فى تأكيد جديد على تضامنهما فى مواجهة حمى الإرهاب الدولي، تعهد كل من الرئيس الأمريكى باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون بالتصدى لما وصفوه ب»الأيديولوجية الخبيثة» للمتطرفين الإسلاميين ، مؤكدين على ضرورة السماح لأجهزة المخابرات بتعقب الإرهابيين فى الفضاء الإلكترونى بغض النظر عن المخاوف المتعلقة بحماية الخصوصية. شدد أوباما على اتفاقه مع كاميرون على أن أجهزة المخابرات والقوة العسكرية وحدهما لن يحلا المشكلة، مشددا على ضرورة العمل معا لوضع «استراتيجيات لمواجهة التطرف العنيف الذى يؤدى إلى تجنيد عناصر ودفعها للتشدد ويحشد الناس وخاصة الشباب لممارسة الإرهاب»، مشيرا إلى أن قدرة المتطرفين على التواصل ونشر دعاية وتجنيد الشباب عبر الإنترنت يشكل تحديا للسلطات. وعبر أوباما وكاميرون عن مخاوفهما بشأن المواد المشفرة التى يمكن أن تمنع الحكومات من تعقب متطرفين يعتزمون تنفيذ هجمات. وأكد كاميرون «أننا لا نسعى للأبواب الخلفية» للوصول إلى الاتصالات الإلكترونية. وأضاف «أننا نؤمن بالأبواب الأمامية الشديدة الوضوح من خلال عمليات قانونية تساعد فى المحافظة على أمن بلادنا». وقال أوباما إن الجدل من جانب الجماعات المدافعة عن الحريات المدنية وعن الخصوصية كان «مفيدا» لكنه قال إن الضمانات القانونية قائمة لمنع الحكومة من القيام بدور «الشقيق الأكبر». وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية تتعاون مع شركات التكنولوجيا للتعامل مع مخاوف الخصوصية دون منع التحريات. كما شدد أوباما على أنه لا يعتبر التطرف العنيف تهديدا «وجوديا»، معربا عن ثقته فى القدرة على هزيمته. وحذر من أن «ظاهرة التطرف العنيف من حيث الفكر والتنظيمات والقدرة على تجنيد الشباب امتدت وانتشرت على نطاق واسع. واخترقت مجتمعات على مستوى العالم». وفيما يتعلق بالجاليات الإسلامية، دعا أوباما أوروبا إلى محاولة العمل على دمج جاليتها المسلمة بشكل أفضل داخل المجتمعات الأوروبية. وأوضح أن أهم ما يميز الولاياتالمتحدة «أن المسلمين لا يواجهون مشكلة فى الشعور بأنهم أمريكيون»، وأشار إلى أن الوضع يختلف فى بعض المناطق فى أوروبا، مرجحا أن هذا هو الخطر الأكبر الذى تواجهه القارة الأوروبية حاليا. وأكد أن أزمة الاندماج لا يمكن حلها بالقوة فقط. وأوضح أن هجمات باريس «تكشف أيضا الطريقة التى تحاول المجموعات الإرهابية، مثل القاعدة وداعش، انتهاجها لتقديم المساعدة إلى عناصر غربية لشن اعتداءات». واستدرك قائلا :»سنواصل العمل معا على استراتيجيات للتصدى للتطرف العنيف الذى يجند ويحشد الناس وخصوصا الشباب للقيام بأعمال إرهابية». ومن جانبه، حذر كاميرون، فى مؤتمر صحفى مشترك بعد محادثات استغرقت يومين بالبيت الأبيض، قائلا «إننا نواجه أيديولوجية خبيثة ومتعصبة تريد أن تشوه أحد الأديان الرئيسية فى العالم وهو الإسلام وصناعة صراع وإرهاب وموت. سوف نواجهها مع حلفائنا أينما ظهرت». وانتهز كاميرون فرصة المؤتمر الصحفى للإعلان عن تشكيل قوة أمريكية - بريطانية مشتركة لمكافحة التطرف. وشدد على ضرورة عمل البلدين معا لإيجاد سبل إضافية لتحديد ومواجهة المخاطر الإرهابية فى كلا البلدين. وعلى صعيد الحرب على الإرهاب، استجوبت الشرطة البلجيكية والفرنسية والألمانية عشرات يشتبه بأنهم متطرفون إسلاميون بينما لاتزال معظم دول أوروبا فى حالة التأهب الأمنى القصوى بعد سقوط قتلى فى هجمات فى باريس، ومداهمات فى بلجيكا قتل خلالها شخصان. يأتى ذلك فى الوقت الذى كشف فيه تقرير لشبكة «سى إن إن» الإخبارية الأمريكية أن المخابرات الغربية تسابق الزمن لمنع موجة من الهجمات الإرهابية فى أوروبا بعدالكشف عن وجود أكثر من 20 خلية نائمة تابعة لتنظيم «داعش»، تضم ما بين 120 إلى 180 إرهابيا، كانت تخطط لهجمات فى فرنساوألمانيا وبليجكا وهولندا. ونقل التقرير عن مصادر أمنية إشارتها إلى أن أجهزة مخابرات فى الشرق الأوسط والاتحاد الأوروبى حذرت من تهديدات إرهابية محتملة فى بلجيكا وهولندا. وأشار إلى أن حالة من الذعر تسيطر على المجتمعات الأوروبية بسبب الخلايا الإرهابية النائمة. يأتى ذلك فى الوقت الذى استجوبت فيه الشرطة البلجيكية 13 مشتبها به واحتجزت فرنسا شخصين بناء على طلب من بلجيكا بعد يوم واحد من قتل مسلحين اثنين أثناء مداهمات ضد مجموعة اسلامية قالت السلطات انها تخطط لمهاجمة الشرطة. وفى بروكسل، نشرت الحكومة البلجيكية قوات الجيش لتأمين المواقع والمنشآت الحيوية بدلا من الشرطة، ولا سيما فى مدينة انفير فى الشمال حيث تعيش مجموعة كبيرة من اليهود بعد تفكيك خلية متطرفة كانت تستعد لتنفيذ هجمات إرهابية. وأشار مكتب رئيس الوزراء شارل ميشال فى بيان له «قررت اللجنة الوزارية المصغرة نشر 300 جندى بصورة تدريجية. سيتم نشر هؤلاء الجنود فى بروكسل وانفير. كما يمكن نشرهم فى مدينة فرفييه الشرقية ومواقع أخري». ويعتبر استدعاء الجيش لحفظ الأمن فى بلجيكا الأول من نوعه منذ الثمانينيات. وفى ألمانيا، اعتقلت الشرطة شخصين بعد مداهمة 12 منزلا ومسجدا. وقال متحدث باسم الشرطة إن المشتبه بهما ربما ينتميان لخلية متطرفة جندت مقاتلين للسفر الى سوريا، فى حين كشفت مجلة «دير شبيجل» عن قلق المخابرات الألمانية تتخوف من هجوم إرهابى محتمل يستهدف المظاهرات، التى تشهدها فى كل اثنين وتنظمها حركة «بيجيدا» المناهضة للإسلام.