرد، والعدول عن بعضها. من جانبه قال الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء، أن التراث يمثل أصالة الأمة وشرعية وجودها، وأمة بلا تراث هى باللقيط أشبه، فالحفاظ على التراث من أهم ما يجب، أما قضية التنقية أو التنقيح أو التوضيح أو الشرح، فهذا أمر لا بد منه فى كل زمان، لأن التراث مادام ليس وحيا ولا كتابا ولا سنة، فهو قابل لأن نزيد فيه شروحا توضحه وتفسيرات تبينه، وفى هذه الحالة ما يصح أن يكون من التراث، لا نستغنى عنه بأى حال من الأحوال، ولكل حالة حكم، ولكل زمان اجتهاداته، فالمفترض أن هناك أمورا جدت فى الحياة، وليس لها مظاهر فى التراث، وهنا نقوم بالنظر فى التراث وفى أصول التشريع الإسلامى على هذه الأمور الجديدة، ونوضح بيان الحكم فيها، ولا يجب أن ندير ظهرنا للتراث، لأن أى أمة تدير ظهرها للتراث ولا تأخذ منه، هى أمة فاشلة ومضيعة لأصولها ومراجعها، وتجديد التراث يكون من خلال أننا نجد بعض المقولات التى تحتاج إلى تفسير، فنقوم بتوضيحها أكثر، وقد نجد بعض الأمور لا تستقيم مع العصر الحالي، وهنا نقوم باستبدالها بما يليق، فالتجديد والتوضيح والتنقية يكون بهذه الطريقة، دون أن يترك التراث ولا نرجع إليه. غربلة القديم وفى سياق متصل قال الدكتور زكى عثمان، أستاذ الثقافة والدعوة الإسلامية جامعة الأزهر، إن تنقية التراث من الغث، يتطلب جهودا مضنية من خلال العلماء المجتهدين كل فى تخصصه، وكل على حسب طاقته، وأن يكون للاجتهاد مكان ومكانه لدى العلماء العقلاء، الذين يتفهمون القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وتنقية التراث تتطلب عملية تتسم بالإخلاص وبصدق النوايا، وألا تكون هناك أغراض سيئة، والعبرة بتنقية التراث هى خلاصة التجارب التى سجلها العلماء، فما كان يتوافق مع زمانهم ولا يتوافق مع زماننا يحتاج إلى غربلة، لأن فترات الزمان تختلف، وبناء على ذلك تختلف الفتوي، مع ثبوت النصوص القرآنية والأحاديث النبوية التى جرى عليها التطبيق الحقيقى.