الحكومة الجديدة 2024، تغيير 20 وزيرا    النائب أحمد عبد الجواد: الملف الاقتصادى أبرز التحديات أمام الحكومة الجديدة    محافظ الدقهلية يعتمد تنسيق القبول بالثانوي العام منتظم بمجموع 249 درجة    وزيرة الهجرة تمدّ التسجيل لحضور النسخة الخامسة من «المصريين بالخارج» حتى 9 يوليو    غدا، شعبة الذهب تناقش النسب الجمركية للسبائك الواردة مع انتهاء مبادرة "زيرو جمارك"    المحافظ يحذر.. إغلاق 13 محلًا خالفت المواعيد الجديدة في الإسكندرية - صور    رئيس الوزراء يشهد توقيع اتفاقية بين الصندوق السيادى وشركة الأهلى سيرا    ثبات معدل البطالة في إيطاليا خلال مايو الماضي عند أقل مستوى منذ نحو 15 عاما    الحركة الوطنية: خفض الأسعار وتشجيع الاستثمار أبرز تحديات الحكومة الجديدة    بعد تصريحات جنرالات الجيش بشأن وقف إطلاق النار، جالانت يستدعي رئيس الأركان    فنان فلسطيني: نثمن دور «المتحدة» في دعم غزة.. ومصر السند الحقيقي    فاينانشيال تايمز: ماكرون المنعزل يُكافح لمعرفة ما يخبئه له المستقبل    رئيس وزراء المجر يزور كييف لأول مرة منذ بداية الحرب    خلاف بين لجنة التخطيط بالأهلي وكولر، تعرف على التفاصيل    الدارك ويب، مفارقة جديدة في واقعة طفل شبرا الخيمة    العظمى 40 درجة.. انخفاض معدل الرطوبة يلطف حرارة الطقس بجنوب سيناء    ضبط سيدة بالإسماعيلية لإدارتها كيان تعليمى بدون ترخيص    وفاة الفنان محمد حاكم عن 80 عامًا..والجمعية المصرية للكاريكاتير تنعيه    فيلم عصابة الماكس يحقق 404 آلاف جنيه خلال 24 ساعة بالسينما    «تشع طاقة إيجابية».. 4 أبراج فلكية حياتهم كلها تفاؤل (هل أنت منهم؟)    اللجنة الوطنية المصرية للتربية والعلوم تعقد ورشة عمل حول "حماية التراث".. تفاصيل    أحمد داود: قصة "الهوى سلطان" لم نشاهدها في السينما منذ فترة    تحرير 137 مخالفة عدم الالتزم بقرار غلق المحلات خلال 24 ساعة    وزير الصحة يبحث مع ممثلي شركة «فايزر» سبل التعاون للتصدي وعلاج مرض الهيموفيليا    آلام الولادة تفاجئ طالبة ثانوية عامة داخل لجنة الامتحان بالفيوم    العريش للموسيقى العربية تحيي حفل ذكرى 30 يونيو بشمال سيناء    ماذا يحدث للجسم في حال تناول المخبوزات على الإفطار؟.. طبيبة تجيب (فيديو)    أليسون: فينيسيوس يستحق الفوز بالكرة الذهبية    موعد صيام عاشوراء 2024 وفضله وحكمه في الإسلام    أفضل فرصة استثمارية في الساحل الشمالي.. مطور عقاري يكشف التفاصيل    ضبط قضايا اتجار بالعملات الأجنبية بقيمة 5 ملايين جنيه    تنسيق الجامعات.. تعرف على كلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان    رياضة المنيا: قافلة طبية مجانية للأسر الأكثر احتياجا في قرية الجندية    موقف سيف الجزيري من اللحاق بلقاء الزمالك وفاركو    جهاد جريشة: ياسر عبد الرؤوف وسمير محمود عثمان الأنسب لقيادة لجنة الحكام    لتنفيذ التوصيات.. رئيس «الشيوخ» يحيل 17 تقريرًا إلى الحكومة    قطار سياحي فاخر.. أبرز المعلومات عن «حارس النيل» قبل إطلاقه في مصر    ب الفيديو.. هنا الزاهد تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد "الزواج سم قاتل"    «ربنا فوق الكل».. رد جديد من شقيق شيرين عبد الوهاب بشأن اتهامه ببيع «صفحات التواصل»    تقرير فلسطينى يرصد انتهاكات الاحتلال بالضفة خلال النصف الأول من 2024    هآرتس: الجيش الإسرائيلي ينوي إنهاء القتال في غزة دون التوصل لصفقة تبادل    مصدر مطلع: الحكومة الجديدة تؤدي اليمين أمام الرئيس السيسي غدا    بدء الجلسة العامة لمجلس الشيوخ لمناقشة دراسة نظم الري الحديثة    الكومي: بيريرا مستمر حتى نهاية تعاقده.. وأخطاء التحكيم أثرت على نتائج 8 مباريات فقط    بمناسبة ذكرى 30 يونيو.. جهود الأكاديمية الوطنية للتدريب فى NTA Podcast قريبا    بعد الإفراج عنه.. مدير مجمع الشفاء بغزة: الاحتلال عذبنا بالكلاب البوليسية    الأهلي يبدأ استعداداته لمواجهة الداخلية في الدوري    وزير الصحة يستقبل ممثلي شركة فايزر لمناقشة تعزيز التعاون المشترك    الإفتاء: تعمد ترك صلاة الفجر وتأخيرها عن وقتها من الكبائر    مأمورية خاصة لنقل المتهمين بقتل طفل شبرا الخيمة    14 وفاة و6 ناجين.. ننشر أسماء ضحايا عقار أسيوط المنهار    الثانوية العامة 2024.. توزيع رسائل تحفيزية لرسم الابتسامة على وجوه الطلاب بدمياط    الحوثيون يعلنون تنفيذ أربع عمليات عسكرية نوعية استهدفت سفنا أمريكية وبريطانية وإسرائيلية    أمين الفتوى: وثيقة التأمين على الحياة ليست حراما وتتوافق مع الشرع    بث مباشر، مشاهدة مباراة أمريكا وأوروجواي لحسم التأهل لربع نهائي كوبا أمريكا 2024    الأزهر يعلن صرف الإعانة الشهرية لمستحقي الدعم الشهري اليوم    تصعيد مفاجئ من نادي الزمالك ضد ثروت سويلم    «الإفتاء» توضح حكم تغيير اتجاه القبلة عند الانتقال إلى سكن جديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التراشق بأسلحة الحرب الاقتصادية في أزمة مضيق هرمز
نشر في الأهرام اليومي يوم 14 - 01 - 2012


إشراف‏:‏ سجيني دولرماني
خلال ساعات قليلة من تشدق الأدميرال حبيب الله سياري قائد البحرية الإيرانية بقوله إن إغلاق مضيق هرمز لن يستغرق وقتا أو جهدا يزيد عما يحتاجه لشرب كوب من الماء. قفزت أسعار البترول بنسبة4% وظلت مستقرة عند مستوي فوق مائة دولار للبرميل مع تصاعد وتيرة المواجهة بين إيران والغرب علي الرغم من عودة تدفق البترول الليبي إلي الأسواق الدولية, وتراجع الطلب علي البنزين في الولايات المتحدة, وتفاقم المخاوف بشأن ركود اقتصاديات دول الاتحاد الأوروبي. إغلاق مضيق هرمز ولو جزئيا يمكن أن يرفع سعر البترول50 دولارا إضافيا خلال أيام وفقا لتوقعات الخبراء, ويرفع تكلفة استهلاك الوقود في الولايات المتحدة في عام انتخابات الرئاسة الأمريكية, وهو ما يعني أن التراشق بأسعار البترول وأسلحة الحرب الاقتصادية ستتصدر السيناريوهات المتعددة للمواجهة حول البرنامج النووي الإيراني العام الحالي. فإيران تسعي إلي رفع التكلفة الاقتصادية التي سيتحملها الغرب ردا علي كل إجراء عقابي يتخذه ضدها علي أمل تعبئة الرأي العام الغربي ضد هذه الاجراءات, والغرب يسعي إلي تصعيد الضغط العقابي الاقتصادي علي إيران بغرض إرغامها علي التفاوض حول برنامجها النووي وفقا لشروطه. هي حرب لن يكون فيها رابح أو خاسر, فطبيعة التراشق بأسلحة الحرب الاقتصادية هي أنها تسبب الخسائر لكل الأطراف.
ليست هذه المرة الأولي التي تهدد فيها إيران بإغلاق مضيق هرمز الذي يبلغ اتساعه في أضيق نقاطه21 ميلا, وفي أوسع نقاطه35 ميلا, ويمر من خلاله14 ناقلة بترول يوميا في الاتجاهين, تنقل17 مليون برميل بترول تمثل20% من التجارة العالمية للبترول و35% من تجارة البترول المنقولة بحرا. فقد سبق أن قامت بعرقلة حركة المرور فيه إبان الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي ببث الألغام في الممرات البحرية. وليس من الصعب عسكريا أو فنيا إغلاقه لعدة أيام أو أسابيع. فإيران تملك القدرات البحرية والجوية والصاروخية المتطورة التي تمكنها من ذلك, ويمكنها كما أثبتت المناورات البحرية التي أجرتها علي مدي عشرة أيام وستستكملها بمناورات أخري- إلحاق خسائر نوعية علي قطع وسفن الإسطول الأمريكي الخامس في حالة قيامها بهجوم لفتح المضيق أو تحدي الحظر الذي فرضه قائد الجيش الإيراني علي عودة حاملات الطائرات الأمريكية إلي مياه المضيق.
ولكن من الصعب تخيل حجم التكلفة الاقتصادية التي ستتحملها إيران إذا تدخل الغرب بكل قوته لفتح هذا المضيق الحيوي والسيطرة عليه إن آجلا أو عاجلا. فالمضيق هو أيضا المنفذ الإيراني الوحيد لتصدير بترولها(4,2 مليون برميل يوميا). فإيران هي ثالث أكبر مصدر عالمي للبترول وثاني أكبر منتج له داخل منظمة الدول المصدرة للبترول' الأوبك' ويمثل إنتاجها4% من الإنتاج البترولي العالمي. وهو في الوقت ذاته يمثل60% من الناتج المحلي الإجمالي الإيراني و80% من إيراداتها من العملات الصعبة. والأكثر أهمية من ذلك أن ما يزيد علي نسبة85% من البترول وأغلب الغاز المسال الذي يمر عبر المضيق الآن يتجه إلي عملاء إيران الآسيويين مثل الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية الذين ستتضرر علاقاتهم بإيران بسبب انقطاع الامدادات البترولية, أو ارتفاع أسعار البترول, وتكلفة التأمين علي الناقلات. بل إن بعض هذه الدول بدأت في إبرام صفقات بترولية مع مصادر بديلة أو المساومة علي شراء البترول الإيراني بأسعار أقل مثلما فعلت الصين مؤخرا التي تشتري11% من البترول الإيراني وخفضت مشترياتها منها إلي النصف في شهر يناير الحالي مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي وهو ما يضع إيران علي الطرف الضعيف من المعادلة. وفي المقابل فقد تعهدت السعودية والمنتجون الخليجيون الآخرون بتعويض أوروبا والولايات المتحدة بنقل البترول عبر خطوط أنابيب أرضية يمكنها نقل خمسة ملايين بترول, ويمكنهم كذلك الاعتماد علي ما لديهم من مخزون استراتيجي ولكن ما لا يمكنهم الإفلات منه هو النتائج الاقتصادية المترتبة علي ارتفاع أسعار البترول عالميا لفترات طويلة, واحتمالات وقوع عمليات تخريبية ضد خطوط النقل البديلة.
سياسة حافة الهاوية
السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا يلجأ الطرفان إلي سياسة حافة الهاوية والتراشق بأسلحة تلحق الضرر بمصالحهما؟ الإجابة الوحيدة هي فشل الطرق الدبلوماسية والسياسية واقتناع كل الأطراف بعدم وجود حل عسكري لأزمة البرنامج النووي الإيراني. وبالتالي فإيران تسعي لتعظيم الضرر الاقتصادي الذي يلحق بالغرب علي أمل شراء وقت يمكنها من إنجاز تطوير قدراتها وامتلاك مفاتيح الدورة النووية الكاملة علي نحو يؤهلها للتفاوض من موقف القوي, وتحاول إثناء الغرب عن فرض عقوبات جديدة موجعة, وتريد الإفلات من غضب المواطن الإيراني وتحميل الغرب مسئولية معاناته اليومية في وقت يتأهب فيه النظام لخوض انتخابات تشريعية في شهر مارس المقبل وهو في أكثر حالاته ضعفا بسبب الانقسامات والصراعات الداخلية بين أقطابه. فالعقوبات التي تم فرضها حتي الآن تسببت في ارتفاع أسعار المواد الغذائية, ونقص المواد المستوردة, وفقد الريال الإيراني لنسبة40% من قيمته خلال شهر وهو ما دفع البنك المركزي الإيراني إلي التدخل في الأسواق, وفرض قيود علي تعاملات الصيارفة في العملات الصعبة.
وفي المقابل يعتقد الغرب-خطأ أو صوابا- أن تصعيد الضغط الاقتصادي هو وسيلته الوحيدة المتاحة لإجبار النظام الإيراني علي الامتثال للشروط الغربية. ولهذا فقد شهدنا تصعيدا للضغط منذ أن كشفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقرير لها في شهر نوفمبر الماضي عن أنشطة تثير الشكوك حول عسكرة البرنامج النووي الإيراني, وهو ما يعززه إعلان طهران عن بدء عمليات تخصيب اليورانيوم في موقع تحت الأرض قرب مدينة قم إلي مستوي نقاء20% الذي يمثل العتبة الأولي للوصول إلي مستوي النقاء اللازم لامتلاك القنبلة النووية.
لعل أقوي هذه الاجراءات ما أقره الرئيس الأمريكي أوباما في31 ديسمبر الماضي من اجراء يمنع الشركات الأجنبية التي تتعامل مع البنك المركزي الإيراني( يتم من خلاله نصف التعاملات الخاصة بالعقود البترولية) من التعامل مع النظام المالي الأمريكي. الهدف الأساسي من وراء هذا الاجراء هو وضع كبار المشترين الآسيويين للبترول الإيراني خاصة اليابان والصين والهند بين خيار استمرار شراء البترول الإيراني أو فقد أسواقهم التصديرية الأمريكية. صحيح أن هذه الاجراءات ستطبق تدريجيا و سيتاح لمشترين آخرين مثل تركيا التي تعتمد علي استيراد30% من وارداتها البترولية من إيران اعفاء مؤقتا إلي حين ترتيب أوضاعهم ولكن الرسالة واضحة وهي أن الضغط سيتصاعد تدريجيا.
عقوبات أوروبية
الاتحاد الأوروبي من جانبه يستعد لفرض حظر كامل علي مشترياته البترولية من إيران خلال القمة التي ستعقد في نهاية شهر يناير الحالي إذا ما تم حل الخلافات بشأنه بحلول هذا الموعد. فواردات الاتحاد الأوروبي من البترول الإيراني ربما لا تكون كبيرة, فهي لم تتجاوز8,5% من إجمالي وارداتها في عام2010, ولكن المشكلة في دول مثل إيطاليا اليونان وإسبانيا والبرتغال التي تعتمد بدرجة أكبر علي البترول الإيراني, وشركاتها تستثمر في الأنشطة البترولية الإيرانية مثل شركة' إيني' الايطالية, وهي أيضا الدول التي تواجه مشكلات صعبة في عجز موازناتها, وستتأثر أوضاعها الاقتصادية سلبا بأي ارتفاع جديد في أسعار البترول. الاتجاه هنا أيضا هو نحو تطبيق الحظر تدريجيا وعلي مراحل مع احترام العقود المبرمة والسماح للسوق الأوروبية للتكيف مع توقف الامدادات الإيرانية. ولكن في حين أن الخلافات حول الحظر البترولي قابلة للاحتواء فإن الأمر لا يبدو ممكنا في مسألة حظر التعامل المالي الأوروبي مع الشركات التي تتعامل مع البنك المركزي الإيراني.
مصدر القلق هو أنه لا أحد يمكنه حسم النتائج المترتبة علي التراشق بأسلحة الحرب الاقتصاية مسبقا, وما إذا كانت الأضرار التي ستلحق بكل طرف كافية لدفعه إلي منطقة الوسط اللازمة للتوصل إلي اتفاق. فالجانب الإيراني يؤكد تارة أن بإمكانه التغلب علي عاصفة العقوبات دون التخلي عن طموحاته النووية المشروعة, وله سوابقه التاريخية التي تدعم حجته وتارة أخري يخشي من التأثيرات السلبية للعقوبات علي المواطن الإيراني وعلي تماسك النظام ذاته فيلوح باستعداده للتفاوض. والغرب يأمل أن تكون عصا العقوبات الغليظة بديلا عن الفشل الدبلوماسي والمواجهة العسكرية التي لم يتوفر التأييد اللازم لها بعد وأن تختار طهران التفاوض وفق شروط الغرب علي تصعيد الموقف. والنتيجة هي أن كل الأطراف تتجه نحو حافة الهاوية علي أمل الرجوع عنها سالمة ولكن يكفي خطأ حسابي واحد, أو تصرف غير مقصود ليكون الثمن المدفوع باهظا علي كل الأطراف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.