لم يكد ينتهي د. الجنزوري من إلقاء بيان حكومته أمام مجلس الشعب حتي سارع معظم رموز حزب الحرية والعدالة إلي الإعلان عن عزمهم سحب الثقة من الحكومة لأن البيان كما يرونه باهتا وهزيلا. ركز علي توصيف الوضع الراهن لكنه لم يقدم رؤية واضحة لمعالجة المشكلات الحالية, المتمثلة في الانفلات الأمني وشيوع الفساد وانتشار الفقر وزيادة البطالة, ولأن البيان تحدث عن برنامج طويل الأمد يتعلق بعدد من المشروعات الكبري للخروج من الوادي الضيق علي حين تواجه البلاد ضغوطا إقتصادية ومالية, يحسن معها أن تركز الحكومة علي برامج متوسطة وقصيرة الأمد تعطي نتائج سريعة!, كما أن البيان لم يقدم للمصريين ما كانوا يتوقعونه, ولهذا السبب فإن حزب الحرية والعدالة باعتباره صاحب أكبر كتلة برلمانية يدعو إلي تشكيل حكومة ائتلافية جديدة من كل القوي السياسية الممثلة في البرلمان, تستجيب لنبض الشارع وتقدم الحلول الصحيحة للمشكلات المثارة, خاصة أن حزب الحرية والعدالة يملك هذه البرامج! وعلي الناحية الأخري تؤكد مختلف القوي السياسية أن حزب الحرية والعدالة لم يفاتح أيا من هذه القوي في أمر تشكيل حكومة ائتلافية, بما يقطع بأن الأمر بأكمله ربما يكون مجرد بالونات اختبار يطلقها حزب العدالة كي تبقي الحكومة تحت ضغوط الأغلبية البرلمانية, والمدهش في الموقف أنه برغم أن أقطاب جماعة الإخوان المسلمين كانوا أول من تحدث عن حكومة ائتلافية يجري التفاوض بشأنها بديلا عن حكومة الجنزوري, يري نفر من جماعة الإخوان أن في الأمر مؤامرة وأن الهدف من الإلحاح علي تشكيل حكومة ائتلافية هو إحراج جماعة الإخوان والتعجيل بفشلها في مواجهة هذا الحجم الهائل من التحديات, وأن فلول الحزب الوطني وعملاء أمن الدولة هم الذين يحرضون علي ذلك!, وعلي حزب الحرية والعدالة ألا يتعجل تشكيل حكومة ائتلافية جديدة قبل أن يكون واثقا من نجاحها. وأخطر ما في هذه الصورة هو حالة التربص التي تتلبس معظم القوي السياسية, وتدفع الجميع إلي المزايدة علي الجميع, يتنافسون في ضراوة علي إشاعة روح الإحباط ويصادرون علي فرص نجاح أي جهد بناء, ولا يطيقون الصبر أربعة أشهر علي بقاء الحكومة إلي حين انتخاب الرئيس الجديد, تركز خلالها الحكومة علي قضية الانفلات الأمني التي ينبغي أن تكون شاغل الجميع, لأنه في ظل الانفلات الأمني يصعب الحديث عن الاستقرار والاستثمار وسد العجز وخفض البطالة وإنعاش السياحة كما يصعب الوثوق بغد أفضل. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد