تربص القدر بالأسرة الصغيرة، وأقسم أن يقتلع فرحتهم من جذورها، فلم تكتف الأقدار بالفقر الذى أحاط الأسرة بأسياخ من حديد، والمرض الذى نخر فى عظام الزوجة الشابة، بل أصر على أن يختطف فرحتهم ويعصف بنسائم الأمان التى تهفو لوجدانهم لم تلتفت الأسرة الصغيرة لقسوة ظروفها، وأصرت على تحدى كل مايعكر عليهم صفو حياتهم، المهم الضحكة الشفافة والقلب الطيب والرضا بكسرة الخبز وقطرة الماء، وأعلنت العائلة الصغيرة ثورتها على الأحزان، وفتحت ذراعيها للحياة، فالمهم أربعة جدران تجمعهم بعد شقاء يوم طويل فى العمل لدى حقول خلق الله. على الرغم من مرارة الحياة إلا أن الأسرة الصغيرة كانت تتجرعها فى حلاوة العسل، وكانت أصوات ضحكاتهم وهم يلتفون حول طاولة الطعام تثير حقد وحسد الجيران، فكيف تنطلق تلك الضحكات الرنانة من أسرة قد لاتجد قوت يومها بالأيام، واستمرت الحياة الحلوة بالأسرة، وأنجبت الأم طفلها الأول يوسف، ثم طفلتها ملك، وافترش الأبوان سنوات العمر بالطموح بأن يصبح يوسف طبيبا أو مهندسا، ولم يدر بخلدهما أن عاصفة سوف تقلع الأسرة من جذورها 0 اجتمعت الأسرة كعادتها كل مساء حول موقد التدفئة لتناول طعام العشاء، وفجأه اندلعت النيران داخل البيت والتهمت يوسف وأباه، بينما تمكن الجيران من إنقاذ الأم وطفلتها من الموت وتم نقلهما إلى المستشفى فى حالة سيئة. ليلة عصيبة عاشها أهالى قرية الفرافرة بمركز سوهاج، قضوها فى محاولة لإطفاء النيران التى اندلعت فى منزل جارهم عمر، حاولوا إنقاذ الأسرة الصغيرة التى تتكون من الأب والأم وطفليهما، الذين تجمعوا للتدفئة من برد الشتاء بعد يوم شاق من العمل .. ولكن للأسف تفحم الأب والابن وسط النيران التى أتت على جميع محتويات المنزل المكون من طابق واحد ومسقوف بالبوص، الذى ساعد على استمرار الحريق وتوهجه .. حالة من الألم سيطرت على أهالى القرية، والحزن يعتصر قلوبهم، و هم يرون جارهم و طفله جثتين متفحمتين، والأم والابنة فى حالة سيئة من آثار الحريق أثناء نقلهما بسيارة الإسعاف للمستشفى لإنقاذهما من الموت ليعيشا فى انتظار المجهول بعد موت عائل الأسرة الوحيد، ودمار المنزل الذى كان يأويهم، ونفوق الطيور التى كانت الأم تقوم بتربيتها لمساعدة زوجها فى مواجهة متطلبات الحياة اليومية، وذلك كله وسط تساؤلات حول مصير هذه الأم والابنة بعد أن يفيقا مما هما فيه .. بدأت القصة المأساوية عندما تلقى اللواء إبراهيم صابر مدير أمن سوهاج بلاغا بنشوب حريق هائل بمنزل فى قرية الفرافرة بمركز سوهاج، فانتقل على الفور العميد حسين حامد مدير المباحث الجنائية، وقوات الحماية المدنية لمكان البلاغ، وتبين للرائد محمود جلال رئيس مباحث المركز نشوب الحريق بمنزل عمر فتحى (35 سنة) عامل بسبب حدوث ماس كهربائى نتيجة سقوط سلك كهرباء هوائى على سطح المنزل، وتم إخطار النيابة التى صرحت بإشراف المستشار هانى كمال الجوهرى المحامى العام لنيابات شمال بدفن الجثتين وانتداب المعمل الجنائى لبيان سبب الحريق و باشرت التحقيق.