من المهم أن نعترف بأن شريحة من الشباب وليس كل الشباب المصرى غاضبة ورافضة وغير راضية، وأن كثيرا منهم شاركوا بصورة فعالة فى الثورة على نظام مبارك وعلى حكم الإخوان، وكانوا ضلعا أساسيا فى تحالف ثورة 25يناير عام 2011، وموجتها الثانية فى 30 يونيو عام2013، وهم الآن فى مواقع المعارضة خصوصا بعد صدور قانون التظاهر ،ودخول عدد منهم السجون تحت طائلة هذا القانون الذى يثير حنق الشباب .فماذا يريد هؤلاء الشباب ؟ وكيف نعيدهم إلى صفوفنا ؟ وبمعنى أدق إلى الثورة . إن الشباب فى مصر والذى يمثل نحو 60% من إجمالى عدد السكان يعانون من العزوف أو الهروب من المشاركة السياسية ربما بسبب قلة الوعى السياسى، أو ضعف الثقافة السياسية، أو ضعف الانتماء أو غياب الهوية، أو فقدان القدرة على الحلم بالمستقبل ، أوالخشية من الاعتقال. وكثيرا ما يلقى أغلبية الشباب باللائمة على الحكومة والأحزاب السياسية القائمة التى يتهمونها بأنها لاتستمع للشباب، ولاتقدمهم لممارسة العمل السياسى. وفى لحظة ما شعر الشباب أنهم يخرجون من اللعبة السياسية ويطاح بهم .والشباب فى كل ذلك معذور خصوصا وهو يشاهد أمامه مجتمعا بعد ثورتين لايتغير إلا فيما ندر.إنه يرى أمام عينيه غياب تكافؤ الفرص ،وتوريث الوظائف المهمة ، وتزايد نسبة البطالة ،وانهيار منظومة العلاج، وطرح شقق تصل قيمة الوحدة السكنية الواحدة إلى نصف مليون جنيه ، بالاضافة إلى العشوائيات ،وأزمات المرور ،وامتلاء الشوارع بالقمامة حتى فى أرقى الأحياء بالعاصمة . كل ذلك يرفع من درجة الغضب فى نفوس الشباب الذى يحلم ببلد متحضر تسوده العدالة والحرية بعيدا عن الواسطة والتحايل وسطوة الكبار. إن الدول والمجتمعات التى تؤمن بمستقبلها تفتح الأبواب لشبابها ،فالمستقبل السياسى فى مصر سيحدده شباب الوطن لأنهم الأقدر على الإنجاز فى مجالى العمل السياسى والعام .من هنا لابد أن يجد النظام وسائل للحوار مع هذا الشباب الطاهر ،وإنهاء حالة الغضب والشعور بالمرارة والألم لدى هذه الشريحة من شباب الأمة .ومن المهم أن تحتوى الدولة هموم الشباب،ولا يصح أبدا أن يكون مستبعدا أومهمشا بزعم أن الثورة كانت مؤامرة ،أوأن هناك خونة و«قابضين« .وعلى جميع القوى السياسية فتح قنوات مباشرة وإدارة حوار حقيقى مع الشباب الذين يمثلون الثروة البشرية الحقيقية لمصر،و هذا الأمر يتطلب قدرا من الشجاعة والإبداع فى التواصل مع جيل جديد أتيحت له امكانات هائلة بسبب ثورة الاتصالات والمواصلات لمتتح لغيره من الأجيال السابقة.وينبغى أيضا تشجيع الشباب على المشاركة ،ولفت نظرهم إلى أن المشاركة المتاحة متعددة بتعدد المؤسسات التى يتاح المرور من خلالها .وبالتالى فإن مشاركة الشباب فى الحياة الحزبية والسياسية ضرورة فى حد ذاتها .كما أنها تتيح آفاقا أوسع لإثبات الكفاءة والتميز،والقدرة على العطاء للمشاركة فى العمل العام ،وتعمل أيضا على صقل الشخصية المصرية للفرد وتقبله للآخر وتزيد من قدرته على العمل بروح الفريق الواحد.ومن الضرورى فى هذا الإطار إتاحة فرص مناسبة للأحزاب التى تعد المسئول الأول عن إعداد وتدريب القيادات الشبابية ،ولن يأتى ذلك إلا بقانون انتخابات متوازن يمنع عودة رموز مبارك والجماعات الإرهابية، ويحقق تمثيلا مناسبا لنسبة الشباب من الأمة.ولابد أن تعمل كل الوزارات على تصعيد الشباب الكفء إلى المناصب القيادية ،وتجديد دماء مؤسسات الدولة من القاعدة إلى القمة،. إن الشباب بحاجة إلى من يشعرهم بالأمن والانتماء والنجاح والتقدير ،وإلى من يعطيهم الفرصة ويمتدح الإنجازات التى يقومون بها ،والشباب أيضا بحاجة إلى حل مشكلاتهم ،وتلبية احتياجاتهم بما ينعكس بصورة إيجابية على مشاركتهم فى كل قضايا المجتمع مما يشجع الشباب على الانخراط فى العمل الوطنى. لمزيد من مقالات عبد المعطى أحمد