لم يكن خافيا على أى مراقب ترشيح القدس للتصعيد الدموى بعد موجة الممارسات العنيفة لسلطات الإحتلال الإسرائيلى وقطعان المستوطنين، ضد السكان الأصليين فى القدسالشرقية واجتياح وتدنيس المسجد الأقصى من المستوطنين بحراسة قوات الشاباك الإسرائيلى التى اقتحمت المسجد القبلى بالأحذية، ويتوالى التصعيد الإسرائيلى بإجراءات بالغة التعسف وصلت الى حد خطف سائق من ابوديس شمال القدس وشنقه داخل سيارته ثم الإعلان بأنه انتحر بإرادته، ثم يصحو نتنياهو على كارثة الثلاثاء الماضى، عندما قتل خمسة إسرائيليين، فى عملية طعن وإطلاق نار نفذها شخصان استشهدا بالرصاص، استهدفت، كنيسا يهوديا قرب مستوطنة “راموت” غربى القدسالمحتلة، وقال راديو إسرائيل، إن المهاجمين كانا يحملان سلاحا رشاشا، وبلطات وسكاكين. بالطبع سيقود الحادث الى موجة عنف جديدة ترفع من معدلات الغضب وتعمق الكراهية بما يجعل كل الحلول السياسية المطروحة على الطاولة والتى رفضها اليمين الإسرائيلى مرارا غير كافية ولا تجدى مع تدفق شلال الدم من كل اتجاه، وقد راوغ نتنياهو واليمين الحاكم مايزيد عن 20 عاما من اى استحقاق فلسطينى، حتى وصل الأمر الى إنعدام الأمل فى اى حل لدى الفلسطينيين على الأرض ورفع عوامل اليأس التى حتما ستقود الى موجات جديدة من العنف والعنف المتبادل. وإبقاء الوضع الرهن على ما هو عليه وإحتلال الأرض الى ما لا نهاية امر غير مقبول وغير وارد ومستحيل التحقق، ولا وجود له إلا فى الفكر الصهيونى الذى يمارس أخر إحتلال على وجه الأرض، ويوصد اى افق للحل، فلم يقبل حل الدولة الواحدة ولم يقبل حل الدولتين، ويمعن فى ممارسة دور المحتل صاحب القوة الأوحد على مسرح الأحداث، من هدم بيوت ومصادرة اراض وبناء استيطانى، وحبس إدارى، فجاءت النتائج على غير ما يشتهى نتنياهو وإتلافه، وبالأسلحة الآلية والرشاشات فى قلب القدسالغربية، فتتهاوى حجج الأمن التى يسوقها للناخبين، ويدرك ليبرمان وزير خارجيته الذى يسوق حججا عنصرية لإستمرار الإحتلال، ان السلام هو الطريق للأمن. ومن أحياء القدسالشرقيةالمحتلة خرج الغضب الفلسطينى من البلدة القديمة والشيخ جراح وسلوان وباب العامود، وساعد على اشتعال الموقف التوجه العدائى الإسرائيلى الذى من شأنه التعجيل بإلإنفجار الكبير الذى لن ينحصر بالقدس بل قد يجرف معه مدن الضفة كلها، لأن ما تفعله إسرائيل بالقدس وبالأخص فى المسجد الأقصى هو دعوة صريحة للحرب، لتأجيج الوضع فى الأرض المحتلة وجر المنطقة إلى مزيد من العنف والتطرف. تصعيد إسرائيلى وقد واجهت حكومة اليمين المتعنت موجات الغضب بإصدار أمر عسكرى بوضع اليد على نحو 35 دونما “الدونم ثلث فدان” من أراضى بلدة بيت حنينا شمال القدس، بذريعة الأغراض الأمنية لصالح جيش الإحتلال، مواصلة سياسة الاستيطان من خلال الإعلان عن عملية بناء 2610 وحدة استيطانية فى القدسالشرقية، وإغلاق أبواب المسجد الأقصى، ومنع الفلسطينيين من دخوله، ومنع رفع الآذان واقتحام المسجد من قبل المئات من المتطرفين، فضلا عن هدم المنازل، ومداهمة واعتقال المقدسيين بشكل تعسفي، ويواصل الإئتلاف اليمينى الإسرائيلى الحاكم بقرارت متطرفة عشوائية تشى بغطرسة المحتل الذى يملك القوة أمام مئات الآلاف العزل عن طريق فرض المزيد من القيود والعقوبات، ومن خلال تصريحات نارية بعدم التنازل عن السيادة الإسرائيلية على القدس كلها، فضلا عن الزيارات الإستفزازية للحرم القدسى الشريف. وأدت ممارسات اليمين المتطرف إلى نشوء هذا الوضع المتفجر فى القدس، والممتد على مدار تاريخ طويل من القمع الذى حول القدسالشرقية إلى مدينة معزولة عن الداخل الفلسطينى بعد بناء جدار الفصل العنصرى، ومحاولات تغيير الطابع العربى للمدينة وتهويدها، والإحباط واليأس اللذان يعانيهما سكان القدس نتيجة فقدان الأمل فى حدوث أى تغيير فى الوضع الراهن، لذا ما يجرى اليوم فى شوارع القدس هو ردة فعل الفلسطينى الذى لم يعد لديه ما يخسره وبات مستعدا للقيام بأى شيء للتعبيرعن غضبه ورفضه، وهو لا ينتمى بالضرورة إلى تنظيم سياسى أو ينفذ تعليمات قيادة سياسية، بقدر ما يتصرف بدافع من الثورة الفردية على الواقع. غياب الحسم ومثل عشرات المواقف السابقة ابقت واشنطن على لغة إمساك العصا من المنتصف دون الإشارة إلى طرف أو تحميل طرف بعينه مسئولية تفجر التصادمات على الأرض، حتى لقاء جون كيرى مع الرئيس عباس فى عمان لم يحرزأى تقدم يذكر وجاءت التصريحات عن حل الدولتين وعملية السلام، بشكل نمطى ، وقال بيان وزارة الخارجية ندعو الجميع إلى تجنب المواقف التى تشعل الوضع .. وعلى الجميع ابقاء عيونهم على هدف السلام الشامل. الدكتور نبيل العربى الأمين العام للأمم المتحدة قال إنه يجرى حاليا اتصالات مع الدول العربية ومع القيادة الفلسطينية لدراسة التحركات العربية المطلوبة لوقف هذا العدوان الخطير منوها إلى قرار مجلس الجامعة فى دورته غير العادية حول دعم القضية الفلسطينية والتحرك السريع لوقف العدوان الإسرائيلى الصارخ فى القدس. وأدان المؤتمر الوزارى المنبثق عن منظمة التعاون الإسلامى المعنى بالدفاع عن قضية فلسطينوالقدس، والذى اختتم أعماله فى العاصمة المغربية، وأدان الإنتهاكات الإسرائيلية الخطيرة بحق الشعب الفلسطيني، والخطر الذى يحيق بالمسجد الأقصى من تدنيس وإغلاق والإجراءات الممنهجة لتقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا، واعتداءات المستوطنين على المواطنين الفلسطينيين العزل وممتلكاتهم، وأكد البيان الختامى أن القدسالشرقية، بموجب القانون الدولى وقرارات الشرعية الدولية، هى جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينيةالمحتلة عام 1967، وعاصمة دولة فلسطين، وبالتالى فإن كل ما تقوم به سلطات الاحتلال فى القدس، بما فيها الضم غير الشرعي، والإستيطان، وتهويد المدينة، وتغيير تركيبتها الديمغرافية، وتشويه طابعها وهويتها يعتبر باطلا ولاغيا، ومخالفا للقانون الدولي. وبعث المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأممالمتحدة فى نيويورك الدكتور رياض منصور، رسائل متطابقة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأكد أن الظلم الذى تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلية على الشعب الفلسطينى يعد أحد أسباب الإرهاب والتطرف الذى يعانى منه العالم اليوم. وطالب عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، احمد قريع الأمة العربية والإسلامية بضرورة الانتقال من حالة الشجب والاستنكار إلى العمل ضمن آليات فاعلة بالإضافة إلى دعم المقدسيين وتعزيز صمودهم وثباتهم فى وجه القهر والظلم.